الحكومة الفرنسية تدرس تشديد مكافحة الإرهاب

الحكومة الفرنسية تدرس تشديد مكافحة الإرهاب من 3 جوانب: الإنسان والتكنولوجيا والأخلاق

28 ابريل 2021
ملف الإرهاب يؤرق بال السلطات الفرنسية (ليدوفيش مارن/ فرانس برس)
+ الخط -

عرض وزير الداخلية الفرنسية، جيرالد درمانان، اليوم الأربعاء، خلال اجتماع مجلس الوزراء، مشروع قانون جديد حول مكافحة الإرهاب، بمثابة تحديث لقانون مكافحة الإرهاب "سيلت" الذي صدر في أكتوبر/ كانون الأول عام 2017، حيث سيشمل تشديد العقوبات على المدانين وتعزيز عدد من أحكام قانون الاستخبارات والأمن الداخلي.
وبينما أكدت الحكومة أن مشروع القانون الجديد كان مدرجاً على جدول أعمال مجلس الوزراء قبل الهجوم الأخير الذي وقع في رامبوييه، وأدى إلى مقتل شرطية على يد مقيم تونسي، نقلت "فرانس انفو" عن مصدر في الحكومة قوله إن مشروع القانون هذا يأتي بناء على توجيهات صدرت عن مجلس الدولة قبل نحو أسبوع.
وفي مؤتمر صحافي بالتزامن مع انعقاد مجلس الوزراء، قال وزير العدل ايريك دوبون موريتي، إن مشروع القانون "نص بالغ الأهمية (..) إنه يجعل من الممكن فرض رعاية صحية واجتماعية وتربوية ونفسية" على الأشخاص الذين يطلق سراحهم بعد قضائهم فترة العقوبة نتيجة تهم الإرهاب.
وتنص أبرز نقاط القانون الجديد، الذي حمل 19 مادة محدثة من قانون عام 2017، إمكانية إعادة "المدانين بقضايا الإرهاب إلى السجن عند إطلاق سراحهم" بناء على "مراقبة السلطات لسلوكهم".
وأكد وزير العدل أن النص يتماشى مع تهديد داخلي متزايد، موضحاً أنه "منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، لم يرتكب أي هجوم من قبل الأشخاص العائدين من الأراضي العراقية/ السورية. لقد انتقلنا من تهديد خارجي إلى تهديد داخلي".
من جهته، قال وزير الداخلية إنه "من الناحية الفنية، يتعلق الأمر بمتابعة التقنيات الجديدة كما يتم استخدامها الآن من قبل الإرهابيين، الذين يقللون باستمرار من استخدامهم طرق الاتصال التقليدية مثل الهاتف والرسائل النصية القصيرة".

