استمع إلى الملخص
- استعرضت الباحثة نوف الجسار دور الولايات المتحدة في تعزيز الاتفاقات الإبراهيمية، مع التحديات التي تواجه تنفيذها، مثل رفض بعض الدول وتصاعد التوترات بعد الحرب على غزة.
- تناول المنتدى مواقف دول الخليج من الحرب على غزة وتأثيرها على قطاع الطاقة، مع التأكيد على الرفض الشعبي للتطبيع في دول الخليج.
اختُتمت في الدوحة، اليوم الأحد، أعمال الدورة الـ11 لمنتدى دراسات الجزيرة والخليج العربي التي نظّمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على مدى يومين، حيث تصدرت قضية التطبيع الخليجي مع إسرائيل بعد صفقة القرن، والحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة، نقاشات اليوم الثاني والأخير للمنتدى.
وبحثت الجلسة التي ترأسها الباحث ظافر العجمي في المسار السياسي موضوع "دول الخليج العربية والقضية الفلسطينية"، وناقش المنتدى في هذه المحور "تداعيات التطبيع الخليجي مع إسرائيل على مستقبل القضية الفلسطينية". واستعرض الباحث عبد الله باعبود تحولات مواقف دول الخليج العربية تجاه القضية الفلسطينية. وبيّن أنّ القضية الفلسطينية كانت من أولويات دول الخليج، لكن الاهتمام بها تراجع بسبب التغيرات الإقليمية والدولية.
كما سلطت الورقة الضوء على تأثير الثورة الإيرانية عام 1979 ودعمها المقاومة الفلسطينية، ما خلق توترًا مع دول الخليج التي كانت تفضّل الحل السلمي. وتناولت الورقة أيضا تطورات عملية السلام العربي مع إسرائيل، وتداعيات الانقسام الفلسطيني، وأحداث الربيع العربي وتأثيره على مواقف دول الخليج. ولفت الباحث باعبود إلى أن هذه العوامل، إضافة إلى التوجه نحو التنوع الاقتصادي، دفعت دول الخليج إلى تعديل سياساتها نحو القضية الفلسطينية وبدء مسار التطبيع مع إسرائيل.
وتناولت الباحثة نوف عبد اللطيف الجسار، في ورقتها، دور الولايات المتحدة في توطيد الاتفاقات الإبراهيمية مع دول مجلس التعاون، وما قامت به لتعزيز هذه الاتفاقات، خاصة في فترة الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن، واستعرضت فيها خطوات الإدارة الأميركية في إبرام الاتفاقات، وأهدافها على المديَين القريب والبعيد. وأشارت إلى أن "طوفان الأقصى" كان سببًا رئيسًا في عرقلة هذه المبادرة. كما تطرقت لتحديات تنفيذ الاتفاقات، لا سيما رفض بعض الدول لها وتصاعد التوترات في المنطقة بعد الحرب على غزة. وخلصت إلى أن الولايات المتحدة ستستمر في دعم هذه الاتفاقات على الرغم من التحديات، وخاصة بعد طوفان الأقصى، مشيرة إلى أن التحدي الأكبر يكمن في تصاعد التوترات الإقليمية والشعبيّة العربية المعارضة لهذه الاتفاقات.
أما الباحثة دانا الكرد، فناقشت "تأثير التطبيع العربي-الإسرائيلي في السلطوية في الدول العربية"، وانطلقت من سؤال يناقش هذه المسألة، وجادلت بأن التطبيع الذي لا يعالج الأسباب الجذرية للصراع، والذي يحافظ على العنف البنيوي، يمكن أن يسهل الممارسات الاستبدادية من خلال الآليات المادية والخطابية. وقد بحثت في هذه الدينامية من خلال دراسة حالة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ذات الممارسات السلطوية المختلفة، ومن خلال تفكيك العلاقات التي تربطها بإسرائيل.
كما ناقش المنتدى مواقف دول الخليج العربية من الحرب على غزة وتداعياتها في الجلسة التي ترأسها يوسف بن حمد البلوشي، وعرض فيها ظافر العجمي مواقف دول الخليج من الحرب الإسرائيلية على غزة، موضحًا دعمها السياسي والدبلوماسي للقضية الفلسطينية. وخلص إلى أن التحرك الخليجي كان متعدد الأبعاد، سياسيًا ودبلوماسيًا وإنسانيًا، وأنّ هذا التحرك ساهم في توحيد المواقف العربية والإسلامية.
