استمع إلى الملخص
- حذرت حركة مجتمع السلم من أن غياب الحوار قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مشيرة إلى فشل السياسات التنموية واضطراب الأولويات، مما يستدعي ضرورة فتح حوار وطني.
- أعلن الرئيس تبون عن نيته فتح حوار وطني بعد فوزه بولاية ثانية، لكنه أشار إلى تأجيله حتى نهاية 2025، مما أثار قلق الأحزاب التي ترى ضرورة أن يسبق الحوار تعديل القوانين.
تستعجل أحزاب سياسية فاعلة في الجزائر الرئيس عبد المجيد تبون بشأن إطلاق حوار وطني كان أعلن عنه قبل شهرين، يناقش القضايا السياسية، والسياسات الاقتصادية، والأوضاع الاجتماعية الراهنة في البلاد، على ضوء التحديات التي تواجه الجزائر على كل الصعد. وطالبت حركة مجتمع السلم (حمس)، كبرى الأحزاب السياسية المعارضة في البلاد، في أعقاب اجتماع قيادتها الوطنية، اليوم الجمعة، بـ"التعجيل بفتح حوار وطني شامل، جاد، ومسؤول، حول مختلف الرهانات المرتبطة بالأمن والاستقرار"، كذلك حول "مختلف القضايا الوطنية المرحلية، واستشراف الرهانات المستقبلية، بما يساهم في تمتين الجبهة الداخلية، وتجسيد الإرادة الشعبية، وتحقيق التنمية الاقتصادية، وتعزيز السكينة الاجتماعية، وتثبيت الأمن والاستقرار، ومواجهة الإكراهات الخارجية، في ظل تسارع مخيف لمختلف التحولات الدولية الضاغطة في الإقليم والمهددة والمستهدفة لوحدة الشعوب وسيادة الدول".
وحذرت الحركة من أن "غياب الحوار والتشاور في معالجة مختلف الملفات ذات الصلة بتسكين الجبهة الاجتماعية، وبعث الأمل لدى شريحة واسعة من العمال والموظفين والقطاعات التي لا تزال تنتظر قوانينها الأساسية، وتحل الأزمات الظرفية للطلاب والشباب، وتدفع الطبقة الوسطى إلى الاشتغال بأولويات التنمية للوصول إلى الجزائر الصاعدة، سيؤدي الى تفاقم الصعوبات التي تواجه الوضع الاقتصادي والاجتماعي، بسبب فشل السياسات التنموية، واضطراب أولوياتها، وغياب رؤية استيعابية، مما انعكس على الواقع اليومي للجزائريين، لا سيما ما يتعلق بتراجع القدرة الشرائية والارتفاع المستمر في مختلف الأسعار".
وقبل أيام، وجه رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة الدعوة نفسها، وقال "جميعاً ننتظر الحوار الاستراتيجي الذي وعد به الرئيس مشكوراً، وندعو إلى حوارات أخرى مستعجلة متعلقة بتحصين مؤسسات الدولة والمجتمع، جراء الهجمات السافرة ضد الجزائر، وسيبقى هذا الموضوع مطلباً لنا لمختلف الجهات، ولذلك ندعو إلى حوار سياسي مسؤول بين الأحزاب السياسية، وندعو كذلك كل النخب الجزائرية إلى حوار جاد فيما بينها"، مشدداً على أنه يتعين على الحكومة من جهتها تفعيل الحوار مع الشريك الاقتصادي والاجتماعي دون إقصاء"، موضحاً أن "كل هذه الحوارات المختلفة ذات الاهتمام البالغ، هي الأولوية القصوى من أجل التعبئة الجماعية لمواجهة هذه التحديات التي تواجهنا بشكل جماعي، في ظل التحولات الخطيرة التي تشهدها المنطقة وتفرضها المرحلة".
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن في خطاب عقب أدائه اليمين الدستورية بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية في انتخابات السابع من سبتمبر/ أيلول الماضي، عن قراره "فتح حوار وطني مع كافة القوى الوطنية لإشراكها في صياغة الخطط المرتبطة بالنهج السياسي والاقتصادي للبلاد، خلال العهدة الثانية، وفي ظروف تسمح لنا بذلك، سنقوم باتصالات كثيفة واستشارات مع كل الطاقات الحية للبلد، وندخل في حوار وطني مفتوح لنخطط معاً للمسيرة التي سننتهجها معاً، لتجسيد الديمقراطية الحقة وليس ديمقراطية الشعارات، والتي تعطي السيادة لمن يستحق".
وتبرز هذه الدعوات السياسية الموجهة إلى الرئيس تبون محاولة ضغط سياسي وتنبيه الى وجود ضرورات سياسية لتسبيق الحوار الوطني على أي أجندة سياسية بالنسبة للسلطة، خاصة بعدما كان الرئيس تبون قد كشف لاحقاً في حوار تلفزيوني بث بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن نيته في أن يطلق الحوار بنهاية العام المقبل 2025، بعد الفراغ من تعديلات صياغة القوانين الناظمة لمؤسسات الحكم المحلي والحياة السياسية، كقوانين البلدية، والولاية، والأحزاب، والجمعيات، والانتخابات، غير أن هذا أقلق الأحزاب السياسية التي ترى أن الحوار يجب أن يسبق تعديل هذه القوانين ذات الصلة بالحياة السياسية، وأن تكون مخرجات الحوار متضمنة في التعديلات، وأن إجراء الحوار السياسي بعد تعديلها يفرغ الحوار السياسي من كل معنى.
وعبّر حزب جيل جديد، الأسبوع الماضي، عن هذا القلق، وأكد في بيان لمجلسه الوطني أنه "على الرغم من الوعود بحوار وطني الذي أعلنه رئيس الجمهورية، مع أنه تم تأخيره إلى أجل غير مسمى، إلا أن الأحزاب السياسية، في الواقع، مهمشة ومحكوم عليها بأن تختزل إلى مجرد ملحقات إدارية، أو أدوات للدعم بالنسبة لجزء منها"، واقترح على الأحزاب الوطنية "الانطلاق في نقاش جدي للتوصل إلى رؤية للمستقبل يمكن الدفاع عنها بشكل جماعي لدى المؤسسات الوطنية بهدف التجديد الديمقراطي، قادرة على تشكيل قاعدة انطلاق جديدة تبنى على قواعد سليمة وشفافة، تهدف أولاً وقبل كل شيء إلى تحقيق الانسجام الوطني والتحديث الفعلي للبلاد".