استمع إلى الملخص
- التحديات والمهام: تسعى لتقديم الخدمات وضبط الأمن واستقرار المؤسسات، مع تجميد الدستور والبرلمان وتشكيل لجنة دستورية. تتألف من 11 وزيراً وستستمر حتى مارس 2025، وتهدف لإعادة بناء العلاقات الدولية.
- المواقف الدولية: قطر والعراق يعتزمان فتح سفارات في دمشق، والولايات المتحدة تدعم الانتقال السياسي بقيادة سورية. الاتحاد الأوروبي يدعو لحماية حقوق السوريين ووحدة الأراضي السورية.
في اليوم التالي لمباشرتها أعمالها، حرصت الحكومة الانتقالية في سورية برئاسة محمد البشير، على مواصلة بعث رسائل طمأنة إلى الداخل والخارج، مؤكدة أنها ستكون لجميع السوريين، وأن مهمتها مؤقتة ريثما يجري البت في القضايا الدستورية، فيما بدأت الحياة اليومية تعود إلى طبيعتها، مع توجه مزيد من الموظفين، اليوم الأربعاء، إلى أماكن عملهم، وعودة الخدمات الأساسية.
وقالت الحكومة في بيانات لها اليوم، إن الحياة بدأت تعود تدريجياً إلى معظم المحافظات والمدن، مع عودة الخدمات الأساسية، إضافة إلى بدء عودة النازحين من المخيمات على الحدود مع تركيا إلى سورية. وكان قد عُقد أمس الثلاثاء اجتماع في مقر رئاسة الوزراء في دمشق، جرت خلاله عملية تسليم واستلام بين وزراء الحكومة الجديدة، والحكومة السابقة برئاسة محمد الجلالي، لتحديد إجراءات استلام المؤسسات، والبدء بنقل الصلاحيات، وتسيير الأعمال.
وقال المكلف بتسيير أعمال الحكومة الانتقالية في سورية محمد البشير، إن الهدف من تكليفه بالحكومة الجديدة هو استلام الملفات والمؤسسات الحكومية، وضمان عودة العاملين إليها، وتفعيل دورها، بما يساهم في تقديم الخدمات للمواطنين، إضافة إلى ضبط الأمن والحفاظ على استقرار المؤسسات، وضمان عدم تفكك الدولة. كما تسعى الحكومة لتقديم الخدمات الأساسية للشعب، وذلك إلى حين تشكيل حكومة جديدة لسورية، تحقق تطلعات المجتمع السوري، لافتاً إلى أن هناك تحديات كبيرة أمام الحكومة، "لكن تجربتنا السابقة في إدارة محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها أكسبتنا خبرة واسعة".
والحكومة الانتقالية السورية تتألف من 11 وزيراً، هم وزراء "حكومة الإنقاذ" التي كانت تدير محافظة إدلب، والمقربة من "هيئة تحرير الشام"، وستتولى تسيير الأمور حتى مطلع شهر مارس/ آذار 2025، ولا تضم هذه الحكومة وزراء للخارجية أو السياحة أو الثقافة، لكن لديها إدارات أو مجالس تقابل هذه الوزارات، مثل "إدارة الشؤون السياسية" التي تقابل عمل وزارة الخارجية.
وقال رئيس حكومة النظام السابق، محمد الجلالي، إن القرارات في سورية أصبحت بيد حكومة تسيير الأعمال، مشيراً إلى أن عملية تسليم الوزارات جرت بسلاسة ودون التأثير في سير العمل. وأوضح الجلالي، في مقابلة مع تلفزيون سوريا، أن التعاون بين مختلف الأطراف ساهم في استمرار تقديم الخدمات في مؤسسات الدولة، موضحاً أن وزير الخارجية السابق بسام صباغ لم يكن في دمشق عند سقوط النظام، بل كان في طرطوس، ما حال دون حضوره اجتماع الحكومة الانتقالية، لكن صباغ أبدى استعداده، وفق الجلالي، لتسليم ملفات وزارة الخارجية للحكومة الجديدة. كما طمأن الجلالي الموظفين في مؤسسات الدولة، بأن رواتبهم مؤمنة عبر البنك المركزي ولا يوجد ما يدعو للقلق بشأنها.
من جهته، قال المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية في الحكومة الانتقالية السورية، عبيدة الأرناؤوط، إنّ الحكومة بصدد تجميد الدستور والبرلمان خلال الفترة الانتقالية، فيما سيجري تشكيل لجنة دستورية على مستوى خبراء القانون والحقوق للنظر في الدستور السابق وتعديله. وأوضح الأرناؤوط في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن دور إدارة الشؤون السياسية في هذه المرحلة يتمحور حول إعادة بناء العلاقات مع الدول، والتأسيس لمرحلة من الشراكة مع دول الجوار والمحيط، ودول العالم على أساس المصالح المشتركة.