وتناول الباحث ناجي أبي عاد آثار حرب غزة في قطاع الطاقة في الشرق الأوسط مركّزًا على أمن إمدادات النفط والغاز أثناء التهديدات الأمنية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب. وأشار إلى التأثيرات السلبية للحرب في تدفق النفط والغاز إلى أسواق الطاقة العالمية، خاصة إلى أوروبا، وناقش التوجه نحو الاعتماد على خطوط أنابيب النفط والغاز بدلًا من الناقلات البحرية المعرّضة للخطر. وخلص إلى أن الحرب قد تؤدي إلى تقليل اعتماد السوق العالمية على النفط والغاز من الشرق الأوسط في المدى البعيد. كما تطرق أيضًا إلى تأثيرات الحرب في آفاق التعاون في مجال الطاقة بين إسرائيل ودول المنطقة، بما في ذلك الشركات المشاركة في قطاع الغاز شرق البحر الأبيض المتوسط.
وتحدث خالد حمد أبا الزمات في ورقته عن توجهات الرأي العام الخليجي تجاه السياسة الخارجية القطرية المتعلقة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 2023-2024، حيث أظهرت دراسة شملت 1300 من مواطني دول الخليج وعيًا إيجابيًا تجاه دور قطر في الوساطة، وأظهرت كذلك تقديرًا لدور الإعلام القطري في تغطية الأحداث.
وعرض المنتدى في ختام جلسات المسار السياسي للمواقف الشعبية والرسمية في دول الخليج العربية من القضية الفلسطينية ترأستها الباحثة ابتهال الخطيب، وناقش فيها الباحثان ناصر السعدي وسيف المسكري، في ورقتهما، المواقف العمانية تجاه القضية الفلسطينية بدايةً من النكبة حتى اتفاقية كامب ديفيد. واستعرضا المواقف الشعبية، والرسمية، ومعارضة عُمان هذه الاتفاقية من خلال ثلاثة محاور؛ التفاعل الشعبي مع القضية الفلسطينية عبر التبرعات والمشاركة في النضال وحضور فلسطين في الأدب والشعر، وتحليل تطور المواقف الرسمية العمانية وأثر التحولات السياسية، خاصة بعد عام 1970، ودراسة مواقف المعارضة العمانية وأيديولوجياتها. وخلصت الورقة إلى أن الوعي الشعبي العماني كان مبكرًا؛ إذ تميزت السبعينيات بتفاعل قوي على الرغم من العزلة.
وتناولت الباحثة رهام عمرو تحولات الوعي السياسي الكويتي تجاه القضية الفلسطينية بين عامَي 1929 و1975، مستخدمةً نظرية الوعي السياسي لجون زلر ونظرية "الجماعات المتخيّلة" لبنديكت أندرسون، وركزت في ورقتها على تطور الوعي الكويتي من خلال تحليل مقالات صحافية من مجلات كويتية وعربية وفلسطينية، وبيّنت تضامن الكويتيين مع القضية الفلسطينية خلال تلك الفترة، فيما عرضت الباحثة يارا نصّار نشأة الثورة الفلسطينية بين العامين 1956 و1965 في الخليج، خاصة في الكويت وقطر والسعودية، حيث استقر مؤسسو حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وكوّنوا علاقات مع الجاليات والشعوب الخليجية التي دعمتهم. كما استعرضت في ورقتها العوامل الفكرية والسياسية التي ساعدت على تبلور الثورة في البلدان المذكورة.
قطار التطبيع خليجياً
وفي تصريحات لـ"العربي الجديد" على هامش المنتدى، قال رئيس مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز صقر، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يتوقع أن يساهم التطبيع في حل القضية الفلسطينية، والدليل على ذلك ما حصل مع الدول التي طبعت مع إسرائيل حيث لم تتمكن تغيير الموقف الإسرائيلي.
وعن الرهان على استمرار مواقف دول الخليج العربية الرافضة للتطبيع مع إسرائيل، قال إن السعودية ربطت التطبيع بتوقيع اتفاقية سلام وتنفيذها بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة. وفيما إذا كان التطبيع الخليجي سيحدث مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، قال صقر: إن ترامب حتى في صفقة القرن لم يتحدث عن حلول سياسية، بل تحدث عن قضية اقتصادية، والسؤال هل سيضيف بعدا سياسيا لصفقة القرن أم لا؟". وأضاف: "ليس بالضرورة أن تقوم دول الخليج بالتطبيع مع إسرائيل فهناك رفض شعبي للتطبيع".
و فيما اعتبر مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر سابقا الباحث عبد االله باعبود أن إدارة ترامب المقبلة ستدفع دول الخليج والدول العربية الأخرى للتطبيع بسبب الضعف والتشرذم، قال إن عنده تخوفا حقيقيا من اكتمال دائرة التطبيع خليجيا وعربيا بسبب ضغوط إدارة ترامب المتوقعة التي تعتبر أنها حققت نجاحا بإطلاقها صفقة القرن في الإدارة الأولى. ويرى باعبود أنه لا يمكن الركون إلى الموقف الشعبي الرافض للتطبيع في وجه الضغوط الأميركية المتوقعة، لأن صوت المواطن العربي غائب ولا يؤخذ به في مثل هذه القضايا.