الجنوب السوري... توافقات مع دمشق وخلافات على الجزئيات

05 يناير 2025
أحد الشوارع في محافظة درعا جنوبي سورية، 7 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكدت غرفة العمليات المشتركة في الجنوب السوري التزامها بتسليم الأسلحة تدريجياً للحكومة السورية الجديدة، مع ضمان وحدة وسلامة البلاد، وتنسيق أمني مع القيادة العامة في دمشق لحماية المدنيين والمؤسسات.
- نفت فصائل المعارضة في درعا وجود خلافات جوهرية مع القيادة العامة، مؤكدة التزامها بوحدة سورية وسلامتها، ورفضها للصدامات الداخلية، مع التعاون للحفاظ على استقرار البلاد.
- أشار القائد أحمد العودة إلى أن تأني بعض الفصائل في تسليم الأسلحة يعود لعدم الثقة ببعض فلول النظام وخلايا داعش، مؤكداً على ضرورة توفير ضمانات لحماية المنطقة وتعزيز القوات العسكرية.

أكدت مصادر مقربة من غرفة العمليات المشتركة في الجنوب السوري التي تنضوي تحتها فصائل محافظات "درعا والسويداء والقنيطرة"، أنه ليس هنالك أي إشكاليات مع القيادة العامة في دمشق، وأن جميع الفصائل ملتزمة بتسليم أسلحتها إلى الحكومة السورية الجديدة، بما يضمن وحدة وسلامة سورية ويكفل الاستقرار، ولكن وفق مراحل لعدد من الأسباب التي اعتبرتها وجيهة.

وأضافت المصادر أن هناك تنسيقاً أمنياً وثيقاً بين الفصائل والقوات التابعة للإدارة، وأن فصائل الجنوب السوري ملتزمة بالتنسيق مع القيادة العامة، وإن هناك جهوداً مشتركة لفرض الأمن والاستقرار. وقالت المصادر في حديث لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات رسمية من قيادة غرفة عمليات الجنوب أشارت إلى أن الفصائل التابعة لها لعبت دوراً محورياً في حماية المدنيين والمؤسسات العامة، وأنها ستواصل جهودها لخدمة المنطقة والمواطنين، لافتة إلى أن هناك تعاوناً وثيقاً بين الفصائل والإدارة العامة، بهدف الحفاظ على وحدة سورية واستقرارها، وأنه ليس هنالك أي مساعٍ إلى أي مكاسب سياسية شخصية.

كما أكدت مصادر مطلعة من فصائل المعارضة في درعا، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"؛ التزام فصائل الجنوب بوحدة سورية وسلامتها، ورفضها لأي صدامات داخلية بين أبناء الثورة عموماً وبين فصائل الجنوب السوري على وجه التحديد، مشيرة إلى اتفاقها مع غرفة العمليات في الجنوب ومع الإدارة الحالية في سورية على الخطوط العريضة، نافية وجود أي خلافات جوهرية بينهما.

وأشارت المصادر إلى أن كل ما يشاع في وسائل الإعلام حول وجود خلافات بين الفصائل في الجنوب والقيادة العامة هو محض افتراء، مؤكدة أن هنالك اختلافات في وجهات النظر فقط تتركز حول آليات إدارة البلاد بشكل عام، وليس حول القضايا الجوهرية مثل وحدة الوطن.

ونقلت المصادر عن القائد العسكري أحمد العودة قوله، إن فصائل اللواء الثامن ملتزمة بتحييد المنطقة الجنوبية عن أي صراع، وأنه على تواصل وثيق مع فصائل في السويداء والقنيطرة، مؤكداً وحدة الصف في مواجهة التحديات المشتركة. وأوضح العودة بحسب ما نقلت المصادر، أن سبب تأني بعض الفصائل في تسليم أسلحتها يعود إلى عدم الثقة الكاملة ببعض فلول النظام وبعض خلايا تنظيم "داعش" النائمة الذين لا يزالون موجودين في المنطقة، وليس إلى أي رغبة في العصيان، مؤكداً استعداد الفصائل للانضواء تحت جناح وزارة الدفاع، شريطة توفير الضمانات الكافية لحماية المنطقة من أي تهديدات خارجية، خاصة أن المنطقة الجنوبية هي أوسع منطقة حدودية في سورية، ما يخيف من أخطار محتملة في حال عدم كفاية عناصر قوى الأمن والجيش الذين سيتم فرزهم للمحافظات. وشدد على حاجة المنطقة الجنوبية إلى توفير ثلاثة فرق عسكرية على الاقل لتأمين الحدود والحفاظ على الأمن والاستقرار.

