الجيش اللبناني يعرض تقريره الأول حول تنفيذ خطة حصر السلاح
استمع إلى الملخص
- عرض قائد الجيش تقريراً عن مهام الجيش جنوب نهر الليطاني، مشيراً إلى العوائق مثل الاعتداءات الإسرائيلية، وأكد على الحاجة إلى دعم إضافي رغم تلقي 190 مليون دولار من الولايات المتحدة.
- شهدت الساحة السياسية توترات بين الحكومة وحزب الله، خاصة بعد إضاءة صخرة الروشة بصورة قادة الحزب، واعتكف رئيس الوزراء احتجاجاً على مخالفة القرارات الإدارية.
عقد مجلس الوزراء في لبنان، بعد ظهر اليوم الاثنين، جلسة على جدول أعمالها عشرة بنود، أبرزها عرض قيادة الجيش التقرير الشهري حول خطة حصر السلاح في المناطق اللبنانية كافة، إنفاذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ الخامس من سبتمبر/أيلول الماضي. ويُتوقّع أن يكون النقاش حاداً بشأن هذا البند وبندين آخرين، خصوصاً في ظلّ خلافات سياسية ارتفعت وتيرتها في الأسابيع الماضية، طاولت حتى رئاستي الجمهورية والحكومة، على وقع رفع حزب الله أيضاً سقف التحدّي بوجه رئيس الحكومة نواف سلام ورفضه تسليم سلاحه.
ويتمثل البندان الآخران بـ"عرض وزير العدل الإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة التمييزية والمرتبطة بالتجمّع في منطقة الروشة - بيروت في 25 سبتمبر الماضي"، الذي أضاء خلاله حزب الله صخرة الروشة بصورة الأمينين العامين السابقين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، رغم عدم الحصول على ترخيص، والثاني "طلب وزارة الداخلية والبلديات حلّ الجمعية اللبنانية للفنون - رسالات، وسحب العلم والخبر منها لمخالفتها كتاب محافظ بيروت الصادر في 24 سبتمبر، ومخالفتها نظامها الداخلي والموجبات التي التزمت بها عند طلبها العلم والخبر، إضافة إلى مخالفتها القوانين التي ترعى الأملاك العمومية والتعدي عليها واستعمالها لغير الغاية المخصّصة لها ولغايات تمسّ بالنظام العام دون ترخيص أو موافقة مسبقة"، علماً أنّ هذا البند سيتزامن النقاش به مع تحرك تضامني دعماً لـ"رسالات" وتأكيداً على أن "الجمعية مستمرّة ونشاطها سيزداد فعالية في الأيام المقبلة".
وقالت مصادر عسكرية لبنانية لـ"العربي الجديد" إن قائد الجيش العماد رودولف هيكل عرض خلال جلسة مجلس الوزراء المهام التي قام بها الجيش في جنوب نهر الليطاني والمواقع التي انتشر فيها والعوائق التي تحول دون استكمال انتشاره، مضيفة أن قائد الجيش أكد ضرورة انسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها جنوباً ووقف اعتداءاتها من أجل استكمال انتشار العناصر جنوب نهر الليطاني. وتضمن تقرير الجيش أيضاً مهام قام بها خلال هذا الشهر والعمليات النوعية سواء على صعيد المخيمات الفلسطينية أو على الحدود مع سورية، وفقاً للمصادر نفسها.
وكان مصدر عسكري قد قال لـ"العربي الجديد" إن "الجيش سيعرض في تقريره اليوم المهام التي قام بها خلال هذا الشهر في منطقة جنوب نهر الليطاني في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة، من أصل خمس مراحل، إلى جانب تنفيذ مهام أخرى شمال الليطاني، وأيضاً على صعيد تسلم السلاح من بعض المخيمات الفلسطينية، أهمها في مخيم عين الحلوة جنوباً"، مشيراً إلى أنّ "الجيش سيؤكد التزامه بقيامه بمهامه كافة وتنفيذه الخطة، لكنه سيؤكد في المقابل العراقيل التي تحول دون تنفيذها كاملة، على رأسها استمرار العدو في اعتداءاته وانتهاكه السيادة الوطنية واحتلاله جزءاً من الأراضي اللبنانية، مع التأكيد أيضاً على الدعم الذي يحتاجه الجيش للقيام بمهامه بالشكل اللازم، علماً أن مساعدات أميركية أقرت له ووصلت إلى حدّ 190 مليون دولار، ولكن المطلوب بعد أكثر بكثير".
