الجزائر: قلق أمني من صفقة تحرير الرهائن في مالي

الجزائر: قلق أمني من صفقة تحرير الرهائن في مالي

10 أكتوبر 2020
تستند المخاوف الجزائرية إلى تجارب سابقة (وزارة الدفاع الجزائرية)
+ الخط -

خلّف الإعلان عن دفع باريس فدية مالية لصالح تنظيم "أنصار الإسلام والمسلمين" الموالي لـ"القاعدة" نظير الإفراج عن الرهينة صوفي بيترونين، التي أخذت اسم مريم بعد دخولها الإسلام، ورهينتين إيطاليتين والشخصية السياسية المالية البارزة سوميلا سيسي، قلقاً سياسياً لافتاً في الجزائر، لكون هذا التنظيم ينشط في شمال مالي قرب الحدود مع الجزائر، ما يعزز من المخاوف بجدية من أن يؤدي ذلك إلى استهداف المصالح الجزائرية.   

وبخلاف موضوع إسلام صوفي أو مريم وتوقيته المرتبط بالجدل الذي أثاره خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه الإسلام، فإنّ تحليلات أخرى ركزت على مناقشة الجزء الآخر في الصفقة، بعد حصول التنظيم المسلح الموالي لـ"القاعدة" على فدية مالية تعزز موارده، ويمكن له أن يستغلها في شراء الأسلحة والمعدات والمتفجرات، والتي يمكن أن يوجهها ضد الجزائر، إضافة إلى استعادة التنظيم أكثر من 100 متشدد من عناصره، لا تعرف وجهتهم بعد الإفراج عنهم.

أخبار
التحديثات الحية

 

خطوة "مضرة" للجزائر

وقال الباحث في الشؤون السياسية والأمنية في منطقة الساحل مبروك كاهي لـ"العربي الجديد" إنّ "الخطوة الفرنسية الأكيد أنها مضرة للجزائر ومقلقة في نفس الوقت وقد تقوي شوكة الجماعات الإرهابية".

وانتقد كاهي خطوة التفاوض الفرنسي مع "الجماعات الإرهابية، والتي تمت في ظل صمت المجتمع الدولي، إذ لم يبد الأخير رأيه في موضوع دفع الفدية، كما أن فرنسا لم تنفِ دفعها فدية مثل المرة السابقة سنة 2012"، معتبراً أنّ التفاوض "مؤشر على فشل عملية برخان الفرنسية ضد الإرهاب في شمال مالي، مما يعني أن الانسحاب الفرنسي من مالي وشيك جداً".

ولفت إلى أن "النظام المالي وبرغم أنه مرحلة انتقالية لكنه اتخذ قراراً سياسياً كان يجب أن يتخذه نظام منتخب شرعي"، مشدداً على أن هذه المعطيات والمستجدات تفرض على الجزائر "تفعيل مقاربة الحدود الذكية لمنع تسلسل الجماعات الإرهابية".

وفي السياق بثت قناة "الشروق" المحلية تقريراً يناقش المخاوف الجزائرية من تداعيات الصفقة على الأمن في الجزائر.

وذكر التقرير أنّ المتشددين الذين أطلق سراحهم لن يوجهوا بنادقهم إلى باريس البعيدة، لكنهم موجودون على مقربة من الحدود الجزائرية، ويتساءل التقرير في المقابل عن جدية الموقف الفرنسي بشأن مكافحة الإرهاب، بينما تمنح فرنسا التنظيمات الإرهابية فدية مالية تعزز إمكاناتها ومواردها.

المتشددون الذين أطلق سراحهم، لن يوجهوا بنادقهم إلى باريس البعيدة، لكنهم يتواجدون على مقربة من الحدود الجزائرية

 

وتستند المخاوف الجزائرية إلى تجارب سابقة في هذا السياق، ففي عام 2007 أثبتت التحقيقات الأمنية  بشأن التفجيرات الانتحارية التي استهدفت  في تلك السنة مقرات الأمم المتحدة والمجلس الدستوري وقصر الحكومة ومراكز أمنية وعسكرية في العاصمة الجزائرية ومدناً قريبة، أنّ تلك التفجيرات تم تمويلها وتجهيز معداتها والمركبات التي استخدمت فيها، من عائدات فدية دفعتها دول غربية لصالح مجموعة مختار بلمختار، قائد فرع "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي في الصحراء الجزائرية، في عملية خطفه لـ 33 سائحاً غربياً في الصحراء الجزائرية في فبراير/ شباط 2003.

وترددت تقارير حينها حول أنّ ألمانيا دفعت ثلاثة ملايين دولار أميركي لصالح المجموعة الإرهابية مقابل إطلاق سراح 17 من سياحها.  

وعلّقت "حركة البناء الوطني" (إسلامي)، اليوم السبت، في بيان،  على الصفقة الفرنسية وقالت إنّ "إطلاق أكثر من مائة سجين من المتشددين، يطرح عدة استفهامات بشأن ما يترتب عليها من تهديدات بالنسبة للسلم والأمن الجزائري على حدودها الجنوبية وعلى دول الجوار بالساحل والصحراء".

وحذرت الحركة من أن تؤدي عملية إطلاق سراح هؤلاء إلى "تعزيز قدرات التنظيم للجماعات المسلحة وتدعم عملية تجنيد الأفراد من طرفها لارتكاب اعتداءات إرهابية وتشجيع عمليات اختطاف جديدة".

 ومنذ عام 2011، قادت الجزائر حملة لتجريم دفع الفديات للجماعات الإرهابية كمقابل للإفراج عن رهائن.

وكان مجلس الأمن الدولي قد صادق في مارس/ آذار 2014 على لائحة تقدمت بها الجزائر في مجال مكافحة ظاهرة الاختطافات مقابل دفع الفدية، التي تقوم بها مجموعات إرهابية مسلحة، بهدف حرمان الإرهابيين من الاستفادة من عوائد الفدية لتمويل أنشطتها الإجرامية.

وتتضمن المذكرة جملة من التوصيات التي تركز على توفير تحذيرات سفر محدثة ومعلومات أخرى تحدد المناطق عالية المخاطر، وتحديد وحماية المستهدفين المحتملين من إرهاب، والتواصل مع أرباب العمل الخواص والموظفين ذوي العلاقة بشأن مخاطر الاختطاف طلباً للفدية وكذلكنشر الوعي واتخاذ إجراءات استباقية.