الجزائر: "صوت الشعب" يناشد تبون عدم تأسيس حزب جديد

الجزائر: "صوت الشعب" يناشد تبون عدم تأسيس حزب جديد

05 يونيو 2021
تبون أبدى انفتاحاً على فكرة تأسيس حزب سياسي (Getty)
+ الخط -

ما زالت تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون التي تحدث فيها عن إمكانية التفكير في إنشاء حزب سياسي في المرحلة المقبلة، تثير بعض التعليقات السياسية وردود الفعل، وسط مخاوف من عودة ربط الإدارة ومؤسسات الدولة بحزب الرئيس. 

وقال رئيس حزب "صوت الشعب" لمين عصماني، في مؤتمر صحافي تعليقاً على النوايا التي أبداها الرئيس تبون، إنه يتوجه إلى الرئيس بمناشدة مباشرة بعدم تأسيس حزب جديد، مضيفاً: "أنا أعتقد أنّ رئيس الجمهورية مقتنع تماماً بعدم تأسيس حزب سياسي، لكن بعض الأطراف هي من تريد الإلحاح على الرئيس لتأسيس حزب جديد، وذلك من أجل مصالحها الخاصة وليس من أجل مصلحة الرئيس".

وقال موجهاً خطابه إلى الرئيس تبون: "سيادة الرئيس أناشدك بألا تأسس حزباً سياسياً ولا تستمع لهؤلاء الذين لا يرضون لك الخير، بل يعملون من أجل مصالحهم فقط". وحذّر المسؤول السياسي من "أن يسهم إقدام الرئيس تبون على إنشاء حزب سياسي في عودة مجموعات سياسية تستغل هذه الفرص للتملق، كما أنه سيخلق حالة من التشويش والاستفهامات حول ممارسة الإدارة ومدى حيادها في حال وجد حزب الرئيس، خاصة أنّ التجارب التي مرت بها الجزائر تقول إنّ الإدارة لا تستطيع أن تكون محايدة في مثل هذا الوضع".

وكان الرئيس تبون قد أكد، في حوار صحافي نشرته مجلة "لوبوان" الفرنسية، قبل يومين، أنّ إمكانية إنشاء حزب سياسي تبقى واردة في مرحلة لاحقة. وقال: "عندما تعود المؤسسات إلى سيرها الطبيعي، ويتم التخلص من المال الفاسد، قد نفكر في تأسيس حزب رئاسي لكن ليس الآن"، وبرّر بكون "مجموع الأحزاب السياسية في الجزائر تتمثل في حدود 800 ألف منخرط، بينما عدد سكان الجزائر 45 مليون نسمة".

من جهته، قال الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني" أبو الفضل بعجي، في مؤتمر صحافي، أمس الجمعة، إنّ الجبهة غير منزعجة من إعلان الرئيس تبون تشكيل حزب سياسي، وأكد أنّ الرئيس حر في خياراته وجبهة التحرير "ترحّب بأي حزب يوجد في الساحة".

وفي السياق، لمّح رئيس "حركة البناء الوطني" عبد القادر بن قرينة إلى تقديم عرض سياسي يغني الرئيس تبون عن فكرة تأسيس حزب سياسي، وقال إنّ حركته مستعدة "لتشكيل كومندوس سياسي مع رئيس الجمهورية يشمل مختلف القوى السياسية والنخب الوطنية المؤمنة بالحل الدستوري، ويعمل هذا الكومندوس لمدة خمس سنوات ببرنامج إنقاذ وطني يسهم في تجاوز الأزمة متعددة الأوجه".

 

وكان واضحاً منذ فترة أن توجهات الرئيس تبون للتركيز على قوى المجتمع المدني، وهيكلتها على مستوى الولايات، كانت تمثل خطوة تمهيدية لخلق قاعدة يمكن الانطلاق منها لاحقاً لإنشاء الحزب السياسي، خاصة أنّ الرئيس الذي يطمح إلى تشكيل ائتلاف رئاسي في البرلمان وفي الساحة السياسية يتيح له تشكيل حكومته ما بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، قد يجد نفسه مضطراً لإنشاء حزب سياسي، بعد احتراق كامل أوراق حزبي السلطة السابقين، "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، اللذين لم يعد لهما نفس الحضور السياسي والقبول الشعبي في البلاد.

لكن مراقبين يعتقدون أنّ إنشاء تبون حزباً سياسياً جديداً في المرحلة المقبلة، وبغض النظر عن الظروف التي سيتم فيها، والتداعيات التي سيخلفها، سيكتب نهاية سياسية لأحزاب السلطة الحالية، وخاصة "جبهة التحرير الوطني"، واستبعادها نهائياً من محيط الرئاسة، بعد عقود من هيمنتها، إضافة إلى فصل نهائي لـ"التجمع الوطني الديمقراطي" عن دواليب الدولة، بعد عقود ظلّ يتمركز فيها، لكون أمينيه العامين السابقين أحمد أويحيى وعبد القادر بن صالح كانا يشغلان منصب رئاسة الحكومة ورئاسة ديوان رئاسة الجمهورية بالنسبة للأول، ورئاسة مجلس الأمة ورئاسة الدولة بالنسبة للثاني.

وتعيد فكرة إنشاء حزب الرئيس في الجزائر تجارب سابقة للرؤساء السابقين، حيث كان رئيس الدولة الراحل محمد بوضياف قد بدأ، فور استلامه رئاسة الدولة في يناير 1992، التفكير في إنشاء حزب سياسي باسم "التجمع الوطني"، تكون النقابة العمالية المركزية قاعدته الأساسية، لكنه اغتيل قبل تنفيذه هذا المشروع السياسي في يونيو/ حزيران 1992.

واتجه الرئيس السابق ليامين زروال الذي تسلم السلطة عام 1995 إلى إنشاء حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، وقاعدته أبناء شهداء الثورة والمقاومين للإرهاب، بداية فبراير/ شباط عام 1997، إذ فاز هذا الحزب بالانتخابات التي جرت بعد أربعة أشهر من تأسيسه، في يونيو/ حزيران 1997، لكن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة أعلن، في بداية عهدته الرئاسية الأولى عام 1999، أنّ حزبه هو "جبهة التحرير"، إذ تم تعديل القانون الأساسي للحزب ليصبح بوتفليقة رئيساً للحزب.