استمع إلى الملخص
- تتضمن اللائحة بناء جبهة موحدة لتحقيق العدالة للأفارقة من خلال التعويضات عن الجرائم التاريخية، مع التركيز على الاعتراف بتأثيرات الاستعمار والعبودية وتوثيقها.
- تسعى الجزائر إلى تدويل ملف تجريم الاستعمار الفرنسي والغربي، وحشد الضغط السياسي للاعتراف بجرائم الاستعمار، مع التركيز على التأثيرات الإقليمية للتفجيرات النووية الفرنسية.
تقود الجزائر وغانا مبادرة لنقل ملف تجريم الاستعمار إلى طاولة الاتحاد الأفريقي، وصياغة لائحة أفريقية لتجريم الاستعمار والعبودية والمطالبة بتعويضات عادلة لأفريقيا من الدول الاستعمارية، حيث ستطرح اللائحة للنقاش على مستوى القادة في القمة الأفريقية التي ستعقد السبت المقبل في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في سياق أزمة سياسية حادة وغير مسبوقة في العلاقات بين الجزائر وفرنسا خاصة، وصدام سياسي بين باريس وعدد من الدول الأفريقية في الفترة الأخيرة.
وقالت مصادر دبلوماسية أفريقية لـ"العربي الجديد" إن قمة الاتحاد الأفريقي على مستوى المندوبين اعتمدت رسميا لائحة قرار تقدمت به دولة غانا وبدعم من الجزائر، تتعلق بـ"العدالة للأفارقة والأشخاص من أصل أفريقي من خلال التعويضات" عن الاستعمار، واعتباره موضوع أفريقيا لعام 2025. وأشارت المصادر إلى أن "هذه اللائحة تكرس عودة الاتحاد الأفريقي إلى الدفاع عن قيمه الأساسية".
ويتضمن نص اللائحة التي تم رفعها إلى المجلس الوزاري للقمة، ثم إلى مجلس القادة، "بناء جبهة مشتركة وموحدة، من أجل قضية العدالة ودفع التعويضات للأفارقة عن الجرائم التاريخية والفظائع الجماعية المرتكبة ضد الأفارقة والأشخاص من أصل أفريقي، بما في ذلك الاستعمار والفصل العنصري والإبادة الجماعية"، كما تتضمن الدعوة إلى عمل جماعي "لتجاوز الظلم التاريخي، ومعالجة الآثار الناتجة عن الاستعمار أو الاستعباد أو الفصل العنصري أو التمييز وتحقيق العدالة التعويضية"، على أن تتولى مفوضية الاتحاد الأفريقي قيادة جهود من أجل "الاعتراف التاريخي بتأثيرات الاستعمار والعبودية على المجتمعات الأفريقية وتوثيقها".
ويستهدف هذا المسعى بحسب اللائحة "البحث والاعتراف العام بالظلم الذي واجهه الشعب الأفريقي على مدى قرون"، والسعي للحصول على "تعويضات مالية تتضمن مقترحات مدفوعات تعويضية للدول والمجتمعات الأفريقية المتضررة من الاستغلال الاستعماري، وأيضًا استثمارات في البنية الأساسية والتعليم والرعاية الصحية لدعم التنمية الاقتصادية، واعتبار معالجة قضايا ملكية الأراضي وإعادتها أمرا ضروريا، وخاصة في البلدان التي انتُزِعَت فيها الأراضي من السكان الأصليين، وبذل الجهود لاستعادة وتعزيز التراث الثقافي الأفريقي الذي تم قمعه أو تدميره خلال العصر الاستعماري"، إضافة إلى أن "إشراك الهيئات الدولية في محاسبة القوى الاستعمارية السابقة عن أفعالها يمكن أن يعزز الشعور بالمسؤولية العالمية. وقد يتضمن هذا ضغوطًا دبلوماسية أو إجراءات قانونية في المحاكم الدولية، وتمكين المجتمع".
وفي 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعلن وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، في مؤتمر صحافي، أن موضوع تجريم الاستعمار ببعده الدولي سيكون مطروحا على طاولة الاتحاد الأفريقي في قمة فبراير/ شباط الحالي، وقال إن "هناك مبادرة داخل الاتحاد الأفريقي لطرح موضوع لتجريم الاستعمار في الأمم المتحدة، وستكون الجزائر من السباقين لدعم هذا التوجه"، مضيفا أن "القمة الأفريقية القادمة ستعالج هذا التوجه وستتخذ قرارات بشأنه، والصدى سيكون أكبر وأوسع وأقوى. قمنا بهذا العمل جماعيا كأفارقة لأن القارة الأفريقية هي أكثر من عانت من الاستعمار، ونعتبر أن هذا هو العمل في الاتجاه الصحيح". وأكد عطاف أنه "عندما يتعلق الأمر بالاستعمار بصفة عامة والاستعمار الفرنسي بصفة خاصة، فأنا شخصيا من المرافعين لصالح نشاط دولي جماعي، وأن نبادر كدول أفريقية وغير أفريقية لتجريم الاستعمار داخل المنظمات الدولية".
وتسعى الجزائر إلى تدويل ملف تجريم الاستعمار الفرنسي والغربي في القارة الأفريقية وفي كل مناطق العالم، في سياق نقل معركة وصراع سياسي مفتوح مع فرنسا، وأزمة علاقات حادة بين البلدين، بسبب ملف الذاكرة والتاريخ الاستعماري، كما تعمل الجزائر على حشد مزيد من الضغط السياسي ضد فرنسا، وتعبئة الدول الأفريقية لمطالبة فرنسا خاصة، والدول الاستعمارية السابقة بشكل عام، بالاعتراف بجرائم الاستعمار والتعويض بشأن مخلفاته. ويتزامن ذلك مع سلسلة خسارات للمصالح الفرنسية في القارة الأفريقية، بعد طرد القوات الفرنسية من دول في الساحل وغرب أفريقيا.
وفي نفس السياق والمنحى المرتبط بتدويل جرائم الاستعمار الفرنسي، بدأت الجزائر تتحدث للمرة الأولى عن التأثيرات الإقليمية للتفجيرات النووية التي قامت بها فرنسا في الصحراء الجزائرية في 13 فبراير/ شباط 1958، وامتداد آثار الغبار النووي إلى دول الساحل وغرب أفريقيا، إذ قال رئيس المجلس الحكومي لحقوق الإنسان عبد المجيد زعلاني، في برنامج إذاعي، الثلاثاء، إن "آثار الغبار النووي امتدت إلى غرب أفريقيا وحوض المتوسط، وهناك توقعات بأن الغبار النووي طاول مناطق من إسبانيا".
وفي الفترة الأخيرة، خرجت الجزائر من دائرة التردد بشأن ملف تجريم الاستعمار، بعد عقود من تأخير صدور قانون لتجريم الاستعمار، حيث يعتزم البرلمان الجزائري، بحسب تصريحات لرئيسه إبراهيم بوغالي، قبل أسبوع، سن وتمرير قانون بهذا الشأن. وقال بوغالي إنه "حان الوقت لطرح مشروع قانون تجريم الاستعمار"، مضيفا أن "الوضعية الحالية تجبرنا على تقديم قانون تجريم الاستعمار، كفانا من البقاء في وضع الدفاع وحان وقت الهجوم"، ما يعني وجود موافقة من السلطات السياسية العليا للبلاد لصياغة وإصدار قانون تجريم الاستعمار، وإدخاله صلب الصراع والمناكفة السياسية القائمة بين الجزائر وفرنسا، في الفترة الأخيرة، وعلى نحو غير مسبوق.