الحكومة العراقية تتدخل بفضيحة اعتراف سجين كذباً بقتل زوجته

الحكومة العراقية تتدخل بفضيحة اعتراف "سجين بابل" كذباً بقتل زوجته تحت التعذيب

22 سبتمبر 2021
رفض السكوت عن التعذيب في سجون العراق (Getty)
+ الخط -

أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي فتح تحقيق واسع بحادثة إجبار مواطن من محافظة بابل جنوبي البلاد على الاعتراف بقتل زوجته، بعدما أبلغ عن اختفائها، ليتبين لاحقاً أنها على قيد الحياة، وغادرت المنزل بسبب خلافات عائلية عند أحد أقاربها بمحافظة مجاورة.

ووفقاً لبيان صحافي صدر عن مكتب الكاظمي في ساعة متأخرة من ليلة أمس، فقد أمر الأخير بفتح تحقيق موسع في الحادثة وإيقاف الضباط المسؤولين عن اعتقال الضحية الذي تبيّن تعرضه لتعذيب شديد خلال التحقيق والتهديد بجلب شقيقاته إلى مركز التوقيف، وهو ما دفعه إلى تبني رواية أنه قام بقتل زوجته خنقاً ثم حرقها، لتستقدم قيادة شرطة محافظة بابل وسائل الإعلام الشهر الماضي وتعرض اعترافاته كأحد إنجازات الشرطة الأمنية في الكشف عن الجريمة، لكن ظهور الضحية دفع أقرباء الزوجة التي كانت تختفي لديهم للإبلاغ أنها ما زالت حية خشية تنفيذ حكم الإعدام بالزوج.

وذكر مكتب الكاظمي أنه تقررت أيضاً "إحالة جميع المسؤولين إلى التحقيق قدر تعلق الأمر بمسؤولياتهم الوظيفية المتصلة بتوجيه الاتهام للمواطن"، مؤكداً "ضرورة الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان في جميع الإجراءات الحكومية".

من جهتها، قالت قيادة شرطة محافظة بابل إنها اتخذت إجراءات بحق الضباط المسؤولين عن التحقيق مع المواطن، مقرة بأن اختفاء الزوجة كان بسبب مشاكل عائلية.

وأجرت محطة فضائية عراقية مقابلة مع الزوج الذي أطلق سراحه يوم أمس من قبل سلطات سجن الأحكام في محافظة بابل، ويدعى علي الجبوري، وهو في نهاية العقد الثاني من العمر، وذكر أنه تعرض لتعذيب لم يحتمله، لكن ما دفعه إلى سرد اعتراف بقتل زوجته هو أنهم هددوه بـ "إحضار والدته وعماته وجلب شقيقاته وإلباسهن بناطيل رجالية وتعذيبهن".

وبين أنه اعترف بعد ساعات بالجريمة التي لم يرتكبها وتمت إحالة أوراقه للقضاء بتهمة عقوبتها الإعدام، مطالباً رئيس الوزراء ووزير الداخلية بأخذ حقه وتعويضه عما لحق به.

من جهتها، طالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق بوقف عمليات الاعتقال والتحقيق دون وجود المحامين.

وقال عضو المفوضية علي البياتي إن "هناك ضرورة لفتح كل ملفات التحقيق بعد 2003 من قبل لجنة وطنية تشكل عاجلاً، تضم منظمات المجتمع المدني ومفوضية حقوق الإنسان وبعثة الأمم المتحدة".

لافتاً في بيان صحافي إلى أن "ما يحدث من عمليات تعذيب يستوجب إيقاف كل مذكرات إلقاء القبض والاقتصار على طلب الاستقدام فقط لغرض إكمال التحقيقات وبوجود المحامي".

بدوره، قال عضو التيار المدني العراقي، علي الفتلاوي، إن الحادثة تستدعي سؤالاً أخلاقياً مُهمّاً وهو كم عدد الذين انتزعت منهم اعترافات تحت التعذيب وأدينوا بالإعدام والسجن المؤبد؟ مضيفاً أن "التعذيب في السجون العراقية بات أمراً لا يمكن السكوت عليه، وهناك أبرياء يذهبون ضحية اعترافات لا وجود لها على أرض الواقع تخلصاً من ألم التعذيب والابتزاز".

وطالب الفتلاوي بإعادة النظر في جميع المحاكمات السابقة، وتوفير محامين ولجان حقوقية لاستئناف أحكام أطلقت جزافاً على كثير من السجناء بينهم من ينتظرون أحكام الإعدام.

وتصدرت ما أطلق عليها "فضيحة سجين بابل" مواقع التواصل الاجتماعي واهتمام الشارع العراقي الذي طرح تساؤلات بشأن شرعية عمليات التحقيق السابقة بحق أشخاص اعترفوا تحت التعذيب، مطالبين بالوقت ذاته وقف برامج بث اعترافات المتهمين بالجرائم الذي تعدها وزارة الداخلية في بغداد.

الباحث بالشأن العراقي شاهو القرة داغي علّق على الحادثة قائلاً "يتم تعذيب البريء بكل الوسائل، وتهديده بالاعتداء على عائلته حتى يعترف بجريمة لم يرتكبها أصلاً في سبيل تحقيق إنجاز وهمي".

مضيفا أن "هذه الحوادث تزيد الشكوك حول الكثير من الاعترافات التي تُنشر يومياً وتدفع لإعادة النظر بآلاف الحالات التي أدت إلى فرض العقوبات على الأبرياء ورفع الظلم عنهم".

بدوره، قال الناشط علي المكدام إنّ برامج كشف الدلالة يجب أن تتوقف (المتعلقة باعترافات المتهمين)، وسياسة بعض مقدمي البرامج من هذا النوع من الضروري أن تُمحى إلى غير رجعة بعد العار الذي لحق بالجميع في قضية المتهم البريء بمحافظة بابل".