التعداد السكاني في العراق يحيي سجال زيادة عدد النواب

30 نوفمبر 2024
خلال التعداد السكاني في الموصل، 21 نوفمبر 2024 (إسماعيل عدنان/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أظهر التعداد السكاني الأخير في العراق تجاوز عدد السكان 45 مليون نسمة، مما يثير تساؤلات حول زيادة عدد أعضاء البرلمان من 329 إلى 450 نائباً، وفقاً للدستور.
- التعداد قد يؤدي إلى إعادة توزيع المقاعد بين المحافظات بناءً على الحركة السكانية منذ 1996، مما يتطلب توافقات سياسية وسط تحذيرات من تكاليف مالية ضخمة.
- أكد سياسيون وخبراء أن التعداد لن يؤثر فوراً على عدد مقاعد البرلمان بسبب الحاجة إلى تعديل دستوري وتكاليف مالية، مع ضرورة تدخل المحكمة الاتحادية لحل الإشكاليات.

أثارت نتائج التعداد السكاني في العراق الذي أجري الأسبوع الماضي، للمرة الأولى منذ عام 1997، وأظهر تخطي عدد السكان عتبة 45 مليون نسمة، أسئلة كثيرة، أبرزها ما ارتبط بارتفاع عدد أعضاء البرلمان إلى 450 نائباً بدلاً من 329 نائباً المعمول به حالياً، حيث ينص الدستور على أن لكل 100 ألف عراقي نائب واحد يمثلهم بالبرلمان، بالإضافة إلى أعداد الناخبين المسموح لهم بالاقتراع بالانتخابات المقبلة والعتبات الحسابية لوصول المرشحين في الانتخابات، وصولاً إلى آليات توزيع الموارد ضمن الميزانيات السنوية للدولة العراقية.

ووفق ما نص عليه الدستور العراقي لعام 2005، بإمكان عدد مقاعد البرلمان أن يصل إلى 600 بمرور السنوات المقبلة، لكن الأمر يخضع إلى تفسير المادة 49 من الدستور، التي تنص على أن مجلس النواب يتكون من نائب لكل 100 ألف نسمة. مع العلم أن أول انتخابات برلمانية في 2005، أدت لوصول 275 نائباً إلى البرلمان، ليرتفع إلى 329 نائباً في الدورات اللاحقة، رغم عدم وجود تعداد سكاني دقيق.

وكان واحداً من الملفات الجدلية والعالقة في العراق جرّاء الخلافات السياسية من جهة، نوع الأسئلة التي كانت قد تضمنتها النسخ الأولى من استمارات التعداد السكاني في العراق والتي شملت أسئلة عن المذهب والطائفة، وهو ما قوبل بحملات رفض من قبل الحركات الوطنية والمدنية والصحافيين والنشطاء في البلاد. 

محمد عنوز: يجب التفكير في الجوانب الفنية والمالية لرفع عدد النواب

الإحصاء السكاني تم على وقع تأهب أمني كبير، وحظر شامل على التجول، في خطوة طال انتظارها وتهدف إلى توفير بيانات دقيقة عن السكان، عدا عن مساهمته في تحسين التخطيط الاقتصادي والخدمات العامة، وتوزيع الموارد بشكل أكثر عدالة بين المحافظات، الأمر الذي من المفترض أن تكون له نتائج مجتمعية واضحة، وسط دعوات إلى الاستفادة من بياناته لبناء الخطط المستقبلية.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الاثنين الماضي، أن عدد سكان العراق وفقاً للتعداد العام بلغ أكثر من 45 مليون نسمة، مؤكداً أن عدد الأسر بلغ قرابة ثمانية ملايين أسرة. وقال السوداني في مؤتمر صحافي وقتها، إن "نسبة الذكور بلغت 50.1%، فيما بلغت نسبة الإناث 49.8%"، مشيراً إلى أن "الأسر التي ترأسها نساء بلغت 11.33%، والتي يرأسها الرجال 88.67%". ولفت إلى أن نسبة السكان دون سن 15 سنة بلغت 36.1%، وأن نسبة السكان فوق سن 65 عاماً بلغت 3.7%، بينما بلغت القوة العاملة أكثر من 60% من مجموع السكان.

