استمع إلى الملخص
- كشفت التحقيقات عن استخدام بسام علي لحقن قاتلة لتصفية المعتقلين، وتواصل الجهات المختصة التحقيق للكشف عن شبكة الجرائم وشركائه المحتملين.
- بدأت ألمانيا محاكمة الطبيب السوري علاء موسى بتهم جرائم ضد الإنسانية، ووثقت منظمات حقوقية دولية هذه الانتهاكات بصور "قيصر" المسرّبة التي أظهرت آلاف الجثث لمعتقلين.
استمراراً لجهودها في ملاحقة فلول النظام السابق، أعلنت مديرية أمن دمشق عن إلقاء القبض على أحد الضباط السابقين في مستشفى تشرين العسكري الطبيب بسام علي. وجاءت عملية اعتقال بسام علي بعد تحقيقات ومتابعة دقيقة كشفت عن تورطه في جرائم مروعة ارتُكبت بحق المعتقلين خلال حقبة النظام المخلوع. وبحسب ما أعلنت وزارة الداخلية السورية، مساء أمس الثلاثاء، فإن الطبيب بسام يُعتبر من أبرز المتورطين فيما وصفته بـ"الجرائم الطبية" التي حوّلت مستشفى تشرين إلى ما يشبه مسلخاً بشرياً، حيث شارك بشكل مباشر في عمليات تعذيب المعتقلين وقتلهم، فضلاً عن تورطه في تجارة الأعضاء البشرية وابتزاز ذوي المعتقلين مقابل وعود بالإفراج عن أبنائهم أو توفير العلاج لهم.
كما كشفت التحقيقات الأولية، وفق وزارة الداخلية، عن ضلوع بسام علي في تصفية عدد من المعتقلين داخل المستشفى، عبر حقنهم بمواد قاتلة، في انتهاك صارخ للأخلاقيات الطبية وكل المواثيق الإنسانية. وأكدت الوزارة أن الجهات المختصة تتابع التحقيق مع المجرم للكشف عن شبكة الجرائم التي كان جزءاً منها، ومعرفة شركائه المحتملين، تمهيداً لتقديمه إلى القضاء لينال العقاب المناسب على ما ارتكبه من انتهاكات بحق السوريين.
وتحوّلت المستشفيات العسكرية في سورية، ولا سيما مستشفى تشرين العسكري ومستشفى حرستا العسكري (601)، خلال سنوات الثورة السورية إلى أماكن احتجاز وتعذيب ممنهج بحق المعتقلين، وُصفت في شهادات ناجين بـ"المسالخ البشرية". وكانت هذه المستشفيات تدار من قبل ضباط في الأمن العسكري والأجهزة الأمنية، وتضم طواقم طبية شاركت بشكل مباشر في التعذيب، أو غضّت الطرف عن الانتهاكات، أو ساهمت فيها تحت غطاء "الرعاية الطبية".
كما أظهرت التحقيقات تواطؤاً صريحاً من بعض أفراد الكادر الطبي في إخفاء آثار التعذيب، عبر إعداد تقارير طبية مزورة تنكر وجود إصابات ناجمة عن العنف. إلى جانب ذلك، جرى توثيق استخدام أدوات طبية مخصصة للجراحة والتخدير في عمليات انتزاع أعضاء بشرية من المعتقلين، في واحدة من أبشع الانتهاكات التي طاولت الضحايا داخل تلك المستشفيات. وأفاد عدد من الناجين أن أوامر التعذيب، في بعض الأحيان، كانت تصدر عن ضباط أطباء، ما جعل المؤسسة الطبية شريكاً مباشراً في آلة القمع الأمني.
وبدأت ألمانيا في الـ19 من يناير/كانون الثاني عام 2022 محاكمة الطبيب السوري علاء موسى، المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بينها تعذيب وقتل معتقلين خلال عمله في مستشفيات وسجون عسكرية في حمص ودمشق بين عامي 2011 و2012 خلال حُكم نظام بشار الأسد المخلوع. وواجه موسى الذي لجأ إلى ألمانيا عام 2015 واعتُقل عام 2020، 18 تهمة تتعلق بالتعذيب، بالإضافة إلى تهمة القتل العمد. وتشمل الاتهامات قيامه بجراحة من دون تخدير، ومحاولات حرمان سجناء من الإنجاب، وتعذيب مراهق عبر حرق أعضائه التناسلية في أحد مستشفيات حمص العسكرية.
كما عمل موسى في المستشفى العسكري 601 بدمشق، الذي ظهر في صور "قيصر" المسرّبة كونه من أحد المواقع التي شهدت انتهاكات واسعة بحق المعتقلين، وفق تقارير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش". ووثّقت منظمات حقوقية دولية، أبرزها منظمة العفو الدولية، هذه الانتهاكات في تقارير مفصلة، كان من أبرزها تقرير صدر عام 2017 بعنوان "سجن صيدنايا: مسلخ بشري"، الذي كشف عن دور المستشفيات العسكرية في تنفيذ عمليات إعدام ممنهجة وتعذيب المعتقلين، بتنسيق مباشر مع الأجهزة الأمنية.
كما جاءت صور قيصر، التي سرّبها مصوّر عسكري منشق عن النظام السوري، لتدعم تلك المزاعم، حيث أظهرت آلاف الجثث لمعتقلين قضوا تحت التعذيب، وقد التُقطت العديد من تلك الصور داخل مستشفيات عسكرية مثل مستشفى تشرين وحرستا، ما وفّر أدلة بصرية دامغة على الطبيعة الممنهجة لتلك الجرائم.