الجزائر: تكريم قيادات عسكرية بينها وزير الدفاع وقائد المخابرات

الجزائر: تكريم قيادات عسكرية بينها وزير الدفاع وقائد المخابرات... رد اعتبار بعد سجن واتهامات بالتآمر

04 اغسطس 2022
تبون يكرم قائد عملية تحرير تيقنتورين (الرئاسة الجزائرية)
+ الخط -

كرمت السلطات الجزائرية، اليوم الخميس، عدداً من القيادات العسكرية ومسؤولين سابقين في الجيش والمخابرات، في خطوة وصفت بأنها رد اعتبار لعدد منهم كانوا ملاحقين من قبل القضاء والقضاء العسكري، خلال سيطرة قائد الجيش السابق الراحل أحمد قايد صالح على مقاليد السلطة في فترة الحراك الشعبي، وذلك بتهم التآمر على السلطة والجيش، وقضى بعضهم فترة في السجن، فيما فر آخرون إلى الخارج.

وكرم الرئيس عبد المجيد تبون اليوم بمناسبة عيد الجيش، القائد الأسبق لجهاز المخابرات، الفريق محمد مدين، المعروف إعلامياً بالجنرال "توفيق"، والذي اعتقل في مايو/أيار 2019، بموجب اجتماع مارس/آذار الشهير للتخطيط لمرحلة انتقالية في خضم الحراك الشعبي، ووجهت له تهمة التآمر على السلطة والجيش، وأودع السجن العسكري رفقة مدير المخابرات السابق بشير طرطاق وشقيق الرئيس السابق السعيد بوتفليقة (ما زال الاثنان في السجن على ذمة قضايا أخرى)، إضافة إلى رئيسة حزب العمال لويزة حنون التي أفرج عنها لاحقاً.

ودين الجنرال توفيق، أحد أبرز صناع القرار ورجل الظل القوي في الجزائر خلال العقود التي امتدت من التسعينيات إلى غاية تنحيته من منصبه في سبتمبر/ أيلول 2015؛ بهذه التهم لمدة 15 عاماً، لكنه قضى فترة سجن امتدت من مايو/أيار 2019، إلى غاية نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عندما قررت المحكمة العليا إلغاء تلك الأحكام وإعادة المحاكمة.

وساعدت وفاة قائد الجيش السابق قايد صالح في تسهيل مهمة إعادة المحاكمة، وفي الثاني من يناير/كانون الثاني 2021، صدر حكم بتبرئة الجنرال توفيق ومجموع المتهمين في قضية التآمر.

كذلك كرّم وزير الدفاع السابق خالد نزار، ورد الاعتبار له بعد ملاحقة قضائية بحقه، إلا أنه فر إلى الخارج خلال فترة الحراك الشعبي في إبريل/نيسان 2019، تجنباً لاعتقاله من قبل قائد الجيش حينها، في قضية اجتماع 30 مارس الشهير 2019.

ووجه القضاء العسكري حينها لنزار تهمة التآمر على السلطة وقائد الجيش، ودين بالسجن لـ20 سنة مع إصدار أمر دولي بالقبض عليه، قبل أن يعود إلى الجزائر، عقب إسقاط الحكم الصادر ضده، في ديسمبر/كانون الأول 2020 بطائرة رئاسية، بحكم صفته عضواً في المجلس الرئاسي الذي حكم البلاد بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في يناير/كانون الثاني 1992.

وكرم الجنرال المتقاعد حسين بن حديد، وهو الآخر كان ملاحقاً من قبل القضاء، وفي عام 2016 قضى أشهرا في السجن بسبب مداخلة له على قناة تلفزيونية أجنبية، دعا فيها الجزائريين إلى إنقاذ البلاد من نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وبناء عليه وجه القضاء العسكري له تهمة إفشاء أسرار عسكرية، كما أعيد اعتقاله في يوليو/تموز 2019، وقضى حينها ستة أشهر في السجن، قبل أن يفرج عنه بشكل مؤقت، حتى تمت تبرئته من تهم إضعاف معنويات الجيش وإهانة قائد عسكري.

ولم يحضر كل من الفريق توفيق وخالد نزار والجنرال بن حديد، حفل التكريم، اليوم، لأسباب صحية.

في المقابل، من المرجح أن يثير تكريم هذه الشخصيات استياء كبيراً لدى قطاع واسع من المجتمع السياسي والشعبي الذي يحملهم جزءا كبيرا من مسؤولية توقيف المسار الانتخابي وتدبير الأزمة الدامية التي عصفت بالبلاد بداية التسعينيات، وجميع مخلفاتها، إضافة إلى التدخل في القرارات الكبرى والمسارات التي عرفتها البلاد، بعد سيطرة توفيق على جهاز المخابرات ونزار على الجيش بداية التسعينيات.

