الحكومة السورية... جملة تحديات تختبر الوعود والأهداف

الدوحة

عماد كركص

عماد كركص
31 مارس 2025   |  آخر تحديث: 01 أبريل 2025 - 09:26 (توقيت القدس)
89774894894
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التشكيلة الحكومية والتحديات: تم الإعلان عن الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، تتألف من 23 وزيراً مع إلغاء منصب رئيس الوزراء. تواجه تحديات أمنية واقتصادية وتسعى لتحقيق أهداف الثورة وإعادة بناء مؤسسات الدولة بشفافية.

- التغييرات الوزارية وأهدافها: شهدت الحكومة دمج واستحداث وزارات جديدة مثل الطاقة والشباب والرياضة. تهدف لتعزيز الشفافية وتحسين المعيشة واستقطاب الاستثمارات، مع التركيز على علاقات دولية قائمة على الاحترام.

- التحديات والفرص المستقبلية: تواجه الحكومة تحديات هيكلية مع النظام الرئاسي وتقليص الحقائب، لكنها تسعى للاستفادة من خبرات الوزراء التكنوقراط لتطوير البنية التحتية والهياكل الإدارية.

جاءت أسماء الوزراء في الحكومة السورية الجديدة التي تمّ الإعلان عنها مساء أول من أمس السبت في دمشق، والتي تضم 23 وزيراً، متوقعة في بعضها، مقابل أخرى مفاجئة، في التشكيلة التي يفترض أن تستمر طيلة الفترة الانتقالية الممتدة على مدار خمسة أعوام. وتواجه الحكومة السورية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس أحمد الشرع، جملةً من التحديات، لا سيما المتعلقة بالوضعين الأمني والاقتصادي، إذ سيختبر معها السوريون وعود السلطة الجديدة وتحقيق أهداف الثورة في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد.

وكانت الإدارة الجديدة في دمشق أقرت منتصف شهر مارس/آذار الحالي، إعلاناً دستورياً للمرحلة الانتقالية، يُحدد مدتها بخمس سنوات يتولى خلالها الشرع السلطة التنفيذية في البلاد، علماً أنه بعد إطاحة نظام الأسد، أعلنت السلطات الجديدة حينها تعيين حكومة تصريف أعمال لإدارة البلاد لفترة تمتد ثلاثة أشهر برئاسة محمد البشير.

ألغي منصب رئيس الوزراء، بعدما اعتمد الإعلان الدستوري النظام الرئاسي المحض

وأعلن مساء السبت، عن تشكيل الحكومة الانتقالية السورية، والتي احتفظ فيها عدد قليل من وزراء حكومة تصريف الأعمال بحقائبهم. ودمجت وزارات، وألغيت اثنتان، وأضيفت وزارتان كذلك. أما الأبرز في شكل الحكومة السورية الجديدة، فهو إلغاء منصب رئيس الوزراء، بعدما اعتمد الإعلان الدستوري النظام الرئاسي المحض، الذي يجعل من رئيس الدولة، رئيساً للحكومة. وتضم الحكومة السورية المعلن عنها، 23 وزيراً، علماً أن آخر حكومة للنظام السوري المخلوع، التي رأسها محمد غازي الجلالي، كانت تضم 27 وزيراً.

وأكد الشرع، مساء السبت، في كلمة له خلال مراسم الإعلان عن التشكيلة الحكومية، أن سورية "تواجه تحديات كبيرة تتطلب منا التلاحم والوحدة، ونشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية". واعتبر أن "تشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة، وهذه الحكومة ستسعى إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس المساءلة والشفافية، وسوف تسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة، ولن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا". وحثّ الشرع جميع السوريين على التعاون مع الحكومة الجديدة "التي تتطلب تعاون الجميع لبناء وطن قوي ومزدهر لبناء سورية قلب العروبة". وأضاف: "خطتنا للمستقبل ستعتمد على محاور من بينها الحفاظ على الموارد البشرية وتنميتها، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس من الشفافية، ومعالجة القضايا المعيشية، إضافة إلى مواصلة معالجة الوضع الأمني".

