الجزائر: مقترحات حزبية محدودة حول قانون الانتخاب ودعوات لحوار وطني

الجزائر: مقترحات حزبية محدودة حول قانون الانتخاب ودعوات لحوار وطني

01 فبراير 2021
مزيد من الدعوات الى حوار سياسي في الجزائر (العربي الجديد)
+ الخط -

كشفت لجنة صياغة القانون الانتخابي الجديد في الجزائر تلقيها 35 وثيقة فقط، تضم مقترحات حول مسودة القانون، من قوى سياسية ومدنية ومفكرين وأكاديميين، تقوم في الوقت الحالي بمعالجتها، قبل الانتهاء في وقت قريب من صياغة المسودة النهائية للقانون الانتخابي. يأتي ذلك فيما تجتهد قوى سياسية في الدفع لدعوة السلطة إلى إطلاق مسار حوار سياسي وطني يجمع كل الأطراف للتوافق على مخرجات سياسية وخريطة طريق توافقية.

وقالت عضو اللجنة وأستاذة القانون الدستوري صاش جازية، في نقاش نظمته الإذاعة الجزائرية، إن اللجنة تلقت لحد الآن 35 اقتراحا، في إطار المقترحات المقدمة من قبل الأحزاب السياسية (71 حزباً معتمداً في البلاد) وجمعيات وبعض فواعل المجتمع المدني، وهي قيد الدراسة من قبل اللجنة التي كلفها الرئيس عبد المجيد تبون منذ الخامس من سبتمبر/أيلول الماضي.

وانتهت الجمعة الماضي مهلة عشرة أيام كانت منحتها الرئاسة الجزائرية للأحزاب السياسية والفواعل المدنية لتقديم مقترحاتها حول المسودة الأولية، لكن غالبية القوى السياسية، خاصة المعارضة منها، تجاهلت ذلك، ولم تقدم مقترحاتها للجنة، ويعد عدد المقترحات التي قدمت (35) قليلا جدا، مقارنة مع تجربة المشاورات حول الدستور، والتي بلغت أكثر من 300 مشاركة.

 وفسر مراقبون ذلك بالتجربة السابقة لنفس اللجنة في تعاطيها مع مقترحات الأحزاب في صياغة الدستور الجديد، بما فيها أحزاب فتية رفضت المشاركة في إثراء القانون الانتخابي، بسبب ما وصفته بالطابع الاقصائي الذي يتضمنه، من خلال فرض العتبة الانتخابية التي تفرض على كل الأحزاب، التي حصلت على أقل من أربعة في المائة من الأصوات في آخر استحقاقات انتخابية، جمع التوقيعات شرطاً لقبول ترشح قوائمها، بمعدل 50 توقيعاً عن كل مقعد مطروح للتنافس في الدوائر الانتخابية، في المحليات والانتخابات النيابية.

 وكان رئيس اللجنة البروفيسور أحمد لعرابة قد اشتكى، الأربعاء الماضي، من ضعف مشاركة الأحزاب وعدم تقديم مقترحاتها، وأعلنت عدة أحزاب سياسية أخرى رفضها صراحة التعامل مع لجنة صياغة القانون الانتخابي أو المشاركة في إثراء القانون، كـ"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، و"جبهة القوى الاشتراكية"، وحزب "العمال"، و"الحركة الديمقراطية الاجتماعية"، وغيرها من الفواعل المدنية المعارضة التي تعتبر أن تعديل القانون الانتخابي أمر سابق لأوانه.

ودافعت صاش جازية عن المسودة التي قالت إنها تأتي ضمن خطة "لتعديل مجموعة من القوانين استجابة للأحكام الجديدة التي تضمنها دستور 2020، الذي جاء لتدعيم الحقوق والحريات الأساسية وأخلقة الحياة السياسية ومكافحة الفساد، وبالتالي كان من الضروري إعادة النظر في مجموعة من القوانين ومن بينها قانون الانتخابات".

واعتبر نفس المصدر أن "بنود القانون الانتخابي ستدعم أخلقة الفعل السياسي والفعل الديمقراطي، وتعزيز الشفافية والسهر على نزاهة العملية الانتخابية، وتصحيح النقائص التي لوحظت خلال الممارسات السابقة ومحاربة المال الفاسد ".

مزيد من الدعوات إلى حوار سياسي

في غضون ذلك، تجتهد قوى سياسية في الدفع لدعوة السلطة إلى إطلاق مسار حوار سياسي وطني يجمع كل الأطراف للتوافق على مخرجات سياسية وخريطة طريق توافقية، لكن هذه الدعوات تصطدم بصمت وتجاهل واضح من الرئاسة والسلطة الجزائرية، التي تبدو منشغلة أكثر بتنفيذ أجندة سياسية أحادية الجانب، تركز على معطى إجراء الانتخابات وإصلاح القوانين، من دون توفير قاعدة للتفاهمات السياسية.

وجددت "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم أحزاب المعارضة الجزائرية، طرح خطة سياسية للخروج من الأزمة، بمناسبة النقاش حول مسودة القانون الانتخابي الجديد، وطالبت بأن يسبق تنظيم أية انتخابات مقبلة "حوار شامل يرسي أسس حياة سياسية ديمقراطية تضمن التداول السياسي، تضبط وتنظم السلطات المضادة وتشجع بناء وساطات سياسية واجتماعية، ديمقراطية ومستقلة".