وحول ما حدث في السويداء ورأي عمليات الجنوب، قال مصدر لـ"العربي الجديد": "نحن لا نعرف ما هي الترتيبات في السويداء، وهذا الأمر من شأن المحافظة، ولكن ما يعنينا هو أننا على قلب رجل واحد مع السويداء والقنيطرة، وإن أي خلافات بالرأي مع غرفة العمليات في سورية ليست على الخطوط العريضة التي أخذنا على أنفسنا عهوداً بصونها، بل على طريقة الإدارة غير المؤسساتية. فمثلاً إرسال رتل دون تنسيق مسبق قد يثير الشكوك في ظل وجود فلول للنظام وداعش في المنطقة، والجميع باستطاعته اليوم أن يدعي ولاءه للإدارة ويفعل عكس توجهاتها".

وضرب المصدر مثالاً آخر جاء فيه: "قائد الشرطة الذي أُرسل إلى درعا أُرسلت حامية مرافقة له فقط من 15 عنصراً، وهؤلاء لا يمكنهم أن يضبطوا الأوضاع في محافظة ينتشر فيها السلاح على نطاق واسع، كما أن الإدارة لم تستطع تعيين محافظ لدرعا وفق الرغبة الشعبية ولم توافق على الشخص المتوافق عليه من أهالي المحافظة".

وفي تصريح نقلته شبكة "درعا 24" عن العقيد نسيم أبو عرة، قائد غرفة عمليات الجنوب، نفى الأخير "رفض فصائل الجنوب في المحافظات الثلاث تسليم سلاحها للإدارة السورية الجديدة"، مؤكداً أنّهم "ينسقون من بداية عمليات التحرير وعملوا جميعاً معاً"، ومشيراً إلى أن هنالك تواصلاً مع الإدارة في دمشق بهذا الخصوص، وأنه جرى اتفاق على دمج القوى العسكرية تحت غرفة العمليات العسكرية بهدف فرض الأمن والاستقرار. وأكد أن "الجنوب السوري كتلة واحدة خالية من الخلافات، وأن هذه المرحلة تم تجاوزها بسلام".

أحد الناشطين السياسيين من درعا، قال لـ"العربي الجديد": "إن قرار تسليم السلاح، وإن كان خطوة صعبة، إلا أنه يأتي في سياق التطورات الميدانية والسياسية المعقدة التي تشهدها المنطقة. نحن بصفتنا ناشطين، ندرك تماماً بأن مصلحة الوطن العليا تقتضي اتخاذ قرارات صعبة، وأن الحفاظ على حياة المدنيين وتجنب المزيد من الدمار هو أولوية قصوى. إننا نأمل أن يؤدي هذا القرار إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، وأن يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من البناء والإعمار. ولكننا نحذر في الوقت نفسه من تكرار الأخطاء التي ارتكبت في الماضي، ونطالب بضرورة توفير الضمانات الكافية لحماية المدنيين، ومنع أي انتهاكات لحقوق الإنسان. كما نؤكد أهمية الشفافية والمساءلة في عملية تسليم السلاح، وأن يتم ضمان عدم استخدامه ضد المدنيين".

وختم: "إننا نؤمن بأن مستقبل سورية يبنى على أسس الشراكة والتوافق الوطني، وأن تحقيق المصالحة الوطنية هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة. ونناشد جميع الأطراف إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل معاً من أجل بناء مستقبل أفضل لسورية".