وأوضح الرئيس السوري أن "خطة الحكومة المستقبلية تتمثل في الحفاظ على الموارد البشرية من خلال تطوير التعليم والجامعات وربط التوجهات مع حاجة السوق واستقطاب الموارد البشرية السورية في الخارج"، متطرقاً كذلك إلى أهداف "تنمية الزراعة ورعاية المزارع، وتأهيل الصناعة وحماية المنتج المحلي وتخفيف الضرائب". وشرح أن دمج وزارتي النفط والثروة المعدنية، والكهرباء، بوزارة واحدة تحت مسمى وزارة الطاقة، يهدف إلى تسريع التعامل مع التحديات المختلفة، وإنشاء بيئة استثمارية لجذب الاستثمارات، وإصلاح النقد والحفاظ على العملة السورية، وإعادة النظر في السياسة الضريبية للتخفيف عن المواطن. كما أكد على أهمية استعادة الأمن في جميع المناطق السورية، وإنشاء وزارة مختصة بالرياضة والشباب. 

وزراء الحكومة السورية الجديدة

من جهتهم، عرّف الوزراء عن مهماتهم بكلمات مقتضبة، من بينهم وزير الخارجية أسعد الشيباني، الذي احتفظ بمنصبه إلى جانب وزير الدفاع مرهف أبو قصرة. وتسّلم رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير، وزارة الطاقة، والذي أكد عزمه العمل على تحقيق شراكات عربية ودولية في مجال الطاقة، فيما شغل مظهر الويس حقيبة وزارة العدل، حيث أكد السبت على "العمل لترسيخ دولة القانون والتصدي بشجاعة للفساد، وتحقيق العدالة الانتقالية".

مرهف أبو قصرة: سنعيد لسورية جيشها الذي تستحقه، والذي يتباهى السوريون بالانتساب إليه

وشدّد وزير الداخلية أنس خطاب، الذي عيّن رئيساً للاستخبارات بعد إطاحة نظام الأسد، في كلمته، أول من أمس، "على بناء مؤسسات تضم منظومة أمنية متكاملة وفق أحدث التقنيات، والعمل على تطوير الشؤون المدنية عبر بناء قاعدة بيانات وطنية"، مؤكداً أن "الأمن مسؤولية الجميع".

وبالإضافة إلى هؤلاء، ضمّت الحكومة السورية محمد نضال الشعار (مواليد 1956 ـ حلب) وزيراً للاقتصاد، وسبق أن شغل منصب وزير الاقتصاد والتجارة في عامي 2011-2012. وأكد الشعار أول من أمس، أن سياسته "ستركز على إعادة الإعمار تحت عنوان الشفافية". وتسلّم رائد الصالح وزارة الطوارئ والكوارث، علماً أنه كان يشغل منصب مدير منظمة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) منذ تأسيسها في الشمال السوري عام 2013. وكلّف الشرع محمد يسر برنية بقيادة وزارة المالية، وهو رئيس الأسواق المالية في صندوق النقد العربي. وأوضح برنية في كلمته أن وزارته ستعمل على تعزيز شفافية كاملة في الإنفاق العام، ومراجعة منظومة الأجور والرواتب بما يؤمن حياة كريمة، ومراجعة الضرائب والرسوم بما يحد من التهرب الضريبي وتخفيف الأعباء عن المواطنين، إضافة إلى محاربة الفساد.

وتسلّمت السياسية والناشطة في المجتمع المدني هند قبوات وزارة الشؤون الاجتماعية، وأوكلت وزارة التعليم العالي لأستاذ طب الإخصاب وعلم الجنين والوراثة في كلية الطب بجامعة دمشق، مروان الحلبي، وهو من مواليد محافظة القنيطرة، كما كلّف عبد السلام هيكل بتولي منصب وزير الاتصالات، وهو رائد أعمال سوري في قطاعي التكنولوجيا والإنترنت مقيم في الإمارات منذ عام 2013.
من جهته، شدّد وزير الخارجية أسعد الشيباني (مواليد 1987 – الحسكة) في كلمته، على أن "أعظم انتصار لشعبنا هو في قدرتنا على بناء الوطن"، مشيراً إلى أن وزارته "عملت طوال الأشهر السابقة على استعادة دور سورية القوي في العالم"، وأن مهام الوزارة "ستركز على بناء علاقات دولية قائمة على الاحترام المتبادل".

وتعهد وزير الدفاع مرهف أبو قصرة "الالتزام بحماية البلاد وأمنها واستقرارها، وسنعيد لسورية جيشها الذي تستحقه، جيشاً يتباهى السوريون بالانتساب إليه".