وكان الحراك الشعبي قد طالب منذ تفجره في 22 فبراير/شباط عام 2019، قائد الجيش السابق قايد صالح، باعتقال كل من الجنرال خالد نزار والجنرال توفيق، كما توجه إلى الجنرال بن حديد اتهامات من قبل إسلاميين بارتكاب تجاوزات في منطقة بشار جنوبي الجزائر.

إلى ذلك، كرّم خلال الحفل العسكري ذاته الرئيس السابق ليامين زروال بصفته قائداً عسكرياً سابقاً ووزيراً للدفاع، وكُرم القائد السابق للجيش محمد بتشين، غير أن الرجلين غابا عن الحفل لدواع صحية، إضافة إلى عدد من القيادات العسكرية السابقة.

أول ظهور لقائد عملية تحرير منشأة تيقنتورين

وخلال حفل التكريم ذاته، ظهر للمرة الأولى قائد كتيبة المغاوير التابعة للقوات الخاصة في الجيش الجزائري، والتي تولت عملية تحرير 700 من الرهائن الجزائريين والأجانب، خلال احتلال مجموعة ارهابية لمنشأة الغاز تيقنتورين بولاية اليزي، أقصى جنوبي الجزائر، والقضاء على المجموعة المسلحة.

وحظي حمزة شعلالي بتكريم من الرئيس تبون، وأعلن خلال تقديمه، أنه كان قد أصيب خلال العملية، لكنه رفض الانسحاب حتى القضاء على جميع الإرهابيين في المنشأة.

وهذه المرة الأولى التي تكشف فيها السلطات عن قائد عملية تحرير منشأة تيقنتورين في يناير/كانون الثاني 2013. 

ومنذ ذلك التاريخ ترفض السلطات الجزائرية الكشف عن مزيد من التفاصيل التي تخص العملية، على الرغم من محاولات حثيثة من وسائل الإعلام لإقناع السلطات بنشر تفاصيل العملية التي نفذتها قوات الجيش بنجاح كبير، دون أي مساعدة من أية جهة خارجية، وأحبطت محاولة المجموعة المسلحة تفجير المنشأة.

وفي 16 يناير 2013 هاجمت مجموعة إرهابية مسلحة تضم 33 مسلحاً، قدموا من شمال مالي وليبيا، المنشأة الغازية "تيقنتورين" في منطقة عين أميناس بمحافظة اليزي، أقصى جنوب الجزائر، واحتجزت أكثر من 800 رهينة بينهم 132 رهينة أجنبية.

وتدخلت حينها القوات الخاصة للجيش الجزائري لتحرير الرهائن، وانتهت العملية بمقتل 37 رهينة أجنبية وجزائري واحد والقضاء على 30 مسلحاً وإلقاء القبض على ثلاثة مسلحين بينهم تونسي.

ويتبع المسلحون تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وكتيبة الملثمون وجماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، وينتمون لـ11 جنسية، من تونس وموريتانيا ومالي وليبيا والنيجر، ومنهم مسلحان غربيان من كندا، هما كريستوس كاتسيروباس (22 سنة) وعلي مدلج (24 سنة)، دلت التحقيقات بشأنهما أنهما سافرا إلى المغرب في 2011، واعتقل أحدهما في موريتانيا، قبل أن ينضما إلى معسكر لتدريب الإرهابيين في مالي.

وعلى الرغم من فشل هذا الهجوم، إلا أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كرر استهداف منشآت النفط والغاز في الصحراء الجزائرية، ففي يناير 2015، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية اعتقال مجموعة مسلحة تضم 12 ارهابياً، كانوا يخططون لتنفيذ هجمات تستهدف ثلاث مناطق تضم منشآت نفطية وغازية جنوباً، بالتنسيق مع مجموعات إرهابية تنشط في الخارج.

وفي 18 مارس/ آذار 2016، حاول التنظيم استهداف منشأة للغاز تتبع شركة شال البريطانية في منطقة في منطقة خريشبة بين مدينتي المنيعة وعين صالح جنوبي الجزائر، بواسطة قذائف ألقيت على مسافة بعيدة، دون أية خسائر.

وتحتفل الجزائر بالرابع من أغسطس/آب من كل عام باليوم الوطني للجيش، بعد قرار الرئيس تبون اعتبار هذا التاريخ الموافق لتاريخ تحويل جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي عام 1963، بعد عام واحد من استقلال البلاد.

وفي السادس من يوليو/تموز الماضي، كُرم قائد عسكري سابق، كان يقود وحدات مكافحة الإرهاب، وهو الجنرال عبد القادر حداد، والذي يعرف باسم (ناصر الجن)، والذي تنسب له بعض الممارسات خارج القانون، في فترة الأزمة الأمنية، وفر إلى إسبانيا قبل أن يعود إلى البلاد، بعد وفاة قايد صالح، فيما أعيد للخدمة من قبل قيادة الجيش الحالية، الأمر الذي أثار الجدل حول تكريمه.