ولفت المصدر إلى أن "الجيش ملتزم بإتمام المرحلة الأولى من الخطة ليكون جنوب نهر الليطاني منزوع السلاح حتى نهاية العام الجاري، لكن هذا يتطلب وقف الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والتي تجاوزت عتبة 4500 خرق"، مشيراً إلى أن "خطة الجيش تتضمن أيضاً ضبط الحدود ومكافحة التهريب والمخدرات وغيرها، وخلال هذه الفترة، قام الجيش بعمليات نوعية بهذا الإطار وهو ماضٍ بها".
واستبق الجلسة لقاء بين رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس كتلة حزب الله البرلمانية (الوفاء للمقاومة) النائب محمد رعد الخميس الماضي، أُقرّ خلاله بوجود تباينات، لكن يجرى العمل على معالجتها لتحقيق المصلحة الوطنية العليا، كما عقد لقاء بين رعد وقائد الجيش العماد رودولف هيكل بحث الأوضاع العامة في البلاد، إلى جانب الزيارة التي قام بها الأخير إلى جنوب الليطاني، حيث تفقد الوحدات العسكرية المنتشرة في القطاع، واطّلع على سير العمل وحسن تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الجيش وتعزيز انتشاره في القطاع، إلى جانب التعاون والتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).
وتوقعت مصادر حكومية تحدثت لـ"العربي الجديد" أن "جلسة اليوم قد تشهد سجالات في ظل الخلافات والتباينات، لكنها مهمة جداً ويجب أن تكون رسالة للمجتمع الدولي، لا سيما للأميركي، الذي شكّك أخيراً في عمل الحكومة وقدرات الجيش حيال جدية عمل مجلس الوزراء في تطبيق قراراته، خصوصاً على صعيد حصرية السلاح"، لافتة إلى أن "لبنان سيواصل مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها، كما الدعوة إلى عقد مؤتمرات لدعم الجيش وإعادة الإعمار".
نائب في حزب الله: لسنا معنيين بمناقشة حصرية السلاح
وفي السياق، قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله في موقف له اليوم الاثنين إنّ "الحكومة تريد أن تناقش خطة للجيش تحت عنوان حصرية السلاح، وحاول بعض هذه السلطة بالأمس القريب أن يزجّ هذا الجيش بمواجهة مع الناس، وعندما تصرّف الجيش انطلاقاً من مسؤوليته الوطنية والقانونية، غضب بعض السلطة وعمد إلى التحريض عليه، ونشر صور للقادة الأمنيين وللوزراء المعنيين وتحميلهم المسؤولية، في حين أنه لو قام فريق آخر بما قامت به هذه الجهات، لسمعنا صراخاً وعويلاً واتهامات، ولكن أن يقوموا هم بالتحريض على الجيش فهذا كأنه أمر عادي".
وأضاف فضل الله "الذين يتحدثون عن الطائف ويدّعون أنهم يتمسكون به، هم من ينقلبون عليه وعلى الدستور، ولا يقبلون بتسليح هذا الجيش، فبدل مناقشة حصرية السلاح كان على الحكومة أن تضع بنداً أولاً وثانياً وثالثاً هو كيفية التصدي للاعتداءات الإسرائيلية، وحماية أرواح الناس وتسليح الجيش لمواجهة العدوان الإسرائيلي، لأن المقاومة غير معنية ببند حصرية السلاح، فمبدأ حصرية السلاح وحلّ المليشيات تحقّق منذ 35 سنة، والمقاومة بقيت مقاومة لأنها موضوعة تحت بند تحرير الأرض من الاحتلال كما نصّ الطائف، وكما أقرت الحكومات منذ عام تسعين إلى اليوم".
