الحوثيون والتصنيف الأميركي

الحوثيون والتصنيف الأميركي

26 يناير 2021
من تحرك لمناصري جماعة الحوثيين رفضاً للقرار الأميركي (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

تعاملت الخارجية الأميركية في عهد دونالد ترامب مع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) كما مع باقي المنظمات الإرهابية الإقليمية والدولية، وهذا خطأ ينم عن قصور في فهم الحالة اليمنية الشاذة بكافة الملفات والقضايا والأزمات. فقد احتفت الجماعة بإدراجها في قوائم المنظمات الإرهابية الأجنبية، معتبرة التصنيف الأميركي وسام شرف وشهادة يُعتز بها، بما يجعل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أمام ضرورة إعادة النظر في القرار. يزيد ذلك من عمق المأزق في اليمن، الذي يبدو أنه تحوّل إلى لغز محيّر بالنسبة لفيروس كورونا وسلالته المتحورة، وحالة نادرة للمنظمات الأممية التي تعلن مطلع كل عام أن مليون طفل يمني سيموتون من المجاعة، فيأتي العام الذي يليه ويكبر الأطفال ويلتحقون بالجبهات، وكوميديا سوداء بالنسبة لقادة دول العالم الذين تتلقى مكاتبهم برقيات تهنئة في الأعياد الوطنية من 3 شخصيات مختلفة تقول إنها تمثل الجمهورية اليمنية.

أما بالنسبة لجماعة الحوثيين التي تردد شعار "الموت لأميركا وإسرائيل"، فقد تحقق الحلم بعد التصنيف الأميركي، وأثبتت لأنصارها أن الخرافات التي كانت ترددها على مدار 10 سنوات باتت حقيقة ملموسة، وأنهم كانوا يقاتلون أميركا ويقفون في وجه مصالحها، كما أعلن المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، الثلاثاء الماضي.

ومع دخول التصنيف الأميركي للحوثيين أسبوعه الثاني اليوم الثلاثاء، فإنه لم يحقق أي ثمار سياسية أو عسكرية. وفي وقت كانت فيه المنظمات الأممية تندد بالخطوة التي اتخذتها إدارة دونالد ترامب وتعتبرها بمثابة حكم إعدام على الشعب اليمني، كان المتحدث باسم الجماعة يعلن ألا تداعيات سياسية أو اقتصادية أو إنسانية لأنهم قد قطعوا كافة المراحل ولا يعيشون على مساعدات المنظمات.
البهجة الحوثية بالتصنيف تمت ترجمتها أيضاً على شكل مداهمات وحملات أمنية على مستودعات الملابس النسائية في صنعاء لمحاربة مجسمات العرض البلاستيكية وتحطيمها باعتباره فاحشة.

من خلال حملتها الأخيرة، والتي تأتي ضمن مسلسل "طلبنة" العاصمة ومجتمعها وجامعتها، أرادت جماعة الحوثيين تأكيد التصنيف الأميركي، وأن توصل رسالة للمدافعين عنها من ظلم القرار الأميركي، بأن التصنيف لا يجرح مشاعرها، وأن الإرهاب سلوك متجذر لديها، وتحترف أيضاً قتل الجمال وليس البشر فحسب. لذلك، بات من الضرورة التراجع عن القرار الأميركي، فمعاقبة الحوثيين لا تكون بإدراجهم في قوائم الإرهاب، فهذا أمر يجعل الجماعة تشعر بالزهو كونها تستمد قوتها من العنف. جماعة كهذه لن تشعر بأنها منبوذة وتعدّل من سلوكها سوى بوضعها في المكان غير المناسب.