وتقلد محمد أبو الخير شكري (مواليد دمشق 1961)، وهو أستاذ جامعي وخطيب، منصب وزير الأوقاف، ومصعب نزال العلي (مواليد دير الزور) منصب وزير الصحة. وكلّف بوزارة الإدارة المحلية محمد عنجراني، من مدينة حلب، وهو حامل إجازة في الهندسة الميكانيكية، والذي اعتقل في بداية الثورة من جانب نظام الأسد، كما شارك في حكومة الإنقاذ التي كانت تحكم في إدلب. وعيّن أمجد بدر وزيراً للزراعة، ومحمد عبد الرحمن تركو وزيراً للتربية والتعليم، وحمزة المصطفى وزيراً للإعلام، ومحمد صالح وزيراً للثقافة، وكان يعمل مذيعاً في قناة الجزيرة، ومحمد عبد الرزاق وزيراً للأشغال العامة والإسكان، ومازن الصالحاني وزيراً للسياحة، ويعرب سليمان بدر وزيراً للنقل، ومحمد حسان سكاف وزيراً للتنمية الإدارية. ومن أبرز الخارجين من حكومة تصريف الأعمال ماهر الشرع، شقيق الرئيس أحمد الشرع، الذي تولى منصب وزير الصحة بالوكالة. وكلّف علي كدّة بأمانة سر مجلس الوزراء بعدما شغل منصب وزير الداخلية بحكومة البشير السابقة.

محمد صالح: جميع الوزراء في الحكومة السورية الجديدة معنيون بأن يتركوا بصمة سريعة

ولقد دمجت وزارتا الكهرباء والنفط والثروة المعدنية، ضمن وزارة جديدة تحت مسمى وزارة الطاقة، وغابت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن المشهد. في المقابل، تم استحداث وزارة الشباب والرياضة، بعدما كانت المؤسسة التي تقود الشأن الرياضي في البلاد هي "الاتحاد الرياضي العام" التابع لحزب البعث. وأوكل محمد سامح حامض بقيادة هذه الوزارة، وأيضاً استُحدثت وزارة الكوارث والطوارئ التي لم تحضر في أي حكومة سورية.

رفع سقف التطلعات

من حيث الشكل، حقّقت حكومة الشرع التنوع الذي وعدت به الإدارة السورية الجديدة التي أطاح جناحها العسكري نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وجاءت مرضية للمناطق، لكن وزاراتها السيادية ذهبت إلى شخصيات من "هيئة تحرير الشام" التي كان يقودها الشرع، قبل أن تعلن عن حل نفسها. وخلافاً للاستحقاقين الهامين السابقين، مؤتمر الحوار الوطني (فبراير الماضي) والإعلان الدستوري المؤقت، اللذين أجريا على عجل، فإن تشكيل الحكومة السورية للمرحلة الانتقالية أخذ وقتاً كافياً قبل الإعلان عنها، لا سيما مع بعض العوائق التي كان في مقدمتها اعتذار أسماء مرشحة عن قبول وزارات.

السمة الرئيسية التي غلبت على إعلان الحكومة السورية ليل السبت، كان رفع سقف التطلعات وتصدير الوعود، بدءاً من الشرع، وصولاً إلى جميع الوزراء الذين أعلنوا عن أهداف وضعوها لقيادة وزاراتهم، حيث تجاوز عدد الوعود والأهداف بين الرئيس والوزراء حاجز الـ100 وعد وهدف، وهذا ما سيجعل الحكومة السورية أمام تحدي الوفاء بتعهداتها في ظل وضع استثنائي تعيشه البلاد بعد سقوط الأسد، الذي خلّف دولة منهارة ومنخورة بالفساد، عدا عن العطب الذي أصاب ويصيب السيادة السورية بفعل الحرب. فلا يزال جنود لجيوش أجنبية متمركزين في قواعد بمناطق متفرقة من الأرض السورية، في حين تتضح نيات إسرائيل ونهمها لقضم مزيد من الجغرافيا جنوبي سورية. التفاعل العام، والذي يمكن قراءته سريعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، كان إيجابياً مع إعلان الحكومة ووزرائها، وربط ذلك بتفاؤل حذر، مع ما قد يفرزه أداء الوزراء ومن ثم الحكم.

