دافعت الحكومة الجزائرية، اليوم الثلاثاء، عن مسودة قانون جديد كانت طرحته قبل أسبوعين، ويسمح لها بتجريد ونزع الجنسية الجزائرية عن الرعايا الجزائريين أو الأجانب الذين اكتسبوا الجنسية الجزائرية، في حال ارتكاب أحد منهم مخالفات تمس بالدولة وبأمن البلاد، أو ثبت انتماؤهم للجماعات الإرهابية في الخارج، وذلك على الرغم من الانتقادات الحقوقية التي وجهت للقانون.
وأكد المتحدث باسم الحكومة، وزير الاتصال عمار بلحيمر، أن الحكومة الجزائرية متمسكة بالمشروع الخاص بالتجريد من الجنسية، والذي يهدف في الأساس إلى تعديل قانون الجنسية الصادر في العام 1970، مضيفاً أن "التطورات والمستجدات، خصوصاً تلك التي من شأنها المساس بسيادة الدولة ووحدة الشعب، تفرض تكييف هذا القانون، مثله مثل باقي القوانين، وفقاً للتطورات الحاصلة".
يهدف مشروع القانون في الأساس إلى تعديل قانون الجنسية الصادر في العام 1970
ولفت بلحيمر إلى أن "المشروع تعرّض للتسييس، في حين أنه عملية مراجعة لقانون 1970"، مضيفاً أنه "مثل ما يلقى المشروع منتقدين، فإن له في المقابل مؤيدين يدافعون عنه بقوة الحجج الموضوعية، بعيداً عن التهويل". واعتبر أن الإجراءات المقترحة بشأن سحب الجنسية "تتوافق مع الاتفاقيات الدولية، كما أنها تضمن حقّ الطعن للفئات الثلاث المعنية بسحب الجنسية"، في إشارة إلى المنتمين إلى جماعات إرهابية في الخارج، والمتورطين في قضايا تمس الوحدة الوطنية، والمواطنين الذين يتعاملون مع دولة تعتبرها الجزائر دولة عدوة.
وكانت الحكومة الجزائرية برئاسة عبد العزيز جراد قد أجرت، قبل أسبوعين، مناقشة لمسودة قانون قدّمه وزير العدل بلقاسم زغماتي، ويتضمن استحداث نظام للتجريد من الجنسية الجزائرية الأصلية أو المكتسبة، ويطبق على "كلّ جزائري يقيم خارج التراب الوطني، يرتكب أفعالاً تلحق عمداً ضرراً جسيماً بمصالح الدولة، أو تمس بالوحدة الوطنية". كما يطبق التجريد على "كلّ من يقوم بنشاط أو انخراط في الخارج في منظمة تخريبية أو إرهابية، أو يقوم بتمويلها أو الدعاية لصالحها، كما ينطبق الأمر على كل شخص تعامل مع دولة معادية للدولة الجزائرية".
اعتبر ناشطون حقوقيون مسودة القانون مجرد خطوة تبرز الطابع الأمني الذي تدير به السلطة الشأن العام
ويستهدف هذا النظام الجديد بالأساس عدداً من الجزائريين المقيمين في الخارج، ممن ينشطون في ما يعرف بحركة "الماك" التي تدعو إلى انفصال منطقة القبائل (ذات غالبية من السكّان الأمازيغ) عن الجزائر، حيث قامت هذه الحركة باستصدار جوازات سفر باسم دولة مزعومة، "القبائل"، لكوادرها والناشطين فيها، كما يشير هذا القانون إلى إمكانية نزع الجنسية عن الجزائريين الذين يثبت تطبيعهم مع دولة الاحتلال الاسرائيلي أو يتعاملون مع مؤسساتها، على اعتبار أن اسرائيل تظل الدولة الوحيدة المصنفة بـ"المعادية" في المنظور الجزائري.
ومنذ الإعلان عنها، أثارت مسودة القانون الجديد جدلاً كبيراً في الساحة السياسية في الجزائر، حيث اعتبرها ناشطون حقوقيون أنها مجرد خطوة تبرز الطابع الأمني الذي تدير به السلطة الشأن العام، إضافة إلى استحالة تطبيق الإجراء خصوصاً على الحاملين الجنسية الجزائرية الأصلية، على اعتبار أن الإعلان العالمي للأمم المتحدة، ومواثيق الأمم المتحدة، تمنع نزع الجنسية عن الأشخاص الحاملين جنسيتهم الأصلية فحسب.