وأضاف "إذا كان عليّ تلخيص هذا القانون، فسأقول إنه يحتوي على ثلاثة جوانب رئيسية: الإنسان والتكنولوجيا والأخلاق".
وأوضح درمانان "يوفق هذا النص بين مطلب مزدوج، وهو تقديم خدماتنا (...) المزيد من الوسائل لتكون أكثر كفاءة في مكافحة الإرهاب، ولكن أيضاً مع الاحترام الكامل لمبادئنا القانونية الأساسية من خلال إطار صارم للأغراض والإجراءات"، خصوصاً مع خشية أن تتحول هذه الصلاحيات إلى انتهاكات للخصوصية أو نوع من الرقابة كما هو الحال في عدد من الدول الديكتاتورية.
وتابع درمانان أن هذا القانون "ثمرة عمل بدأ قبل وقت طويل من جريمة الجمعة الماضي" في رامبوييه، لافتاً إلى أنه "في مواجهة هذا التهديد الذي يصعب اكتشافه، يجب على الدولة ونظام العدالة الحصول على وسائل معززة" من أجل اكتشاف هجمات محتملة.
وتواجه حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون اتهامات من قبل خصومه السياسيين في اليمين واليمين المتطرف بالتقاعس أمام التهديد الأمني، وهو موضوع يسيطر على الانتخابات الرئاسية بعد الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كورونا، وفق ما أظهرته استطلاعات رأي عديدة.
في هذا السياق، دافع رئيس الوزراء جان كاستيكس، خلال المؤتمر الصحافي، عن سجل السلطة التنفيذية في مكافحة الإرهاب. وقال إن "التهديد الإسلامي لا يزال مرتفعاً جداً. (..) الهجوم على رامبوييه، اغتيال البروفيسور (صمويل) باتي، أو الهجوم الإرهابي الشنيع في نيس في تشرين الثاني/ نوفمبر، كان من عمل أفراد لا ينتمون إلى تنظيمات معينة، وهم من الشباب غير المعروفين في الغالب لأجهزة المخابرات".
وأضاف كاستيكس "تم تعزيز موارد أجهزتنا الاستخباراتية بشكل لم يسبق له مثيل (...) منذ عام 2017، تم إحباط 36 هجوماً".
وتنصّ أبرز مواد القانون الجديد على أنه سيكون من صلاحيات السلطات الأمنية مصادرة أي معدات أو أجهزة إلكترونية، يرفض المتهم عرض محتوياتها في حال طلب منه ذلك، كما سيتم تمديد فترة "الإقامة الجبرية" إلى حد سنتين للمدانين بقضايا الإرهاب، في حين كانت المدة التي حددها قانون عام 2017 سنة واحدة، مع شرط نيلهم عقوبة السجن ثلاث سنوات مع النفاذ.
كما يعطي القانون الجديد صلاحيات للقضاء، ويسمح باتخاذ إجراءات جديدة بحق المدانين بعد انتهاء عقوبتهم، إذا ما كان احتمال تكرار أفعالهم مرتفعاً، حيث سيجبرون على اتباع "برنامج تأهيل صارم" لفترة قد تصل إلى 5 سنوات بعد قضائهم فترة العقوبة. وفي هذا السياق، أوضح وزير العدل في مقابلة على قناة "فرانس 2"، في وقت سابق من صباح الأربعاء، أن هذا الأمر "يتعلق بما لا يقل عن مئة معتقل تمت إدانتهم، سيخرجون (من السجن) وسيتعين متابعتهم عن كثب".

 

وسيحظر القانون الجديد على الأشخاص الذين يشكلون تهديداً محتملاً حضور المناسبات أو التجمعات الكبيرة مثل مباريات كرة القدم أو المهرجانات أو الحفلات الموسيقية، كما أنهم سيخضعون إلى إجراء، هو موضع جدل حالياً، يسمح لأجهزة الاستخبارات بتطبيق خوارزمية لمعالجة بيانات اتصال يقومون بها، ويتم رصدها بشكل آلي، لتحديد أي خطر محتمل، وستتم عملية جمع هذه البيانات لمدة شهرين، لكن سيتم الاحتفاظ بها لمدة خمس سنوات.
وخلال المؤتمر الصحافي، رد درمانان على الانتقادات الموجهة للقانون بسبب هذه الخوارزمية، قائلا "دعونا نتخلى عن السذاجة قليلاً.. كل الشركات تستخدم خوارزميات، والدولة هي الجهة الوحيدة التي لا يمكنها استخدامها؟".
يشار إلى أن المدة الزمنية لصدور هذا القانون حددتها الحكومة قبل 31 يوليو/ تموز المقبل، لكن قبل ذلك سيتعين على الحكومة عرضه على البرلمان خلال الأيام المقبلة لنقاشه من قبل النواب، حيث من المتوقع أن يثير نقاشات محتدمة خصوصاً من قبل مجموعات اليسار والمدافعين عن الحريات، في مشهد قد يكرر ما حصل خلال نقاش قانون "الأمن الشامل" أخيراً.

المساهمون