وشدد فضل الله على "أننا لسنا معنيين بمناقشة حصرية السلاح، وإذا كان هناك من مليشيات فليذهبوا ويحصروا سلاحها، أمّا المقاومة فهي مقاومة، وهي خارج كل هذه التصنيفات التي يُراد لها أن تسود في هذه المرحلة، وستبقى مقاومة ولن يستطيع أحد المسّ بها وبخيارها وبنهجها وبسلاحها، لأنه سلاح مشرّع في اتفاق الطائف ومشرّع على مدى 35 سنة من البيانات الوزارية التي صادقت عليها الحكومات على امتداد هذه الفترة الزمنية، ولا يمكن لأي شخص أو مسؤول أتى لمرحلة معينة أن يغيّر من هذه الصيغة الميثاقية المرتبطة بتركيبة لبنان وبصيغة لبنان، ولا أحد يستطيع أن يغيّر في هذه الصيغة، وكل الذين اصطدموا بهذه التركيبة المتنوعة في لبنان وبهذه الصيغة هم خسروا وبقي لبنان، هم ذهبوا وانتهت سلطتهم وبقي الشعب وبقي لبنان وبقيت المقاومة".
وقبيل أيام على انعقاد الجلسة، وافقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تقديم 230 مليون دولار للجيش والأمن اللبناني في إطار سعيها لنزع سلاح حزب الله، وذلك بعدما كانت تصريحات الموفد الأميركي توماس برّاك قد شكّكت بقدرات الجيش وبجدية عمل الحكومة في إطار تنفيذ مقرراتها، الأمر الذي وُضع في إطار إعطاء ذريعة للإسرائيلي لمواصلة اعتداءاته على الأراضي اللبنانية.
وينعقد مجلس الوزراء اليوم بعد تطورات سياسية شهدتها البلاد منذ جلسة الخامس من سبتمبر، التي رحّبت بخطة الجيش لحصر السلاح، إلى جانب تلك الميدانية المتمثلة بتصعيد جيش الاحتلال اعتداءاته على الأراضي اللبنانية، حيث زادت الخلافات بين القوى السياسية والتباينات على خط رئاستي الجمهورية والحكومة، وكذلك على مستوى حزب الله، خصوصاً إبّان واقعة إنارة صخرة الروشة في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الأمينين العامين السابقين للحزب حسن نصر الله وهاشم صفي الدين وما تركته من تداعيات على الساحة المحلية.
واعتكف رئيس الوزراء نواف سلام ليوم واحد اعتراضاً على مخالفة حزب الله والجهة المنظمة للقرارات الإدارية، متمسّكاً بضرورة محاسبة المخلّين وتوقيفهم، مع امتعاض سُجِّل أيضاً من طريقة تعاطي الأجهزة الأمنية والعسكرية مع ما حصل، وقد بدأ المدعي العام باستدعاء أشخاص للتحقيق وإصدار مذكرات بحث وتحرّ بحق من لم يحضر. وشهدت علاقة سلام مع رئيس الجمهورية عون ووزير الدفاع ميشال منسى توتراً، في ظلّ تمسّك الأخيرين بضرورة درء الفتنة، وبأن السلم الأهلي يبقى أسمى من أي اعتبارات، واعتراضهما على توجيه سهام الانتقاد للجيش أو القوى الأمنية، أيضاً مع بروز تقليد عون قائد الجيش العماد رودولف هيكل وسام الأرز الوطني، وذلك في حين يشدد رئيس الوزراء على أن درء الفتنة لا يمكن أن يتم على حساب تطبيق القانون، معتبراً أنّ الخاسر الأكبر ممّا حصل في الروشة هو مصداقية الجهة المنظمة ومن يقف خلفها.
إثر ذلك، زاد حزب الله هجومه على رئيس الوزراء نواف سلام، الذي اعترض على إضاءة صخرة الروشة، متحدّياً إياه بإنارتها، كما تكثيف مواقفه ضدّه، بالإشارة المتكررة إلى خضوع حكومته للإملاءات الأميركية، مطالباً أيضاً بسحب البند المتعلق بترخيص جمعية رسالات، معتبراً إيّاه "بنداً غير أخلاقي"، وذلك إلى جانب مهاجمته تعميم وزير العدل عادل نصار (محسوب على حزب الكتائب برئاسة النائب سامي الجميل المعارض لحزب الله)، إلى الكتّاب العدل للتحقق من مصدر الأموال، ومن أن أطراف الوكالة غير مدرجين على لوائح العقوبات الوطنية والدولية، معتبراً أن هذه الخطوة تحوّل وزير العدل إلى ضابطة عدلية لدى الإدارة الأميركية.