الجولاني يسوّق نفسه مجدداً بحلّته المدنية

الجولاني يسوّق نفسه مجدداً بحلّته المدنية

08 يناير 2022
يحاول الجولاني تكريس نفسه كشخصية معتدلة (تويتر)
+ الخط -

ظهر القائد العام لـ"هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني مجدداً بشكل علني وباللباس المدني، خلال افتتاح طريق أمس الجمعة، شمال غربي سورية، في ما فسّره مراقبون بأنه يندرج في إطار مساعيه لتكريس نفسه كشخصية معتدلة، ترعى أنشطة مدنية لخدمة السكان، بعيداً عن تصنيفات الإرهاب الموسوم بها فصيله، والذي يُعدّ الأكبر في تلك المنطقة.

وافتتح الجولاني طريق حلب – باب الهوى بحلته الجديدة، بعد إعادة تعبيده وتوسيعه وإنارته. وإلى جانب الجولاني، حضر الافتتاح رئيس حكومة "الإنقاذ" المقربة من الهيئة، علي كده، وإداريون من منطقة سرمدا والدانا شمالي إدلب، حيث يُعتبر الطريق أول مشروع "حكومي" في المناطق الخاضعة لسيطرة "تحرير الشام"، وبلغت تكلفته حوالي مليوني دولار، بطول يبلغ حوالي 3200 متر، وعرض 30 متراً، واستغرق العمل به حوالي خمسة أشهر، وفق حسابات مقربة من "تحرير الشام".

وكان لافتاً حضور أبو محمد الجولاني في الافتتاح، ما أثار الجدل مجدداً حول ظهوره في قضية خدمية بعيداً عن الشأن العسكري، وسط تصعيد من قوات النظام وروسيا على مناطق شمال غربي سورية خلال الأيام الماضية.

ولم يكن هذا الظهور المدني الأول للجولاني، إذ ظهر في الاجتماع الذي رعاه "مجلس الشورى" مع وزارة الاقتصاد بحكومة "الإنقاذ"، لمناقشة الوضع الاقتصادي، وخصوصاً أزمة الخبز في الشمال السوري، في 23 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث تحدث عن مشكلة الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرته، ووعد بتحسن الأوضاع المعيشية للسكان، ودعم مادة الخبز بشكل إسعافي، من خلال توفير مبالغ من الإيرادات.

كما ظهر الجولاني بلباس مدني خلال تخريج دورة عسكرية في إدلب شمال غرب سورية، نهاية أغسطس/آب الماضي، وقبل ذلك في مطلع فبراير/شباط العام الماضي مع الصحافي الأميركي مارتن سميث.

ورأى الناشط محمد اسلام في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذا الظهور المدني المتكرر للجولاني، خصوصاً في أنشطة غير عسكرية، هدفه تكريس نفسه كزعيم سياسي يمكن أن يكون له دور في مستقبل سورية، إضافة إلى أنه يندرج في إطار محاولاته و"هيئة تحرير الشام"، الخروج من تصنيف الإرهاب الذي أطلق على الهيئة من جانب مجلس الأمن والولايات المتحدة والعديد من دول العالم، بما فيها تركيا.

وأضاف اسلام أن "الظهور المتكرر للجولاني بشكل علني، وتجوله حتى في الأسواق، من دون أن يتم رصده أو استهدافه من جانب الطائرات المسيّرة الأميركية التي كثيراً ما تستهدف شخصيات منسوبة لتنظيم "القاعدة" في مناطق سيطرة الجولاني، يلقي بظلال من الشك حول حقيقة الموقف الأميركي من الجولاني، ومدى استعداد واشنطن للتعامل معه في المرحلة المقبلة".

وكان برنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع لوزارة الخارجية الأميركية، أعلن عن مكافأة نهاية العام 2020 قيمتها عشرة ملايين دولار، لأي جهة أو شخص يقدم معلومات عن مكان الجولاني وتحركاته، وقال إن "الجولاني يتظاهر بالاهتمام بسورية، لكن الناس لم ينسوا جرائم تنظيمه بحقهم"، وفق وصفه.

ورأى إسلام أن هذه المحاولات المتكررة من جانب الجولاني لتأهيل نفسه دولياً وشعبياً، تصطدم بممارسات الهيئة على الأرض، وانتهاكاتها المستمرة بحق المدنيين والناشطين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها صدر قبل أيام، إن "هيئة تحرير الشام" واصلت استهداف الناشطين والعاملين في المنظمات الإنسانية بعمليات الاحتجاز، ومعظمها "على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، أو بتهم أخرى كالعمالة لصالح "قوات سورية الديمقراطية" والنظام السوري، وتمَّت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة، أو عبر عمليات استدعاء للتحقيق من قبل وزارة العدل التابعة لحكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام. كما سجل التقرير حالات احتجاز جرت على نقاط التفتيش التابعة لها بتهمة الإفطار في شهر رمضان".

كما وثقت الشبكة عمليات استدعاء قامت بها مديرية الإعلام التابعة لحكومة الإنقاذ لنشطاء إعلاميين على خلفية منشورات لهم على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، إضافة الى تسجيل عمليات اعتقال في مخيمات النازحين شمال إدلب، رافقها إطلاق نار واعتداء بالضرب على مدنيين.

ومطلع العام الماضي، شهدت إدلب مظاهرات طالبت بإسقاط الهيئة وزعيمها أبو محمد الجولاني. وتحظر الهيئة أي محاولة لإنشاء أحزاب، أو تجمعات مدنية أو شعبية أو نقابية، خشية ظهور آراء مخالفة أو مناوئة قد تؤثر على سلطتها الشمولية في المنطقة.