وقال وزير الصحة، مصعب نزال العلي، لـ"العربي الجديد"، إن البنى التحتية للقطاع الصحي استنزفت على مستويات عدة، لا سيما البنى التحتية الرئيسية والمستلزمات الطبية والعنصر البشري، مشيراً إلى أن العمل سيكون على ثلاث مراحل حالية ومتوسطة وبعيدة المدى، للنهوض بهذا الواقع، ومن ثم الانتقال للأفضل مما كان عليه. وأضاف: "من أحد أهدافنا إدخال التقنيات الحديثة للقطاع الصحي، وتدريب الكوادر الطبية على أفضل الممارسات الحديثة"، مشيراً إلى أن القطاعين الخاص والعام في المجال الصحي سيكونان حاضرين في البلاد، وكل في مهامه ودوره.

رائد الصالح: من أولوياتنا أن نعمل كفريق في الحكومة من كافة الوزارات على تخفيف معاناة سكان المخيمات

المدير السابق للدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، وزير الطوارئ والكوارث (محدثة) رائد الصالح، أشار في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن استحداث الوزارة "يدل على أن هناك رؤية لدى الحكومة بأنها لن تعمل فقط للاستجابة للطوارئ المستجدة، وإنما التخطيط السليم والصحيح لتجنب الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية". وأضاف: "من أولوياتنا أن نعمل كفريق في الحكومة من كافة الوزارات على تخفيف معاناة سكان المخيمات، حتى نتمكن من إعادتهم إلى منازلهم".

من جهته، رأى وزير الثقافة محمد صالح، أن "جميع الوزراء في الحكومة السورية الجديدة معنيون بأن يتركوا بصمة سريعة، ونقل البلاد إلى الخط الحر الذي من الطبيعي أن تعيشه"، مضيفاً لـ"العربي الجديد": "نحن كنا نعيش بوضع احتلال في عهد النظام البائد، يعيقنا عن كل رفعة وعلوّ، والآن سنعمل على استعادة مكانة سورية والسوريين الطبيعية، ونحن حالياً نحتاج لضبط توقيتنا مع توقيت العالم، بعدما كانت سورية تمشي إلى الوراء لسنين طويلة".

وحول إطلاق الكثير من الوعود والأهداف، سواء من قبل الرئيس أحمد الشرع أو الوزراء، ومدى تحقيقها في ظل الطروف الراهنة سياسياً وعلى مستوى البنية التحتية التي تعيشها البلاد، قال الأكاديمي أحمد جاسم الحسين لـ"العربي الجديد"، إن "المعلومات لدي تشير إلى أن رئيس الجمهورية طلب من المرشحين للوزارات قبل فترة أن يطلعوا على الوزارات المرشحين إليها، وأن يقدموا رؤية وخطة عمل استراتيجية كل لوزارته، وفي الغالب في الخطط النظرية يتم طرح أفكار عامة، ثم يتم اللجوء إلى مقايسة ما يتم تطبيقه على أرض الواقع، لأن أغلب الوزراء الجدد ليسوا على اطلاع على تفاصيل عمل الوزارات، وفي حالة مثل سورية، حيث الإنترنت والكهرباء في أضعف حالتهما، إضافة إلى ضعف النقل والبنى التحتية وتعامل العنصر البشري مع المتاح من كل ذلك، فإن الوعود تشير إلى رغبة بالعمل وتحسين هذا الواقع".

وبحسب معلومات الحسين، فإن "الرئيس أعطى الوزراء مدة ستة أشهر لبذل أفضل ما يمكن ثم تقييم الأداء، وطبعاً الوزير في أي وزارة لا يملك كل المفاتيح، لأن الأمر لا يقتصر على العنصر البشري أو الإرادة، وإنما هناك عوامل عدة تساهم في مسألة النجاح والفشل، لا سيما البنى التحتية لكل وزارة، لكن الأهم، وإن تأخر تنفيذ الخطط والأهداف، هو وضع البلد على سكة واستراتيجية ما، نأمل أن تتحقق لاحقاً، فمن المهم حالياً أن تكون لدينا استراتيجية، وستظهر الصعوبات، ثم يأتي العمل على إزالتها".

