الحكومة الإيرانية تتوعد مطلقي الهتافات ضد روحاني: ابحث عن الانتخابات

13 فبراير 2021
+ الخط -

ما زال الجدل مستمرا في إيران بشأن هتافات أطلقت ضد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، يوم الأربعاء الماضي، في مسيرات بمدينة إصفهان في الذكرى الـ42 لـ "انتصار الثورة الإسلامية".  
وتظهر الفيديوهات، التي اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي، قيام عدد من راكبي الدراجات النارية أثناء المسيرات بإطلاق هتاف "الموت لروحاني" ردا على مطالبة المذيع عبر مكبرات الصوت بإطلاق الهتافات "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل".
واليوم السبت أعلن المدعي العام الثوري في مدينة أصفهان، علي أصفهاني، أنه أصدر أوامر للأجهزة الأمنية بالتعرف على المحرضين ومطلقي الهتافات المهينة بحق رئيس الجمهورية.  
واستنكر "محاولة البعض الترويج لوجود فُرقة في البلاد"، مؤكداً "ضرورة الحفاظ على موقع أركان النظام السيادية".  
وأضاف أن "الجهاز القضائي سيواجه منتهكي القانون بقوة بغض النظر عن القضايا الفئوية"، حسب وكالة "تسنيم" الإيرانية.  
ولم تحتفل إيران هذا العام بالمناسبة كسائر الأعوام السابقة، فظروف تفشي فيروس كورونا دفعت السلطات إلى الاكتفاء بتنظيم الاحتفالات في الشوارع من خلال مسيرات بالسيارات والدراجات النارية. 
ولا يعد هذا الحادث منعزلا في إيران، فعند اقتراب الموسم الانتخابي أو اشتداد الخلافات الداخلية بين القوى السياسية حول ملفات معينة، مثل التفاوض مع الولايات المتحدة وغيرها، يشهد بازار الاستقطاب السياسي في إيران مثل هذه الحوادث، وخاصة أن البلاد مقبلة على استحقاق رئاسي آخر خلال يونيو/ حزيران المقبل.


كما أن إيران تشهد مشاكل اقتصادية صعبة، يحمّل المحافظون الحكومة مسؤوليتها، فيما توجّه الأخيرة أصابع الاتهام إلى العقوبات الأميركية القاسية وسياسة الضغوط القصوى التي مارسها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، والتي ما زالت مفاعيلها مستمرة على ضوء عدم اتخاذ الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن مقاربة مختلفة عنها حتى اليوم. كما أن مقربين من الحكومة وأعضاء فيها يتهمون التيار المحافظ بأنه يضع عراقيل تحول دون "التعامل البنّاء" مع الغرب ما ساهم في خلق الأزمات الاقتصادية، حسب قولهم.

تقارير دولية
التحديثات الحية

ردات فعل 
وأثارت الهتافات ضد روحاني ردات فعل وانتقادات واسعة من الحكومة والتيارات السياسية "الاعتدالية" و"الإصلاحية"، إذ ترى أوساط حكومية أن ما جرى "لم يكن عفويا، وكان مخططا له من قبل". وفي آخر هذه الردود، علق المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، اليوم السبت، على الحادث في مقال نشرته صحيفة "إيران" الرسمية.  
وتطرق ربيعي إلى جذور هذه الحوادث، من وجهة نظره، فعزاها في مقاله إلى مشاكل بنيوية في الفضاء السياسي في البلاد، ما أدى إلى "تنافس سياسي غير منتظم في البنية السياسية" ليتهم "تيارا سياسيا بأدلجة الشعارات لكسب السلطة واتهام الطرف الآخر بخيانة الإسلام والثورة". 
وأوضح أن "التنافس السياسي في إيران اليوم يفتقر إلى قواعد تنظيمية محددة وعدم وجود أحزاب أصيلة بهويات محددة ما سيجعله مع مرور الوقت تابعا لقواعد الاستقطاب في الشوارع". 
وأضاف أنه "كلما نقترب من الانتخابات يحتدم هذا الاستقطاب والتجاذب وتزداد هذه التصرفات"، مشيرا إلى أن الهتافات في الشوارع ضد الرئيس المنتخب تمثل "تجسيدا في الساحة العامة للخطابات التي نسمعها أحيانا على مستوى السلطة وبعض الأوساط السياسية والإعلامية"، متهما خصوم الحكومة من السياسيين بأنهم يهدفون من خلال هذه التصرفات إلى "الاستحواذ على السلطة السياسية".  
وفيما يواجه روحاني والحكومة انتقادات في الشارع الإيراني بسبب المشاكل الاقتصادية، ما يغري التيار المنافس لتسجيل نقاط على حساب الإصلاحيين والمعتدلين في هذه الظروف الانتخابية، حذر ربيعي من المراهنة على ترحيب الإيرانيين بهذا السلوك. وقال "من السذاجة التصور بأن المجتمع بشكل عام سيرحب بهذه التصريحات والإهانات، وهؤلاء أيضا لن يكونوا في أمان من العدوى لدى عموم الناس"، ليؤكد أنه "في الظروف الراهنة مع متاعب المواطنين من معاناة العقوبات وكورونا والضغوط الاقتصادية، فالشعارات سترتد عليهم طبعا".  
بدوره أصدر مجلس الوزراء بيانا أمس الجمعة، ندد فيه بالهتافات ضد رئيس الجمهورية، معتبرا أنها "مخالفة للقانون وتصب في مصلحة الأجانب"، و"انتهاك مكرر" لتوصيات المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي الذي أكد أخيرا على "ضرورة الالتزام بالأدب الإسلامي في الحديث".  
وأشاد المجلس بـ"صمود الإيرانيين في مواجهة المعاناة التي تحملوها خلال هذه السنوات الثلاث من الحرب الاقتصادية المفروضة عليهم"، متهماً جهات لم يسمها بـ"تبرئة مستمرة لأولئك الذين فرضوا العقوبات خلال سنوات الحرب الاقتصادية"، ومعتبراً أن ذلك "وصمة عار لن تزول".  
كما عزت الحكومة الإهانات والهجمات عليها إلى "مصالح عابرة ودعاية (انتخابية) لشهور"، مؤكدة أنها "لن تسمح حتما بالتأثير على حكم الرأي العام عبر روايات مزورة ومحاولات انتهازية"، فضلا عن تسويق الحكومة على أنها "فاشلة" وتبرئة الولايات المتحدة لفرضها العقوبات وممارستها الضغوط.  

كما أعلنت الحكومة أنها مارست "الصبر" في هذه الظروف، متوعدة بأن "أي صبر له نهاية". كذلك أكدت أنها "لن تسمح بالتضحية بالحقيقة"، مع التحذير من "إحداث الانقسام وبث الكراهية في توقيت تحتاج فيه البلاد إلى الانسجام حفاظا على مصالح الشعب الإيراني".  
كما شددت على أنها "تحذر بشكل قاطع وتعلن أن تفضيل المصالح الفئوية على المصالح الوطنية في هذه المرحلة الفاصلة يعرض إنجازات الصبر الاستراتيجي لإيران للخطر".  
أما المحافظون فلم تصدر ردات فعل ملفتة للنظر منهم، لكن النائب المحافظ عن دائرة أصفهان، عباس مقتدايي خور اسجاني، أبدى تعليقا مثيرا من نوعه، حيث اعتبر الهتافات ضد روحاني "مزاحا" معه، داعيا "الجميع إلى الوحدة". وقال إنها "حدثت خارج المسار الرئيس للمسيرات"، كما أوردت صحيفة "همشهري".

المساهمون