الجزائر: قلق إزاء تهميش القوى السياسية في البلاد

25 نوفمبر 2024
رئيس حزب جيل جديد الجزائري سفيان جيلالي (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد الجزائر توتراً سياسياً واجتماعياً مع تقليص مشاركة الأحزاب في الحكومة الجديدة، مما دفع حركة مجتمع السلم للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية شاملة لضمان الشفافية والاستقرار.
- حزب جيل جديد يعبر عن قلقه من تهميش الأحزاب وتشكيل حكومة تكنوقراطية، محذراً من انهيار الديمقراطية ويدعو لنقاش جدي حول مستقبلها، مشيراً إلى تدهور دور الإعلام.
- أحزاب الموالاة تشارك القلق وتطالب بتعزيز الحوار الوطني لتحقيق توافق حول الأولويات الوطنية، مع التزامها بالرقابة البرلمانية.

تظهر مواقف أحزاب سياسية في الجزائر بعض القلق السياسي من الوضع العام في البلاد، مع تزايد الضغط على الجبهة السياسية والاجتماعية، وارتباك الخيارات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة منذ عام 2020، خاصة في أعقاب الإعلان عن التشكيل الحكومي الجديد، والذي تقلصت فيه مشاركة الأحزاب والقوى السياسية.

وقال رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني، في لقاء مع إطارات حزبه لولايات غرب البلاد، أمس الأحد، إن هناك أولوية سياسية "لاستعجال إطلاق رؤية شاملة قادرة على تحقيق إصلاح سياسي ونهضة اقتصادية، والذي سبق أن عرضت الحركة معالمه في برنامج فرصة، ويتحقق ذلك بالشراكة السياسية القائمة على الإجماع الوطني والتدافع الديمقراطي الذي يضمن الشفافية والرقابة على الشأن العام"، مشيراً إلى أن البلاد بحاجة إلى "الشراكة السياسية التي ستوفر للبلاد عناصر الإصلاح وأدوات الاستقرار، بما يحول الجزائر إلى دولة صاعدة تصمد أمام الصدمات المالية العالمية".

وفي السياق نفسه، أكد بيان للحركة عقب اجتماع مكتبها السياسي بمناسبة التعديل الحكومي الأخير، أن الخيارات وحصيلة الحكومات السابقة مخيبة، وأن "الأولوية في هذه التغييرات يجب أن ترتكز على إصلاح بيئة الحكم، وتعزيز الحريات، وتثبيت رؤية شاملة ومستدامة في ظل تغيرات متسارعة وجارفة، على اعتبار أن الحصائل المتعاقبة للحكومات السابقة كانت قد اتسمت بالتردد والارتباك، وغياب التقييم الدقيق لمختلف السياسات والخيارات الهيكلية، وعدم القدرة على استغلال الهوامش التمويلية الضخمة"، مشدداً على ضرورة التقييم الموضوعي والواقعي لمختلف المخططات الحكومية، وأن أولوية الإصلاح الشامل تتقدم على أي تغيير.

لكن أكثر هذه المواقف والتقديرات السياسية حدة كان بيان حزب جيل جديد، الذي وصف، أمس الأحد، الجزائر بأنها أمام انهيار النموذج الديمقراطي الذي تم تطبيقه في عام 1989، داعياً إلى ضرورة "تصميم نموذج آخر لأن غياب الفكر السياسي سيقود البلاد نحو أخطر أنواع العدمية"، وأكد البيان أن "المسار الديمقراطي، ودمقرطة الحياة السياسية، أوشكت على الاختتام، بفعل إصرار السلطة على التلاعب بالحياة السياسية، وانحرافات بعض الأحزاب السياسية خلال العقود الثلاثة الماضية، ما أدى إلى منع بناء جديد لطبقة سياسية متينة ووطنية قادرة على حكم البلاد".

وحذر الحزب الذي يقوده جيلالي سفيان من "الرغبة التي أظهرتها السلطات في السنوات الأخيرة لإنهاء ما تبقى من النشاط السياسي الحر والمستقل، مركزة في ما تبقى من الأهداف على استمرار ممارسة الدولة التقليدية الامتثالية، على الرغم من أن هذه الأخيرة غير قادرة على تقديم حلول للمشاكل البنيوية الحقيقية للبلاد"، وأشار إلى أن "وسائل الإعلام صارت اليوم، موضوعياً وأخلاقياً، في وضع حرج، بحيث لم تعد قادرة على القيام بدورها. لقد فقدت مصداقيتها، متنازلة بفضائها الإعلامي للعدمية وللمؤثرين المرتزقة المقيمين في الخارج، بفعل لعبة الإعانات المالية، والضغوط متعددة الأشكال".

وانتقد الحزب ما وصفه بـ"تهميش الأحزاب السياسية، وإقصاء جميع الأحزاب السياسية من خلال تشكيل حكومة تكنوقراطية، والتسيير المركزي المفرط لكل مؤسسات البلاد". وعرض "جيل جديد" على كافة القوى الحية في البلاد مقترحاً "لبدء نقاش جدي للتوصل إلى رؤية للمستقبل يمكن الدفاع عنها بشكل جماعي لدى المؤسسات الوطنية بهدف التجديد الديمقراطي".

في مقابل هذه المواقف القلقة، كان واضحاً أن أحزاب الموالاة الداعمة للرئيس عبد المجيد تبون تحمل القلق نفسه، لكنها لا ترغب في التعبير عنه بوضوح كاف، بحكم موقعها ووضعها باعتبارها أحزاباً داعمة للرئيس تبون، خاصة بالنسبة لتلك التي خاضت حملة انتخابية بحماسة كبيرة لصالح تبون في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إذ طالبت جبهة المستقبل الحكومة الجديدة بـ"السعي إلى تعزيز الحوار الوطني المفتوح مع جميع القوى السياسية والمجتمعية، بهدف بناء توافق حقيقي حول الأولويات الوطنية الكبرى".

وأكد الحزب الذي خسر حقيبته الحكومية الوحيدة أنه سيلتزم "بممارسة الرقابة البرلمانية المسؤولة لتحقيق تطلعات الشعب الجزائري"، بينما اكتفت أحزاب أخرى بمواقف مجاملة سياسية فرضها الوضع السياسي لهذه الأحزاب باعتبارها أحزاب موالاة، دون أن تكون محل استشارة أو إشراك حتى في التشكيل الحكومي الجديد، على غرار حركة البناء الوطني، التي اكتفت في بيانها الأخير بعد التعيين الحكومي الجديد بالقول إنها تتطلع فحسب إلى أن "يكون أعضاء الحكومة الجديدة في مستوى هذه الثقة التي وضعها فيهم الرئيس، قصد إنجاز تعهداته الانتخابية أمام الشعب".

وكان رئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن، الأحد الماضي، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي ضمت 13 وزيراً جديداً، لكنها شهدت تقليصاً كبيراً لحضور وزراء الأحزاب في الحكومة، حيث خسرت جبهة التحرير الوطني حقائبها، كما خسرت حركة البناء حقائب كان يشغلها وزراء من الحركة، وخسرت جبهة المستقبل الحقيبة الوحيدة التي كانت تحوزها في الحكومة، وانحاز الرئيس تبون إلى حكومة كفاءات وتكنوقراط بالأساس.

المساهمون