أحمد جاسم الحسين: الرئيس أعطى الوزراء مدة ستة أشهر لبذل أفضل ما يمكن ثم تقييم الأداء

وفي حين برز غياب السياسة، والسياسة العامة للبلاد، لا سيما الخارجية، خلال الإعلان عن تشكيل الحكومة، وحول ما إذا كان ذلك يُفهم منه رسالة بأن الأولوية لبناء الداخل قبل الانطلاق للخارج، أشار الحسين إلى أن "وزير الخارجية مثلاً، تحدث عما أنجز سابقاً، ولم يتطرق بقوة لما سيتم العمل عليه لاحقاً، وبالتالي، يبدو أن التركيز أكبر على الوضع الداخلي حالياً، لا سيما أنه سبق ذلك، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، انفتاح كبير لبناء السياسة الخارجية وانفتاح على الجميع، من خلال مشاركات وزيارات مكوكية لبناء علاقات مع الدول والمنظمات الدولية، والآن تكشف لدى الجميع أن الأمر معقد في تلك العلاقات، لا سيما المشاركة في نهضة البلاد من قبل الدول والمنظمات". وبناء على ذلك، اعتبر الحسين مما تكشف أن "الحاجة ملحّة للتوجّه أكثر نحو الداخل، وقراءة حال البلد ووضع الخطط المناسبة وبناء الوزارات والهيئات والمؤسسات، والتي ستقدم خططها واحتياجاتها ليصار عندئذ وضعها أمام الشركاء والنظر للمجالات التي يمكن التعاون بها مع الدول". وبرأيه، فإن "هذا يحتاج إلى وقت لا يقل عن عام، حتى تتكشف لدى كل وزارة أبرز احتياجاتها لا سيما من البنى التحتية، فالحكومة لا تحسد على هذه المرحلة التي تسلمت فيها بلداً شبه مدمر".

وحول التحديات الهيكلية والإدارية، رأى خبير الإدارة والاقتصاد، عبد الناصر الجاسم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التحديات تتشكل من نقاط عدة، أولها اعتماد نظام الحكم الرئاسي، ما يعني أن الرئيس هو الرئيس التنفيذي للحكومة، وبالتالي هناك حاجة لصلة وصل بين الرئيس وحكومته بعد إلغاء منصب رئيس الحكومة، والتحدي الثاني هو تقليص الحقائب الوزارية والدمج بين الوزارات، ما يفرض تحديات هيكلية وإدارية كبيرة جداً، يحمل التعامل معها مخاطرة على حساب جوهر عمل الوزارات". ولفت إلى أن "الأمر الثالث هو استحداث وزارات، ما يعني بناء هيكل جديد بتسلسل وتراتبية إدارية، أما التحدي الرابع، فيتمثل بطبيعة المرحلة والاحتياجات الحالية في سورية، وهو تحدٍّ يتطلب هياكل مرنة ورشيقة تتناسب مع احتياجات المرحلة". وشرح أن "الشكل التقليدي والاستجابة العادية للوزارات، لا يتناسبان مع المرحلة الانتقالية الحرجة المحفوفة بالمخاطر، فيما التحدي الخامس وهو الأكبر، يكمن في أن الهياكل التنظيمية والأطر الناظمة تؤثر في عملية صنع القرار، وصنع القرار هو جوهر عملية الإدارة، فالوزير، في أي وزارة، إذا غرق في التفاصيل الروتينية والتنظيمية وانحرف عن جوهر عمله الأساسي وهي عملية صناعة القرار، فسيكون ذلك عائقاً في تحقيق رؤيته داخل وزارته".

وبيّن الجاسم أن "هناك فرصاً مقابل هذه التحديات، لا سيما أن هناك 14 وزيراً من التشكيلة الوزارية من التكنوقراط، اطلعوا على تجارب في دول أجنبية ونظم إدارية متطورة، لكن تبقى التحديات أكبر، لا سيما أن المطلوب السرعة في الإنجاز، والحفاظ على جودته". وختم بقوله إنه "إذا أردت أن أنصح الحكومة، فأطلب إعطاء دور كبير لوزارة التنمية الإدارية، وأن يكون داخل كل وزارة مكتب للتنمية الإدارية، من شأنه أن ينجز بسرعة تطوير الهياكل لها".

ذات صلة

الصورة
مستشار بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر للشؤون الإنسانية في سورية باسل المجد - الدوحة - نوفمبر 2025 (حسين بيضون)

مجتمع

أفاد مستشار بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية باسل المجد بأنّ الأزمات تفوق إمكانات منظمته، وأشار إلى سعي لاستعادة الخدمات الأساسية في السويداء.
الصورة
إحباط تهريب مخدرات في ريف دمشق 20 أكتوبر 2025 (العربي الجديد)

سياسة

أعلنت السلطات السورية، مساء الاثنين، إحباط تهريب كميات ضخمة من المخدرات في ريف دمشق، "بفضل التعاون الأمني بين الأجهزة السورية ونظيراتها في دول الجوار".
المساهمون