التوتر يعود إلى بصرى الشام وحملة أمنية في اللاذقية

18 ابريل 2025
قوات أمن سورية في بصرى الشام، 5 يناير 2025 (بكر القاسم/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت بصرى الشام توتراً بعد نزاع بين مؤيدي أحمد العودة وبلال الدروبي، مما أدى إلى إصابات وفرض حظر تجول لضبط الوضع ومنع التصعيد، في ظل انقسام محلي يعود للنظام السابق.
- نفذت قوات الأمن السوري حملة في اللاذقية استهدفت الخارجين عن القانون والمطلوبين، مركزة على من رفضوا التسويات، لضبط الأمن وملاحقة المتورطين في جرائم تحت سلطة النظام السابق.
- اعتقلت وزارة الداخلية السورية العميد سالم داغستاني في اللاذقية، المتورط في جرائم حرب، ضمن جهود الحكومة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات السابقة.

فرضت قوات الأمن العام السوري حظر تجول، ليل أمس وحتى صباح اليوم الجمعة، على أهالي مدينة بصرى الشام في ريف محافظة درعا بجنوب سورية إثر نزاع نشب بين متظاهرين مناصرين لأحمد العودة، قائد فصيل "اللواء الثامن" المنحل، ومناصرين للقيادي في الأمن العام بلال الدروبي الذي قُتل برصاص عناصر تتبع للواء. 

وانتشرت قوات الأمن العام في شوارع المدينة بعدما فضت النزاع وفرضت حظر التجول بهدف ضبط الوضع الأمني ومنع التصعيد بين الجانبين. وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد" إصابة ثلاثة أشخاص بين المتظاهرين نقلوا إلى مشافي درعا، بينهم نصر العودة المقرب من أحمد العودة، وعمر الصباح شقيق علي الصباح، القيادي السابق في "اللواء الثامن" والملقب بـ"علي باش". في حين ناشد أهالي المدينة قيادة الأمن العام في درعا بإرسال تعزيزات أمنية تخوفاً من تصعيد قد يحصل في المدينة، حيث ظهرت دعوات أُطلقت من جهات تتبع لأنصار العودة تدعو إلى الخروج بمظاهرات شعبية بعد ظهر اليوم، رفضاً لمحاسبة عناصر "اللواء الثامن" وملاحقتهم. 

وقال أحد أبناء مدينة بصرى الشام لـ"العربي الجديد" إن هناك "حالة من الانقسام في صفوف المجتمع المحلي تعود جذوره إلى زمن النظام البائد والنزاعات بين الفصائل المسلحة حينها، وهو ما أورث العديد من المشاكل"، وأوضح أن هناك "من وجد في حل اللواء الثامن قبل أيام فرصة لمحاسبة عناصره، وفي مقدمتهم العودة وعلي باش، وانقسم الشارع بين مؤيد ومعارض، وتطور النزاع أمس بين مظاهرتين بدأت من عراك بالأيدي إلى إطلاق النيران وإصابات"، مشيراً إلى أن "اثنين من المصابين في أحداث الأمس هما من اللواء الثامن المنحل، ومن المقربين لقادته، وربما جرى استهدافهما في عمل انتقامي". 

وعلى إثر الصدام الذي حصل أمس الخميس، خرج شقيق بلال الدروبي في مقطع مصور أكد فيه التزامه بقرارات لجان الوفاق وقوى الأمن العام، ونفى أي اتهام موجه إليه وإلى أقاربه وأتباعه بمحاولة إثارة النزاع بين المتظاهرين أو أي محاولة انتقام من أتباع العودة. وتقول مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" إن "هناك قراراً من دمشق بالاتفاق مع بعض الفصائل المحلية في درعا على الخلاص من اللواء الثامن بطريقة ما لما يسببه أحمد العودة من خطر قائم في الجنوب السوري، قد يظهر على شكل تمرد يؤدي في أي وقت ما إلى صراع محلي في الجنوب السوري"، خصوصاً أن "العودة ما زالت تربطه علاقات وطيدة مع الجانب الروسي ومع جهات إقليمية".