 وأشارت الجبهة إلى أن نجاح هذا الحوار، الذي يستهدف التوصل إلى إجماع وطني حول تسوية سياسية شاملة وديمقراطية للأزمة، يفرض أن تسبقه تدابير تهدئة، أبرزها "إطلاق سراح المعتقلين السياسيين و معتقلي الرأي و إعادة الاعتبار السياسي والاجتماعي لهم، والإيقاف الفوري للمتابعات القضائية ضد المناضلين، والصحافيين، والنقابيين الملتزمين بالنضال الديمقراطي السلمي، وفتح المجالين السياسي و الإعلامي ورفع كل المعوقات التي تعترض الممارسة السياسية والنقابية والجمعوية، وتحرير الجهاز القضائي من كل نفوذ أو تدخل حتى تستعيد العدالة مصداقيتها".

وحذرت "جبهة القوى الاشتراكية" السلطة من مغامرة انتخابية جديدة، على خلفية توجه الرئيس عبد المجيد تبون للدعوة إلى انتخابات نيابية ومحلية مسبقة.

حذرت "جبهة القوى الاشتراكية" السلطة من مغامرة انتخابية جديدة

 وأكد بيان الجبهة أن "الحفاظ على الرزنامة الانتخابية بالرغم من كل التحديات و الصعاب، وفي وقت يشهد تدهور حالة البلاد على كل المستويات، لا يعتبر فقط مخاطرة بتحمل إخفاق جديد، بل سيزيد من انعدام الثقة الشعبية وسيعمق الفجوة بين الشعب وحكامه ومؤسساته"، مشيرا إلى أن "الرفض الشامل لاستفتاء تعديل الدستور ينبغي أن يستوقف النظام".

 وأكدت أنه "لا يمكن اختزال الديمقراطية في صندوق الاقتراع، بل تتطلب مناخا سياسيا تسوده الحريات، ولا يمكن لقانون انتخابي تم عرضه على الأحزاب السياسية للنقاش في سياق يتسم بالاعتقالات والإدانات التعسفية في قضايا الرأي، وكذلك بإغلاق غير مسبوق للفضاءات السياسية والإعلامية، أن يضمن اقتراعا حرا ونزيها".

كما ذكرت الجبهة في هذا السياق أنه "وبدلا من إنهاك البلاد بحشد الأجهزة الأمنية في حرب سياسية ضد المجتمع واستخدام القمع، فإن البلاد بحاجة إلى صدمة من الثقة، والشجاعة السياسية، وليس التمسك بأجندة سياسية مآلها الفشل حتما، بل هي تتمثل في امتلاك الجرأة على مباشرة مراجعات وتغييرات جذرية تتطلبها المصلحة الوطنية".

 وتأتي دعوة "القوى الاشتراكية" للسلطة لاتخاذ تدابير تهدئة وإطلاق مسار حوار سياسي وطني، في إطار دعوة مماثلة لـ"حركة مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر، أطلقتها السبت الماضي، لاتخاذ تدابير تهدئة وإطلاق سراح ناشطي الحراك الشعبي ومعتقلي الرأي ورفع الإكراهات عن الإعلام والفضاء السياسي، لتوفير أجواء مناخ سياسي يتيح الذهاب إلى انتخابات نيابية ومحلية مسبقة.

تأتي دعوة "القوى الاشتراكية" للسلطة لاتخاذ تدابير تهدئة وإطلاق مسار حوار سياسي وطني، في إطار دعوة مماثلة لـ"حركة مجتمع السلم"

 وحصل لقاء بين قيادتي الحزبين قبل أسبوع، لكن السلطة لا تبدي اهتماما حتى الآن بهذه الدعوات، وترفض الاستجابة لها، على الرغم من كونها دعوات مساعدة ومسهلة لخفض منسوب التأزم الحاصل في البلاد. 

منطق الغالب والمغلوب

ويفسر المتحدث الرسمي باسم "جبهة القوى الاشتراكية" جمال بالول، في تصريح لـ"العربي الجديد"، موقف السلطة بكونها "تتصرف بمنطق الغالب والمغلوب والصراع المستمر، السلطة تعتبر أن قبول الحوار من دون إقصاء ومن دون جدول أعمال وأجندة محددة من طرفها هو رضوخ واستسلام من طرفها، وهذا أسلوب تغيب فيه روح المسؤولية".

وأضاف أن "التعنت لا يبني المستقبل ولا يخدم التغيير، يجب العمل على بناء توافقات ورؤى من أجل إخراج البلاد من الأزمة متعددة الجوانب، والتي تزداد تعقيدا كل يوم، والمخرج اليوم هو الابتعاد عن منطق الغالب والمغلوب، يجب أن يكون المنتصر هو الوطن والديمقراطية ودولة القانون والشرعية، يجب أن تكون هناك دعوات لإخراج البلاد من هذا المأزق الذي فرضه النظام على البلاد، ورهن بخياراته وسياساته المفلسة مستقبل البلاد والأجيال، ومن المهم ألا تذهب كل هذه التعبئة والطاقة اللتين أظهرتهما الجزائريات والجزائريون خلال سنتين من الحراك الشعبي".