تجددت مظاهرات الحراك الطلابي، اليوم الثلاثاء، في العاصمة وعدد من المدن الجزائرية، رفضاً للانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 يونيو/ حزيران المقبل، والمطالبة بالحريات وانتقال ديمقراطي حقيقي واستبعاد الجيش من السلطة واحترام الحريات والإفراج عن الناشطين الموقوفين.
وتجمع المئات من الطلبة في ساحة الشهداء، وسط العاصمة الجزائرية، وهي نقطة التجمع الأسبوعية للطلبة، قبل بدء المسيرة باتجاه ممر الجامعة المركزية وساحة البريد المركزي، مروراً بشارع العربي بن مهيدي وساحة الأمير عبد القادر وعميروش، وردد الطلبة، الذين انضم إليهم عدد كبير من المواطنين والناشطين، شعارات تطالب بالتغيير السياسي الجدي وبدء مرحلة انتقال ديمقراطي، وتحرير الصحافة والقضاء.
ورفع الطلبة والمتظاهرون لافتات كتب عليها: "السيادة للشعب"، و"الشعب هو من يقرر المصير"، و"لا لمسرحية الانتخابات"، إذ يعترض الحراك الشعبي والطلابي على إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 يونيو المقبل، ويصفها بالمسرحية التي ستعيد، بحسب الناشطين، إنتاج نفس مؤسسات النظام، كما تم رفع صور لعدد من الناشطين الموقوفين والملاحقين من قبل القضاء، بمن فيهم الطالب ميلود بن روان الذي أوقف اليوم إضرابا عن الطعام بطلب من المحامين. وحمل عدد كبير من الطلبة الورود تكريسا لسلمية المظاهرات، ورسالة إلى قوات الأمن بعدم وجود أي توجه لدى المتظاهرين والحراك الطلابي لإثارة المشكلات.
وقال الناشط في الحراك الطلابي عمر مرين، لـ"العربي الجديد"، "حملنا الورود اليوم لكي نوضح للجميع أن هذا الحراك سلمي وحضاري ويحمل قيما بعيدة كل البعد عن أية مظاهر للعنف أو الشغب والتشنج، وأيضا لنرد على محاولات لاحظناها في الفترة الأخيرة بشأن رغبة السلطة في ضخ خطاب إعلامي حاد يتهم الحراك بالتشدد والتطرف والعنف"، واصفا ذلك بـ"المحاولات البائسة واليائسة التي لا علاقة لها بالواقع"، مضيفا "السلطة تمارس نوعا من الهروب وتطبق مثلا شعبيا جزائريا يقول إنك إذا أردت أن تتخلص من شيء لديك اتهمه بالكَلَب".
ولم تسجل خلال مظاهرات العاصمة صدامات مع قوات الشرطة التي أبقت على تمركزها في مختلف الشوارع والساحات الرئيسة التي تمر عبرها مظاهرات الطلبة، ما عدا محاولة من قوات الشرطة وقف مسيرة الطلبة على مستوى المسرح الوطني، لفترة قصيرة، قبل أن تنسحب بعد إصرار الطلبة على مواصلة مسار التظاهر، لتفسح لهم المجال.
وبخلاف الهدوء الذي ميّز مظاهرات الحراك الطلابي في العاصمة، وبدرجة أقل مظاهرة الطلبة في مدينة بجاية شرقي الجزائر، فقد تصدت قوات الشرطة لمظاهرات الطلبة في مدينة قسنطينة، حيث أحبطت قوات الشرطة محاولة إحياء الحراك الطلابي مجددا في المدينة، عندما خرجت مظاهرة طلابية من جامعة منتوري، واعتقلت عددا من الطلبة والطالبات واقتادتهم إلى مراكز للأمن، كما تصدت لمظاهرة طلابية في مدينة تيزي وزو، ومنعت الطلبة من السير من الجامعة إلى وسط المدينة، وساعد الحجم المتواضع وقلة عدد الطلبة المتظاهرين الشرطة في فضها، على الرغم من محولات الطلبة اختراق الحاجز الذي أقامته الشرطة.
إلى ذلك، أعلنت السلطات الجزائرية إحباط خطط لمجموعة إرهابية تضم خمسة أشخاص كانت تعتزم تنفيذ تفجيرات بواسطة سيارات ملغومة خلال مظاهرات الحراك الشعبي في مدينتي تيزي وزو وبجاية، كبرى مدن منطقة القبائل شرقي العاصمة الجزائرية.
وهذه المرة الثانية في ظرف شهر الي تعلن فيها السلطات الجزائرية إحباط خطط لاستهداف مظاهرات الحراك الشعبي، بنية خلط الأوضاع في البلاد، إذ كانت قد كشفت في الثالث من الشهر الجاري عن نجاح مصالح الأمنية المختصة التابعة للجيش (الاستخبارات) في تفكيك شبكة إرهابية نقلت قنبلة إلى العاصمة الجزائرية كانت موجهة للاستعمال في عملية إجرامية في مظاهرات الحراك.
وقبل ذلك، كان الرئيس عبد المجيد تبون قد كشف في حوار متلفز أن الجيش والأجهزة الأمنية أحبطا خططاً للإرهابيين لاستهداف المظاهرات وتفجيرها، وقال "قد أوقفنا في المسيرات الأخيرة أشخاصا كانوا يحملون أسلحة".
وعلى الرغم من هذه التفاصيل والمحاذير الأمنية والبلاغات الرسمية للسلطات والأجهزة الأمنية، فإن جزءا من الحراك الشعبي يعتبر أن مثل هذه المعلومات تدخل في سياق محاولة السلطات لتخويف الجزائريين من التظاهر، أو توفير مبررات أمنية لإغلاق المدن والساحات والشوارع ومنع التظاهر، تحت مبررات ودوافع الحفاظ على الأمن العام.