وسرعان ما ظهر الجدل حول مستقبل عدد أعضاء مجلس النواب، لا سيما أن الأرقام السابقة استندت إلى بيانات تقريبية. لكن بعد إجراء التعداد السكاني في العراق فقد بات للحكومة أرقام يمكن اعتبارها رسمية، ما قد يؤدي إلى زيادة عدد مقاعد بعض المحافظات وانخفاضها في محافظات أخرى، نتيجة للحركة السكانية منذ 1996 وحتى الآن، والتي تأثرت بظروف أمنية واقتصادية، ما قد يدفع إلى تعديل قانون الانتخابات، ورفع عدد النواب إلى 450 نائباً، وفقاً لمصادر سياسية متفرقة، أفادت بذلك لـ"العربي الجديد".

تفاهمات حول الوضع السياسي

عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز قال إن "الدستور العراقي كان واضحاً في شرح مسألة أعداد أعضاء مجلس النواب، وعبر عن أن عدد المقاعد يعتمد على نسبة السكان، وأن العدد الحالي للأعضاء اعتمد على تخمينات وتقديرات من بعض الوزارات العراقية". وأوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "النمو السكاني الذي ظهر عبر التعداد السكاني في العراق قد يؤدي إلى رفع عدد مقاعد البرلمان، لكن لا بد من التفكير في الجوانب الفنية والمالية في هذا التوجه". وأضاف عنوز أن "الوضع السياسي في العراق، يرتبط بالتوافقات السياسية، وبالتالي فقد يخضع موضوع زيادة عدد أعضاء البرلمان إلى الاتفاقات والتفاهمات والصفقات بين الأحزاب السياسية"، مشيراً إلى أن "الأحزاب التقليدية فقدت جماهيرها بشكل واضح، بالتالي فإن الاحتيال على الناس بأي طريقة من الطرق سيرتد عليها انتخابياً".

لكن رئيس تيار الحكمة والقيادي بالائتلاف الحاكم بالعراق، عمار الحكيم، أكد، في تصريح صحافي أخيراً، أن التعداد السكاني في العراق لن يكون له أي تبعات سياسية ولن يعرض المواطنين لمساءلات تخص الانتخابات أو غيرها.

تأثير التعداد السكاني في العراق على البرلمان

رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، أشار إلى أن نسبة التعداد السكاني في العراق التي بلغت 45 مليون فرد، لن تؤثر على زيادة عدد مقاعد مجلس النواب. وذكر الغراوي في بيان، أن "المادة 49 أولاً من الدستور تحدد عدد النواب بمعدل واحد لكل 100 ألف نسمة، وأن هذا المعيار الدستوري ظل معطلاً في السنوات الماضية بسبب عدم وجود إحصاء سكاني حديث، حيث تم اعتماد تقديرات سكانية قديمة تشير إلى أن عدد سكان العراق كان 32.9 مليون نسمة، ما أدى إلى تحديد عدد أعضاء البرلمان بـ329 نائباً".

علي التميمي: تفسير المادة 49 سيُحدد آلية العمل في المستقبل

واعتبر أنه "لا يمكن اعتماد العدد المعلن البالغ 45 مليون نسمة في تعداد 2024 لتغيير عدد أعضاء مجلس النواب من 329 إلى 453 نائباً، لأن ما جرى هو تعداد سكاني وليس إحصاء شاملا، كما ينص الدستور". وأضاف أن "التعداد الحالي أغفل فقرات القومية والديانة، وهي معلومات أساسية في الإحصاء السكاني الشامل. كما أن المادة 49 من الدستور تعد من المواد القابلة للتعديل، وأن تغيير عدد المقاعد البرلمانية وفقاً للنسبة المعلنة سيكلف الدولة ميزانيات ضخمة، وأن العديد من الدول المستقرة دستورياً أبقت على عدد مقاعد مجلس النواب ثابتاً بغض النظر عن الزيادة السكانية".

من جهته، بيَّن عضو البرلمان العراقي عبد كريم عبطان، في تصريح صحافي، أن "نتائج التعداد السكاني في العراق لن تؤثر على زيادة مقاعد مجلس النواب الانتخابات المقبلة لسببين، الأول يتعلق بوجوب تعديل المادة الدستورية من خلال زيادة عدد السكان الممثلين بمقعد نيابي، والسبب الثاني يكمن في أن زيادة المقاعد سيكلف خزينة الدولة مبالغ مالية كبيرة". قانونياً، قال الخبير القانوني من بغداد، علي التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "تفسير المادة 49 سيُحدد آلية العمل في المستقبل، ما إذا ستتم زيادة عدد المقاعد البرلمانية. وبكل الأحوال فإن انعكاس نتائج التعداد السكاني في العراق وزيارة عدد النواب إلى 450، هو عدد كبير، بالتالي لا بد من تدخل المحكمة الاتحادية وحل هذا الإشكال".

المساهمون