الجزائر: تبون يستقبل قادة أحزاب "العهدة الخامسة لبوتفليقة"

الجزائر: تبون يستقبل قادة أحزاب "العهدة الخامسة لبوتفليقة"

04 مارس 2021
يرى البعض في خطوة الرئيس عودة إلى محيطه الطبيعي (الرئاسة الجزائرية/فيسبوك)
+ الخط -

فاجأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الرأي العام باستقباله قادة أحزاب سياسية كانت ضمن حزام سياسي تبنى دعوة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة للترشح لولاية رئاسية خامسة، وأبدت مواقف مناوئة لمظاهرات الحراك الشعبي في فبراير/ شباط 2019.

واستقبل تبون، اليوم الخميس، قادة ثلاثة أحزاب سياسية في إطار مشاورات سياسية بدأها منذ عودته من ألمانيا، في 12 فبراير/ شباط الماضي، أبرزهم الأمين العام لـ"التجمع الوطني الديمقراطي" الطيب زيتوني، وهو ثاني أكبر الأحزاب الموالية للسلطة والجيش، ويوجد أمينه العام ورئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى في السجن بتهم فساد، إضافة إلى ملاحقات قضائية ضد عدد من كوادره، بينما كانت مظاهرات الحراك قد طالبت منذ 2019 بحل هذا الحزب واستبعاده عن الساحة السياسية.

واستقبل تبون رئيس "حزب التجديد" الجزائري كمال بن سالم، وجمال بن عبد السلام رئيس "جبهة الجزائر الجديدة" ولمين عصماني رئيس "صوت الشعب"، وهي أحزاب كانت أيضاً جزءاً من حزام الرئيس السابق ودعاة ترشحه لولاية خامسة، إضافة إلى كونها ليست ذات تمثيل وضعيفة في حضورها السياسي والشعبي، كما استقبل رئيس "حزب طلائع الحريات" (حزب رئيس الحكومة السابق علي بن فليس) عبد القادر سعدي، والطاهر بن بعيبش رئيس "حزب الفجر الجديد"، كما كان قد استقبل قبل أسبوعين قادة عدة أحزاب معارضة، هي "حركة مجتمع السلم" و"حركة البناء الوطني" و"جبهة القوى الاشتراكية" و"جيل جديد" و"جبهة المستقبل".

ويتوقع على هذا الأساس أن يستقبل تبون قيادة حزب "جبهة التحرير الوطني" في وقت لاحق، خاصة أنه أكد في آخر حوار تلفزيوني مع الصحافة الجزائرية بث الإثنين الماضي، أنه رفض طلبات قدمت له من قبل قادة أحزاب المعارضة باستبعاد هذا الحزب أو حله لاسترجاع الرمز التاريخي المشترك بين الجزائريين (جبهة التحرير الوطني قائدة ثورة التحرير)، أو إجبار الحزب على تغيير اسمه، وقال تبون: "رفضت استبعاد حزب سياسي أو تنحيته من الساحة السياسية، لأني أعتبر أني غير معني بذلك، الشعب وحده هو من يستطيع إقصاءه في الانتخابات وتحييده سياسياً".

ومن شأن استقبال تبون لأحزاب "الحزام السياسي لبوتفليقة"، بحسب المراقبين، أن يزيد من عوامل الإحباط لدى الرأي العام لما يحمله من رسائل سياسية غير مستساغة، على غرار إعادة تعيين وجوه كانت ملتصقة بالرئيس السابق في الحكومة مؤخراً، كما قد يشكل قلقاً لدى القوى السياسية المعارضة التي عبرت عن نوايا حسنة للتعامل مع تبون، على أمل أن يكون ذلك خطوة لإعادة تدوير أحزاب السلطة قبل أشهر معدودة من موعد الانتخابات النيابية المسبقة.

ورأى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة تيبازة قرب العاصمة الجزائرية زهير بوعمامة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الرئيس لا يريد أن يبدو محسوباً عليهم لأن تكلفة ذلك عالية، وله أن يحافظ على مسافة ما بينه وبينهم بسبب مساندة هذه الأحزاب المعلنة لمرشح آخر في الرئاسيات السابقة"، مضيفاً أنّه من "الملاحظ أن الرئيس استقبل قادة هذه الأحزاب بعدما كان قد استثناهم من لقاءاته السابقة مع ممثلين عن الطبقة السياسية في يناير/كانون الثاني 2020، وهذه رسالة واضحة لهذه الأحزاب (المحسوبة على السلطة) بأنكم لم تعودوا أصحاب الحظوة".

ويشير بوعمامة إلى أنّ "الرئيس أمام معضلة حين يتعلق الأمر بالتعامل مع أحزاب الارتكاز للحكم السابق، لأنه أولاً يتعارض مع المبدأ الديمقراطي الذي لا يجيز الإقصاء، ويعمل على الاستيعاب لكل من يقبل بقواعد اللعبة الجديدة، لأنه يرى أن من يقصي من الحكم أو يقرب منه، في الديمقراطيات، هو الشعب وليس غيره، وذلك عبر الصناديق الشفافة".

ويذهب بوعمامة إلى أنّ هذه الاستقبالات تعني أن الرئيس دخل في حسابات مرحلة ما بعد الانتخابات وآليات تشكيل أغلبية الرئيس وحكومته، موضحاً "أعتقد أن للرئيس حاجة سياسية لكيانات تسنده في الاستحقاقات القادمة حتى وإن كان وزنها الحقيقي الآن غير معروف بسبب ما تعرضت له من نزيف، وبسبب مواجهتها لانتقادات الشارع والطبقة السياسية وتحميلها جزءاً من مسؤولية ما قبل 22 فبراير/ شباط 2019".

وأضاف أنّ "بعض حسابات السلطة تنصرف الآن إلى توسيع وعاء المشاركة في الانتخابات القادمة إلى أبعد حد ممكن، وخاصة بمن يمكن أن يسهم في ضمانها لأغلبية برلمانية قادمة تؤمن للرئيس تعيين حكومة له، مع افتراض أن المقاطعة وبعض مواقف الراديكاليين في الشارع ستحلب في إناء هؤلاء في نهاية المطاف، خاصة أنّ الرئيس لم يرغب منذ البداية في الذهاب نحو تأسيس كيان سياسي يدعمه".

واعتبر القيادي السابق في "حركة النهضة" يوسف خبابة، أنّ استقبالات تبون لقادة أحزاب بوتفليقة تدخل ضمن السياق، وسعي النظام السياسي نحو الاستمرارية، وقال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحقيقة التي لا يمكن نسيانها أن الرئيس ينتمي إلى ذلك المحيط. وإنه لم يستطع التخلص من ذلك أو إيجاد بديل، بدليل أنه تعرض لتصويت على الثقة وكانت نتيجته قاسية في استفتاء الدستور".

وأضاف أنه "بمثل هذه الرسائل يتضح أن الرئيس يعمل بمفرده على مستوى الشأن العام ما عدا الملف الأمني، ولم يستطع تكوين محيط بديل، وهذا فرض عليه العودة إلى خزان الرئيس السابق، ويبدو مقتنعاً بأنّ أحزاب السلطة تضم كفاءات بدلاً من الشباب الذي لا يتمتع بخبرة كافية"، ويرى خبابة أنّ ذلك يؤشر على عودة إلى محيطه الطبيعي، ولعل تخوفاته من العزوف الانتخابي تفسر ذلك.