استمع إلى الملخص
- التقى تبون مع حركة مجتمع السلم لمناقشة ملفات سياسية واقتصادية واجتماعية، مؤكدين على مواقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية ودورها الإقليمي والدولي، في إطار سلسلة لقاءات مع قادة الأحزاب.
- تتزامن اللقاءات مع طرح قوانين سياسية ومدنية جديدة، حيث دعا قادة الأحزاب إلى حوار وطني شامل لصياغة خريطة طريق واضحة، مؤكدين على ضرورة الإصلاحات السياسية والمؤسساتية.
بدأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون سلسلة جديدة من لقاءات التشاور السياسي مع قادة الأحزاب الجزائرية، ويأتي ذلك تنفيذاً لالتزام سياسي بإطلاق حوار داخلي، كان أعلنه تبون في خطاب أداء اليمين الدستورية، واستجابة كذلك لمطالب وضغوط من الأحزاب بشأن الحاجة إلى إطلاق حوار وطني يؤدي إلى صياغة التفاهمات حول كبرى القضايا والمشكلات الداخلية التي تواجهها الجزائر والضغوط الخارجية والإقليمية، خاصة العلاقات المتأزمة مع فرنسا والتوترات في دول الجوار.
والتقى تبون، اليوم الثلاثاء، وفداً من قيادة حركة مجتمع السلم (معارضة) بقيادة المترشح الرئاسي السابق، عبد العالي حساني، وأكد بيان للحركة أن "اللقاء كان فرصة لمناقشة عدد من الملفات الوطنية في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي. كما تناول اللقاء مستجدات القضايا الإقليمية والدولية في ضوء المخاطر الكبرى التي يشهدها العالم والاستهدافات المتكررة التي تقوم بها القوى المتكالبة على بلدنا، إضافة إلى المواقف الثابتة للجزائر اتجاه القضية الفلسطينية وسبل دعمها في ظل التطورات الجارية في قطاع غزة، وبحث استمرار الدعم الجزائري"، مضيفاً أن "رئيس الحركة عبر عن مواقف الحركة ورؤيتها للملفات الوطنية والإقليمية والدولية ورؤيتها لحماية الأمن القومي وضرورة توسيع التفاف الجزائريين حول بلدهم والعمل على استقراره وتطويره وتعزيز محوريته في الساحة الإقليمية والدولية".
ويعد هذا اللقاء الثاني من نوعه الذي يجريه تبون مع قائد حزب سياسي في غضون أسبوع، إذ كان التقى أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي، مصطفى ياحي، والذي قال وقتها إنه بحث مع الرئيس مشاريع القوانين المتعلقة بتنظيم الأحزاب والانتخابات ومشروعي قانوني البلدية والولاية، وأكد أنه اقترح الحفاظ على استقرار المجالس الشعبية البلدية والولائية المنتخبة، وعدم تقديم موعد الانتخابات. ومن المتوقع أن يلتقي تبون بقادة أحزاب سياسية أخرى موالية ومن المعارضة.
وتأتي السلسلة الجديدة من هذه اللقاءات بالتزامن مع طرح السلطة حزمة من القوانين الحساسة والناظمة للعمل السياسي والمدني، كقوانين الأحزاب والجمعيات وقانوني البلدية والولاية، وتأتي أيضاً على ما يبدو استجابة لمطالبات وضغوط كبيرة مارستها القوى السياسية بشأن إطلاق مسار حوار وطني دون تأخير ورفضها مقترح تبون، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تأخير الحوار الوطني إلى نهاية العام الجاري، أي إلى ما بعد الفراغ من صياغة حزمة القوانين السالفة الذكر وتعديل قانون الانتخابات.
وعلى الرغم من تأكيد رئيس حركة مجتمع السلم في تصريح صحافي أن لقائه مع تبون كان "مثمراً، ولا شك أن مثل هذه اللقاءات تُمكن الأحزاب من الالتحام أكثر والدفاع المشترك عن البلد وإرساء دعائم تطور الجزائر"، فإن سلسلة اللقاءات السياسية بين الرئيس وقادة الأحزاب الجزائرية لا تأخذ حتى الآن صيغة حوار سياسي واضح من حيث المنهجية والقضايا والمسائل التي يتم طرحها، وتقتصر في الغالب على لقاء لاستعراض أفكار وحديث عن مسائل محلية وإقليمية وتبادل الآراء، دون أن تكون هناك طبيعة ملزمة لهذا الحوار من حيث مقرراته ومخرجاته السياسية، خاصة بالنظر إلى تجربة الحوارات التي قام بها تبون في ولايته الأولى، إذ عقد 33 لقاء مع قادة الأحزاب، إضافة إلى عقد مائدة مستديرة قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية، والتي لم تكن ذات تأثيرات جدية وواضحة إزاء عدد كبير من القضايا التي طُرحت من قبل قادة الأحزاب السياسية، على غرار فتح المجال السياسي ورفع الضغوط المطبقة على العمل السياسي والحد من الضغط على الإعلام ووقف اعتقالات والملاحقات القضائية بحق النشطاء وتصحيح السياسات الاقتصادية ومنهجية عمل الحكومة.
وكان السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، أكد السبت الماضي أن الوضع الداخلي والتحديات الخارجية والتحرشات الموجهة ضد البلاد "تفرض إجرء حوار وطني شامل اليوم قبل الغد، لصياغة خريطة طريق واضحة المعالم والأهداف، وبما يحمي دولتنا الوطنية ويمهد لمباشرة إصلاحات سياسية ومؤسساتية"، مشيراً إلى أن "اللحظة خطيرة وغير مسبوقة، ولا نحتاج لتعديد الأسباب التي تجعلنا نجدد للمرة الألف ضرورة عقد حوار وطني، وما التحرشات الأخيرة التي طاولت بلادنا والتي تزايدت حدتها ووقاحتها في الأسبوعين الأخيرين إلا أحد الأسباب الوجيهة التي تستدعي منا البصيرة".
وفي نفس السياق كان رئيس حركة البناء الوطني (من الحزام الحكومي) عبد القادر بن قرينة، دعا إلى ما وصفه "بحوار استراتيجي يؤسس لتعميق الحريات الفردية والجماعية والديمقراطية، ويمثل إطاراً لضبط الاستغلال الأمثل للموارد الوطنية لتحقيق نموذج تنموي ناجح يليق بالجزائر، ويسهم في تمتين الجبهة الداخلية وإعادة بناء العمل السياسي الوطني المشترك وتكريس الديمقراطية الحقة وإشاعة الحريات، والاستعداد لمواجهة المخاطر التي ترتبط بأجندات بعض دول في الجوار القريب، أو لدى قوى إقليمية ودولية معادية".