الجزائر: دعوات جديدة للتفاوض مع رجال الكارتل المالي المسجونين

الجزائر: دعوات جديدة للتفاوض مع رجال الكارتل المالي المسجونين

31 مايو 2021
بن قرينة دعا إلى عقد صفقة مع رجالات "الكارتل" (العربي الجديد)
+ الخط -

تجددت في الجزائر دعوات سياسية إلى إطلاق آلية تفاوض مع رجال الكارتل المالي المسجونين في قضايا فساد ونهب للمال العام، تقضي بتمكينهم من الاستفادة من تخفيض في العقوبات السجنية مقابل إعادتهم كامل الأموال المنهوبة، خاصة الموجودة في الخارج.

واقترح رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، في مؤتمر صحافي عقده اليوم الإثنين، اللجوء إلى طرح آلية تسمح بالتفاوض مع المسؤولين ورجال الأعمال الموجودين في السجن بتهم فساد لاسترداد الأموال المنهوبة. وقال بن قرينة إن الحل الوحيد الذي يمكّن الجزائر من استرجاع الأموال المنهوبة هو طرح مشروع قانون يحدد فترة لرجال الأعمال الفاسدين لإعادة الأموال، مقابل خفض سنوات السجن المقررة.

وأضاف بن قرينة أن التجارب السابقة في استعادة الأموال المنهوبة من الخارج هي التي تفرض هذه الخطوة، وكشف أن الجزائر لم تتمكن من استرجاع 50 مليون دولار في دولة أوروبية، على سبيل المثال حتى الآن. وقال "إذا تمكنت الجزائر من مصادرة 200 مليار دولار من الأموال المنهوبة واستعادتها (هذا رقم تقديري)، فإنه يمكن توظيفها لتحقيق إقلاع اقتصادي كبير في ظل التدهور الذي تعرفه البلاد على الصعيد المالي".

وأكد بن قرينة أن التجربة السعودية في استعادة رؤوس الأموال قد تكون ناجعة، ومضى قائلاً: "الأموال المنهوبة ليست موجودة في حسابات معروفة يمكن الوصول إليها، بل موجودة في خزانات سرية، ومهما كان حجم الثقة والعلاقات مع الدولة التي تستضيفها، فإنه لا يمكن الوصول إليها سوى برغبة من أصحابها (رجال الأعمال المعنيين بقضايا الفساد)، وهو ما يفرض التفكير في آلية مقايضة إعادة الأموال مقابل خفض سنوات السجن. ولذلك، نقترح  أن يكون هناك قانون يمر على البرلمان في هذا السياق".

وهذه المرة الثانية التي يطرح فيها رئيس حزب سياسي فكرة التفاوض مع رجال الأعمال المعنيين بقضايا الفساد ونهب المال العام، بعد المرشح الرئاسي ورئيس حزب جبهة المستقبل، عبد العزيز بلعيد، والذي كان اقترح، في العاشر من إبريل/نيسان الماضي، إنجاز "مصالحة وطنية، تسمح بالتفاوض مع رجال الأعمال الموجودين في السجون، من أجل استرداد الأموال الموجودة في الخارج مقابل إطلاق سراحهم"، وقال حينها، في مؤتمر صحافي: "لا فائدة عندما يبقى رجل أعمال يملك ملايين الدولارات في الخارج في السجن وتتحمل الدولة نفقات إيوائه وإطعامه؛ الأفضل أن يتم استرجاع الأموال... أعطنا الأموال وخذ حريتك، هاتوا الأموال واذهبوا أنتم الطلقاء". 

لكن رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، يرفض مقترح التفاوض مع رجال الأعمال، ويحذّر من تبنّي هذا الخيار. وقال عبد الرزاق مقري، في مؤتمر صحافي عقده اليوم، إن أي فتح لأبواب التفاوض مع المسؤولين ورجال الأعمال المسجونين سيشجع على إعادة تدوير ما وصفها "بالمافيا"، مشيرا إلى أن ذلك سيضعف هيبة الدولة ويضعها في محل ابتزاز: "الدولة لا تستطيع حاليا تحمّل تبعات هذه الخطوة التي ستجعلها محل ابتزاز من قبل المسجونين المتورطين في نهب المال العام، وعندما تكون الدولة قوية فسنفكر في ذلك".

 وتعهّد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، منذ اعتلائه سدة الحكم، باستعادة الأموال المنهوبة، مهما كان مكان تواجدها، بعد اعتقال وملاحقة عدد من أبرز رجالات الكارتل المالي الذين كانوا يحيطون بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث استفادوا من امتيازات غير قانونية وقروض بنكية ضخمة بملايين الدولارات، من دون إرجاعها، وكذا عقارات، والتورط في عمليات تهريب أموال إلى الخارج.

وقبل أسبوعين، كانت الحكومة الجزائرية قد أعلنت عن استحداث صندوق خاص بالأموال والأملاك المنهوبة المصادرة، في إطار قضايا محاربة الفساد، وكذا تلك التي سيتم مصادرتها مستقبلا بناء على أحكام قضائية نهائية. وكانت وزارة العدل الجزائرية قد كشفت، قبل أسبوعين، عن الحصيلة النهائية لعمليات المصادرة النهائية للأموال التي جرت منذ بدء عملية ملاحقة رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين المتورطين في قضايا الفساد ونهب المال والمقدرات العامة، والتي بلغت، بحسب الوزارة، ما يعادل 850 مليون دولار أميركي، إضافة إلى حجز 4766 مركبة وست سفن و301 قطعة من القطع الأرضية و119 شقة سكنية و27 محلا تجاريا، فيما تبقى مجموعة هامة من قضايا الفساد بانتظار الحكم النهائي للمحكمة العليا، قبل أن تصبح عمليات المصادرة نافذة، كما تتطلع الجزائر إلى استعادة مبالغ مالية مهربة في الخارج، وأخرى تتواجد في حسابات لرجال أعمال ومسؤولين في بنوك أجنبية.