الخارجية العراقية: نحو ثلاثة آلاف مواطن مفقودون في الخارج
استمع إلى الملخص
- أكد وكيل وزارة الخارجية على الجهود لاستعادة المطلوبين بجرائم فساد مالي، مشيراً إلى اتفاقيات مع دول واستخدام الإنتربول لتقديم ملفات بعد صدور الأحكام.
- أشار الخبير علي العبادي إلى تعقيد ملف المفقودين بسبب غياب قاعدة بيانات دقيقة، مؤكداً على أهمية التعاون الدولي واستخدام تقنيات حديثة لضمان حقوق العائلات.
كشفت وزارة الخارجية العراقية عن أن نحو ثلاثة آلاف مواطن "من مختلف المكونات" مفقودون خارج البلاد، وفقاً لما نقلته اليوم الاثنين وكالة الأنباء العراقية (واع)، بينما لا زالت عائلات عراقية تعيش حالة من القلق والانتظار لمعرفة مصير أبنائها المفقودين. وكانت محكمة استئناف الرصافة في بغداد قد أعلنت، في وقت سابق، أن المركز الوطني للتعاون القضائي ينسق مع دول ومنظمات دولية لملاحقة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية، مؤكدة أن "ملفات سرية تخص كبار المجرمين فرّوا لخارج العراق سيتم الكشف عنها خلال الأشهر المقبلة".
وقال وكيل وزارة الخارجية، هشام العلوي، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، إن "الأرقام التقريبية للمختطفين والمفقودين تشير إلى وجود نحو ثلاثة آلاف شخص من مختلف المكونات (من الأزيديين والتركمان والمسيحيين)، ما زالوا في أماكن مختلفة، ويشمل ذلك أطفالاً ونساء وفتيات". وأضاف: "هناك تعاون مع الجهات القطاعية العراقية، إلى جانب اللجنة الدولية لشؤون المفقودين، والدول التي يُعتقد بوجود هؤلاء الأشخاص فيها، وهناك اهتمام كبير بهذا الملف، كما تمت إعادة العشرات من المفقودين خلال السنوات الماضية من مختلف الفئات، من أطفال ونساء وفتيات ونولي أهمية لهذا الموضوع لأن العديد من الأسر التي فقدت أحبتها لا تزال تبحث عن مفقوديها، بالتالي فإن المساعدة في إعادة أطفالهم ونسائهم أمر بالغ الأهمية".
وكشف العلوي أنه "تمت خلال الأشهر الماضية استعادة عدد من المطلوبين المتهمين بارتكاب جرائم فساد مالي وتقديمهم إلى القضاء، والعراق لديه عدد من الاتفاقيات مع عدة دول بخصوص تسليم المطلوبين والمتهمين، ويعمل من خلال آليات الشرطة الدولية (الإنتربول)، عبر تقديم ملفات متكاملة بعد صدور الأحكام من المحاكم العراقية المختصة، ونحن مستمرون بهذه الجهود".
من جهته قال الخبير في شؤون حقوق الإنسان علي العبادي، لـ"العربي الجديد"، إن "ملف العراقيين المفقودين في الخارج ما زال من أعقد الملفات الإنسانية التي لم تحسم منذ سنوات طويلة، وآلاف العائلات العراقية ما زالت تعيش حالة من القلق والانتظار لمعرفة مصير أبنائها الذين فقدوا في الحروب أو خلال موجات النزوح والهجرة". وبين العبادي أن "غياب قاعدة بيانات دقيقة وموحدة بين العراق والدول التي يُعتقد بوجود المفقودين فيها، يُعقد من عملية التتبع والتحقيق، وهناك أهمية لتعاون المنظمات الدولية، خاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة، مع الحكومة العراقية لتشكيل آلية شفافة وفعالة لكشف مصير هؤلاء الأشخاص".
وأضاف العبادي أن "الكشف عن مصير المفقودين لا يقتصر على كونه واجباً إنسانياً فحسب، بل هو استحقاق قانوني وأخلاقي يضمن حق العائلات في معرفة الحقيقة، ويمهد لخطوات نحو العدالة وجبر الضرر، ولهذا يجب إطلاق حملات توثيق موسعة، وتفعيل دور السفارات العراقية في متابعة الملفات، إضافة إلى الاستفادة من تقنيات الحمض النووي وقواعد بيانات اللاجئين والمهاجرين، بما يسهم في إنهاء معاناة آلاف الأسر العراقية". وشدد الخبير في شؤون حقوق الإنسان على أن "تجاهل هذا الملف يعد خرقاً صارخاً للمواثيق الدولية وحرماناً لعشرات الآلاف من العائلات العراقية من أبسط حقوقها في معرفة مصير أبنائها، خاصة أن العراق فقد خلال الحروب المتعاقبة والاضطرابات الأمنية أعداداً كبيرة من مواطنيه، بعضهم اختفوا في دول الجوار والبعض الآخر في طريق الهجرة نحو أوروبا، ومع ذلك لا توجد حتى الآن إرادة سياسية حقيقية ولا تعاون دولي كافٍ لكشف مصيرهم".
ومنذ عقود، يعيش آلاف العراقيين مأساة الغياب والاختفاء في بلدان مختلفة حول العالم، نتيجة الحروب المتعاقبة، والأوضاع الأمنية غير المستقرة، إضافة للنزاعات الطائفية، وموجات الهجرة واللجوء التي دفعت بالكثيرين إلى خارج البلاد. ومع مرور السنوات، ما زالت ملفات المفقودين العراقيين في الخارج مفتوحة، حيث تتوزع قصصهم بين لاجئين انقطعت أخبارهم، ومهاجرين اختفوا في ظروف غامضة. ورغم الجهود التي تبذلها بعض المنظمات الحقوقية والإنسانية، لا تزال عملية التوثيق بطيئة، وتغيب الإحصاءات الدقيقة، مما يزيد من تعقيد المشهد.