الجريمة تهدد الداخل الفلسطيني

الجريمة تهدد الداخل الفلسطيني

04 ديسمبر 2021
تتقاعس أجهزة الاحتلال عن جمع السلاح غير المرخص (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -

تعيش مدينة أم الفحم، الاسم الحركي لفلسطين، كما سمّاها ناجي العلي، ومدينة الناصرة، هذه الأيام، نسخة مكررة من تفاقم وتفشي الجريمة التي تهدد بتفكيك المجتمع الفلسطيني في الداخل، بفعل تواطؤ الحكومة الإسرائيلية مع عصابات الإجرام المنظّم، وتقاعسها عن جمع السلاح غير المرخص من جهة ثانية، وأيضاً توظيفها استفحال هذه الجرائم، وما حدث في أم الفحم والناصرة، لتنفيذ سياسات السيطرة على الفلسطينيين في الداخل.

فمنذ هبّة أكتوبر/ تشرين الأول في عام 2000، وبحسب قيادات سياسية فلسطينية مختلفة، أفلتت الحكومة الإسرائيلية العقال لمنظمات الإجرام في الداخل الفلسطيني، وتهاونت مع انتقال هذه العصابات، التي وُلدت كعصابات مرتبطة بعائلات الإجرام في المجتمع الإسرائيلي اليهودي، إلى العمل بحرّية شبه مطلقة في البلدات العربية الفلسطينية، بينما قامت بقطع دابر عائلات الإجرام اليهودية في المدن الإسرائيلية.

لكن إرخاء الحبل على غاربه للجماعات الإجرامية في المجتمع الفلسطيني ظلّت هي السياسة المعتمدة، تحت ذرائع مختلفة، منها عدم وجود قوى بشرية "عربية" وعدم تعاون المجتمع الفلسطيني في الداخل مع الشرطة الإسرائيلية، وصولاً أخيراً إلى الادعاء بأن مصدر السلاح هو من أراضي السلطة الفلسطينية، على الرغم من وجود تقارير رسمية إسرائيلية، أبرزها تقرير لمراقب الدولة الإسرائيلي عام 2018، أكدت أن الجيش والمخابرات العامة رفضا التعاون مع الشرطة في جمع السلاح غير المرخص، وتقارير أخرى تفيد بأن المصدر الأساسي لهذا السلاح هو من مستودعات الجيش الإسرائيلي نفسه.

هذا العام، وتحديداً في الأشهر الأخيرة، بعد أن وقعت بعض الجرائم الجنائية التي لا تقارن بما يحدث في الداخل الفلسطيني، في مدن إسرائيلية يهودية، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية وجهات في الشرطة الإسرائيلية تصنيف هذه الجرائم والحوادث على أنها "إرهاب مدني" ما دامت تقع في مدن يهودية إسرائيلية، تُجسد بحسب هذا الخط الدعائي "غياب سلطة الدولة وتآكل السيادة الإسرائيلية الرسمية"، داعية إلى انتهاج سياسة القبضة الحديدة ضد العرب، خصوصاً في النقب والمدن التاريخية المسماة بالمدن المختلطة في الخطاب الإسرائيلي.

ما يحدث في أم الفحم والناصرة وقبلها بلدات أخرى يؤكد حجم الخطر الذي يهدد بالفتك بالمجتمع الفلسطيني، لكنه أيضاً يدعو لليقظة والحذر من توظيفه من قِبل المؤسسة الإسرائيلية لكسر روح المجتمع الفلسطيني وهدم نسيجه الداخلي وإنهاكه بدوائر من العنف والقتل والثأر.

المساهمون