الحوار الوطني والبداية المخيبة

29 ديسمبر 2024
في مدينة جبلة، 28 ديسمبر 2024 (عارف وتد/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انطلقت أولى خطوات الحوار الوطني السوري بمؤتمر تمهيدي في دمشق، بمشاركة شخصيات من العشائر والطوائف المختلفة، وسط غياب واضح للتمثيل السياسي والنسائي، مما أثار تساؤلات حول آليات التنظيم والاختيار.

- المؤتمر وُصف بأنه شعبي اجتماعي، مع تأكيد على وحدة الأراضي السورية، دون إدانة للتوغل الإسرائيلي، مما يعكس غياب الوضوح في الأهداف والمعايير.

- يُحذر من نتائج كارثية إذا استمرت الآليات الحالية، مع ضرورة الشفافية والانفتاح في اختيار ممثلي الحوار الوطني لتحقيق تطلعات السوريين.

بدأت أمس السبت أولى خطوات الحوار الوطني الجامع للسوريين بكل مكوناتهم الذي أعلنت الإدارة الجديدة لسورية أنها بصدد عقده، وتمثّلت الخطوة الأولى بمؤتمر سُمي المؤتمر التمهيدي للحوار الوطني، الذي عُقد بفندق قيصر بالاس في دمشق، وجمع شخصيات في غالبيتها من العشائر وبعض ممثلي الطائفة الدرزية ومن القومية الشركسية، ومن التركمان، ومن القومية الكردية، ومن بعض المكونات الأخرى.

وعلى الرغم من أن رئاسة جلسة هذا الحوار قد أوكلت إلى سيدة، فإنّ عدد الممثلين من النساء لم يتجاوز ثلاث سيدات في كل قاعة المؤتمر التي زاد الحضور فيها على مائة شخص. أما آلية تنظيم المؤتمر، ومعايير اختيار ممثليه وأهدافه، فقد بدا من عدد ممن التقتهم "العربي الجديد"، سواء من منظمين لهذا المؤتمر أو مدعوين إليه، بصفة ممثلين عن فئة معينة، عدم المعرفة بأي آليات ستُتبع من أجل الوصول إلى الحوار الوطني المنشود. فبعضهم يعتقد أن هذا المؤتمر هو مؤتمر عشائري من أجل انتقاء ممثلين عن العشائر لمؤتمر الحوار الوطني، فيما يرى البعض الآخر أنه مؤتمر تمهيدي يضم مكونات الشعب السوري تمهيداً للحوار الوطني العام، فيما كان يردد البعض الآخر شعارات من قبيل الاصطفاف خلف القيادة "الحكيمة" الحالية. أما منظمو المؤتمر، فأكدوا أن المؤتمر يضم السوريين من كل المكونات السورية الثورية، من مختلف الطوائف، وأن اختيارهم جاء بناءً على ترشيحات المنظمين أنفسهم.

وخلا المؤتمر من ممثلين عن أي حزب أو تيار سياسي، الأمر الذي فسره أحد المنظمين بأن المؤتمر مؤتمر شعبي اجتماعي، ولا يحمل صبغة سياسية، لذلك لم تُدعَ أي جهة سياسية، بل اقتصرت الدعوات على وجاهات ورؤساء عشائر ممثلين لمجتمعاتهم فيه. كذلك تُليَ بيان ختامي، عبارة عن كلام إنشائي يؤكد وحدة الأراضي السورية، وضرورة تكاتف الجهود من أجل بناء سورية المستقبل، فيما خلا من أي إدانة للتوغل الإسرائيلي داخل الأراضي السورية.

تنذر هذه الخطوة التي سُميت مؤتمراً تمهيدياً للحوار الوطني، بنتائج كارثية في ما لو جرى السير بالآليات نفسها التي ستوصل إلى مؤتمر الحوار الوطني، الذي يجب أن يعتمد على معايير واضحة وعلنية في اختيار ممثلين عن كل السوريين، بكل مكوناتهم، من دون إقصاء أي مكون، وأن تكون تلك الآليات معلنة للجميع، للبدء بأولى الخطوات على الطريق الصحيح والطويل للوصول إلى سورية التي ينشدها كل السوريين. وقد يكون مبرراً عدم الثقة التي تبديها الإدارة الجديدة خلال مرحلة حكومة تسيير الأعمال بالاعتماد على عناصرها فقط في إدارة شؤون البلاد خلال هذه المرحلة، إلا أن آليات اختيار ممثلي المؤتمر الوطني يجب أن تتمتع بالشفافية القصوى والانفتاح على الجميع، وعدم اتّباع الأساليب السابقة في تشكيل عمليات تمثيل مزيفة من خلال وضع شخصيات من مكونات مختلفة تدين بالولاء لجهة معينة وفرضها على السوريين، الأمر الذي لن يقبله السوريون بعد الفرصة التاريخية التي أتيحت لهم لإنجاز دولة مواطنة وقانون تحتوي الجميع.

المساهمون