وحول العلاقة مع حلفاء النظام السابق، لا سيما روسيا وإيران، قال الأرناؤوط إنّ "العمل السياسي لا يغلق الباب بوجه أحد، ونحن ننظر إلى هذه العلاقات باعتبارها مؤسسة على أساس المصالح المشتركة". ولفت الأرناؤوط إلى أنه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مدة ولاية الحكومة الانتقالية الحالية، سيُجمّد الدستور والبرلمان، وستُشكل لجنة من خبراء القانون للنظر في الدستور الحالي والعمل على تعديله.
وقد عقدت إدارة الشؤون السياسية (تتبع لهيئة تحرير الشام) اجتماعاً، أمس الثلاثاء، مع عدد من سفراء الدول في دمشق، لبحث التطورات في سورية وترتيبات المرحلة المقبلة، بحضور سفراء السعودية، ومصر، والعراق، وعمان، والبحرين، والأردن، والإمارات، وإيطاليا. وقالت الإدارة إن الاجتماع كان إيجابياً، مشيرة إلى أن قطر ستفتتح سفارتها في دمشق بعد أيام، كما سيجري تفعيل المطار الدولي خلال أيام.
وحول اقتصار هذه الحكومة على أعضاء حكومة الإنقاذ، وعدم شمولها حتى ممثلين عن أجسام المعارضة الأخرى، قال المحلل السياسي محمد جزار لـ"العربي الجديد"، إن هذه الحكومة هي حكومة مؤقتة لثلاثة أشهر، وهي محدودة الصلاحيات ولا يحق لها اتخاذ قرارات استراتيجية، وتقتصر مهمتها على تسيير الحياة اليومية، وتهيئة المناخ السياسي لإعادة صياغة الدستور، والذي سيتضمن شكل الدولة وصلاحيات المؤسسات المختلفة، وآليات إجراء انتخابات حرة، تنتج عنها حكومة دائمة، إضافة إلى انتخاب رئيس للبلاد.
ورأى جزار أن اقتصار الحكومة على أعضاء حكومة الإنقاذ ربما مرده إلى الرغبة في ضمان سلاسة العمل في هذه الفترة المحدودة، لأن أعضاء حكومة الإنقاذ يعرفون بعضهم، ويتبعون لرئيس الحكومة نفسه، ما قد يحسن من فرص التعامل بسرعة وفاعلية مع الملفات الكثيرة التي تحتاج إلى ديناميكية وسرعة في العمل.
وفي المواقف الدولية، أعلنت وزارة الخارجية القطرية وصول أول طائرة مساعدات تابعة للقوات المسلحة القطرية إلى مدينة غازي عنتاب التركية، محملة بمواد غذائية ومستلزمات إيواء موجهة إلى سورية، وذلك بعد إعلان قطر نيتها افتتاح سفارتها في دمشق بعد أيام قليلة. كما أعلن الناطق باسم الحكومة العراقية تطّلع بلاده إلى فتح سفارتها في دمشق قريباً، فيما نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن تعتقد أن الحكومة الانتقالية يجب أن تمثل رغبات كل الشعب السوري. وأضاف هؤلاء أن إدارة الرئيس جو بايدن حثت "هيئة تحرير الشام" عبر بعض الوسطاء، على عدم تولي قيادة البلاد بالتبعية، بل إدارة عملية شاملة لتشكيل حكومة انتقالية. وقال مسؤول أميركي للوكالة إن الولايات المتحدة بعثت رسائل إلى الهيئة تضمنت استعداد واشنطن للمساعدة في توجيه الجهود المبكرة لإنشاء هيكل حكم رسمي للبلاد.
وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد قال خلال مؤتمر صحافي، أمس الثلاثاء، إن "الشعب السوري هو الذي سيقرر مستقبل سورية، وينبغي لجميع الدول أن تتعهد بدعم عملية شاملة وشفافة والامتناع عن التدخل الخارجي". وأكد دعم واشنطن "الكامل للانتقال السياسي بقيادة سورية". و"ينبغي أن تؤدي عملية الانتقال هذه إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي يفي بالمعايير الدولية للشفافية والمساءلة، بما يتفق مع مبادئ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254"، مشيراً إلى أن بلاده ستعترف بحكومة سورية مستقبلية تنتج عن هذه العملية وتدعمها بالكامل.
كما أعلنت الخارجية الروسية أنها تحافظ على اتصالات مع جميع القوى السياسية الموجودة حالياً في سورية، فيما لفت الاتحاد الأوروبي إلى وجود "تحديات هائلة" تواجه العملية الانتقالية الجارية في سورية بعد سقوط نظام الأسد. وناشدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، خلال جلسة استماع أمام البرلمان الأوروبي الثلاثاء، السوريين "لعدم تكرار السيناريوهات المرعبة التي حدثت في العراق وليبيا وأفغانستان". واعتبرت أن هناك "مخاوف مشروعة بشأن أعمال العنف بين جماعات دينية وعودة التطرف والفراغ السياسي"، داعيةً إلى حماية حقوق جميع السوريين، بما في ذلك الأقليات، والحفاظ على وحدة أراضي سورية واحترام سيادتها".