الجزائر: أزمة داخلية تهدد أكبر أحزاب السلطة بهزيمة قاسية بالانتخابات

الجزائر: نزيف وأزمة داخلية يهددان أكبر أحزاب السلطة بهزيمة قاسية في انتخابات يونيو

15 مارس 2021
القانون الانتخابي الجديد حرم الحزب من خدمات ما يقارب 100 نائب في البرلمان(العربي الجديد)
+ الخط -

يتصاعد الانقسام داخل أكبر أحزاب الموالاة (جبهة التحرير الوطني)، في الأسابيع الأخيرة، وعشية بدء تقديم قوائم المرشحين للانتخابات البرلمانية المبكرة، ووسط عودة الصراع الحاد بين قيادة الحزب والمعارضين، ما يؤشر إلى إمكانية أن يواجه الحزب متاعب جدية خلال الانتخابات، وأداء انتخابيا ضعيفا يؤدي به إلى انهيار انتخابي محتمل.  

وعادت الاعتصامات أمام المقر المركزي للحزب في العاصمة الجزائرية مجددا، حيث تجمع عشرات من كوادر الحزب، والنواب السابقين في البرلمان المنحل، والمعارضين للقيادة الحالية التي يرأسها أبو الفضل بعجي، للمطالبة برحيله عن القيادة، وإعلان عدم الاعتراف به كأمين عام للحزب، ورفعوا في وجهه شعارات تتهمه بالسعي للسيطرة على الحزب وصياغة قوائم المرشحين عبر إقصاء الكوادر الحقيقية للحزب.

وامتدت الأزمة من القيادة المركزية إلى الولايات التي تشهد انقساما ونزيفا كبيرا داخل الحزب، حيث نزحت كوادره إلى أحزاب أخرى وقوائم مستقلة للترشح معها في انتخابات يونيو/ حزيران المقبل، بسبب الصراع الذي بدأ مبكرا على قوائم الترشيحات، وخاصة أن القانون الانتخابي الجديد حرم الحزب من خدمات ما يقارب 100 نائب في البرلمان، لم يعد ممكنا لهم الترشح مجددا، حيث يمنع القانون كل من ترشح وفاز بعهدتين نيابيتين من الترشح لعهدة نيابية ثالثة، وهو ما فتح الباب على مصراعيه للصراع على تقدم رأس القائمة باسم الحزب في الولايات.

 ويشهد حزب جبهة التحرير الوطني منذ الانقسام الحاد الذي عرفه في أكتوبر/ تشرين الأول 2003، عشية الانتخابات الرئاسية في إبريل/ نيسان 2004، أزمات مستمرة في القيادة وحالة من عدم الاستقرار، حيث تداولت على قيادته منذ تلك الفترة أكثر من ثماني هيئات قيادية وأمناء عامين، بعضهم لم تتجاوز فترة قيادتهم للحزب أكثر من سنة، كما أن اثنين من أمنائه العامين في السجن، جمال ولد عباس ومحمد جميعي، في قضايا فساد وتجاوزات.

لكن الأمين العام للحزب أبو الفضل بعجي رد، في ندوة، على معارضيه، واتهمهم بمحاولة الضغط عليه للقبول بتقديم قوائم محددة في الانتخابات التشريعية المقبلة، واعتبر أنهم ينتمون إلى جماعات المال السياسي، الذي كان يسيطر على الحزب، بحسبه، واتهم نوابا في مجلس الأمة، بينهم العضو محمود قيساري، بالوقوف وراء التحركات الأخيرة.

 وقال بعجي، في مؤتمر صحافي عقده أمس الأحد، إنه لن يخضع لضغوط مناوئيه، قائلاً "من استفاد من الحزب سابقا يريد أن يواصل الضغط اليوم من خلال محاولة التحكم في الأمين العام وممارسة الضغوط، وهو ما لن نقبل به"، مضيفا أن "هؤلاء يريدون التموقع في الاستحقاقات القادمة ليس إلا، والبعض منهم تاجر بأموال الحزب".

وانتقد بعجي دعوات وجهها عضو مجلس الأمة محمود قيساري لسحب الحزب من المشاركة في التشريعيات المقبلة، تخوفا من انهيار انتخابي وأزمة هيكلية كبيرة، خاصة بعد رفع السلطة يدها عن الحزب، وتوعد بعجي بتحقيق الحزب لنصر انتخابي كبير في انتخابات 12 يونيو المقبل، وقال في هذا السياق "الشعب سيكون هو الحكم في الانتخابات، والحزب سيشارك وسيفوز ويكون سعيرا على الحاقدين".

وكانت "جبهة التحرير الوطني" تستفيد من دعم السلطة لها منذ انتخابات عام 2002، باعتبارها الحزب الأول للسلطة، وكان الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة يعد الرئيس الشرفي للحزب، بحيث كانت الجبهة تفوز بالانتخابات بسبب تلاعبات بسير الانتخابات وتزويرها، لكن كل المعطيات تذهب باتجاه أن تشكل الانتخابات البرلمانية المقبلة ثالث أكبر هزيمة انتخابية للحزب بعد هزيمته التاريخية أمام "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" (محظورة) في الانتخابات البلدية عام 1990 والبرلمانية في ديسمبر/ كانون الأول 1991 ، ثم في الانتخابات البرلمانية عام 1997، حيث خسر الانتخابات أمام "التجمع الوطني الديمقراطي"، الذي كان قد أنشئ حديثا.

كل التطورات التي حصلت بعد حراك 22 فبراير 2019 لم تكن في صالحه

ويعتقد المحلل السياسي محمد سالمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "كل التطورات التي حصلت بعد حراك 22 فبراير/ شباط 2019 لم تكن في صالحه، من المطالبات الشعبية الواسعة بحل الحزب واسترجاع الملكية العامة لكل الجزائريين لرمز الحزب (جبهة التحرير الوطني) باعتبارها الجبهة التي قادت الجزائريين في معركة التحرير، إلى رفع السلطة يدها عن الحزب حيث لم يعد ممكنا له استخدام وسائل الدولة والإدارة لصالحه، خاصة بعد نقل عملية الإشراف على الانتخابات بالكامل إلى هيئة مستقلة، وكذا ضعف أداء قيادته الجديدة".

وأضاف سالمي أن هذه التطورات "جعلت الحزب مهددا بخسارة كبيرة للانتخابات (كان يحوز أكثر من 164 مقعدا في انتخابات2017)، ما يعادل 33 في المائة من المقاعد، وهو أمر دفع الكثير من الكوادر في الحزب إلى القفز من سفينة الحزب والترشح في قوائم مستقلة أو ضمن قوائم أحزاب أخرى، ما سيعمق من المأزق الانتخابي للجبهة، بحيث يشتت أكثر كتلة ناخبيها، ما يصب في صالح أحزاب أخرى".

المساهمون