وفي الوقت نفسه، ترى المصادر أن للعودة "أتباعاً منتشرين في العديد من القرى والبلدات، وبعضهم انتمى إلى قوى الأمن والجيش السوري، وما زال هؤلاء مع الكثيرين من أهالي درعا يدينون للعودة واللواء الثامن باستتباب الأمن في مناطقهم ومنع الأجهزة الأمنية والمليشيات الإيرانية من العبث فيها أو ملاحقة الثوار والناشطين بالرغم من تبعية اللواء لروسيا". 

كذلك، يرى البعض أن "اللواء الثامن" خاض "عدة معارك ضد المليشيات الإيرانية والأجهزة الأمنية زمن النظام البائد، ولا يُعتبر بأي شكل من أتباع النظام، ولا ينبغي تالياً ملاحقة عناصره ومحاسبتهم على معارك ونزاعات سابقة، خصوصاً أن بعضها كان مع أعضاء ينتمون إلى هيئة تحرير الشام". 

واعتبر أحد المقربين من أحمد العودة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هناك عملاً ممنهجاً خُطط له لإثارة الرأي العام ضد "اللواء الثامن" عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، وجاء اغتيال الدروبي ليكون بمثابة "الشعرة التي قصمت ظهر البعير"، ودفعت العودة إلى الموافقة على دخول قوات الأمن العام إلى بصرى ونزع السلاح. وأضاف أن "هناك ضخاً إعلامياً كبيراً أظهر العودة بموقع المتمرد على الدولة وربما يُحضر لانقلاب على حكومة الشرع، وساهم هذا إلى حد كبير بتأليب الرأي العام ضده وربما ترافق هذا مع اتفاقات إقليمية ساهمت في حل اللواء الثامن وتسليم السلاح".

وكانت قوات الأمن العام دخلت بصرى الشام الاثنين الماضي إثر مقتل بلال الدروبي المنتمي حديثاً إلى قوى الأمن العام، والذي كان قائداً لأحد مجموعات "اللواء الثامن"، واستطاعت هذه القوات بسط الأمن في المدينة وما حولها، بعد موافقة العودة على حل "اللواء الثامن" وتسليم السلاح، والمتهمين باغتيال الدروبي. 

حملة أمنية في اللاذقية غربي سورية

وفي سياق آخر، نفذت قوات الأمن العام السوري، صباح اليوم الجمعة، حملة أمنية واسعة في عدد من أحياء محافظة اللاذقية، شمال غربي البلاد. وقالت مصادر خاصة قريبة من قوات الأمن العام لـ"العربي الجديد" إن الحملة استهدفت "الخارجين عن القانون والمطلوبين للعدالة من فلول نظام بشار الأسد"، وتركزت بشكل أساسي على الأشخاص الذين رفضوا إجراء التسويات وتسليم أسلحتهم، رغم الإنذارات السابقة والمهل التي منحتها الجهات المختصة. ووفق المصادر، تهدف الحملة إلى ضبط المخالفات المتزايدة وملاحقة المتورطين في أعمال ترويع وسرقة وقتل ارتُكبت في ظل سلطة النظام السابق، حيث لا تزال بعض الخلايا الموالية للنظام تعمل في الظل وتعرقل جهود إعادة الأمن في المحافظة.

وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من الحملات الأمنية التي تنفذها قوى الأمن العام في معظم المحافظات السورية، بحثاً عن مطلوبين من فلول النظام متورطين في جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين. وكانت وزارة الداخلية السورية، بعد سقوط نظام الأسد، أعلنت اعتقال مئات الأشخاص، بينهم ضباط وعناصر أمنية سابقة، بتهم تتعلق بعمليات قتل وتعذيب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت لصالح النظام السابق.

وأعلنت الداخلية السورية، يوم الأربعاء الماضي، إلقاء القبض على العميد سالم داغستاني، الرئيس السابق لفرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية، في مدينة اللاذقية عقب عملية أمنية نفذتها إدارة الأمن العام. ويُعد داغستاني من أبرز المتورطين في ارتكاب جرائم حرب خلال فترة توليه مناصب أمنية حساسة، من بينها رئاسة قسم التحقيق في سجن صيدنايا ورئاسة اللجنة الأمنية في منطقة الغوطة الشرقية، حيث لعب دوراً مركزياً في تنفيذ ملف "المصالحات". وتم تحويله أصولاً إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية بحقه، وفق وزارة الداخلية.

المساهمون