التصعيد الإسرائيلي في جنوب سورية.. توغلات يومية وحواجز مؤقتة

23 مايو 2025   |  آخر تحديث: 15:21 (توقيت القدس)
قوة لجيش الاحتلال عند الشريط الحدودي مع سورية، 15 ديسمبر 2024 (ماتي ميلستين/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد المناطق الحدودية في جنوب سوريا تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً، مع توغلات برية وتحليق مكثف للطائرات، مما يثير قلق السكان المحليين بسبب التفتيش التعسفي وخرق التفاهمات الدولية.
- تتضمن التحركات الإسرائيلية إنشاء حواجز تفتيش مؤقتة والسيطرة على مرتفعات استراتيجية، مما يعكس استراتيجية لتعزيز النفوذ في المنطقة عبر بنية تحتية لوجستية متطورة.
- تؤدي هذه التوغلات إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للسكان المدنيين، وتنتهك الاتفاقيات الدولية، مما يتيح لإسرائيل فرصة لإعادة رسم خريطة النفوذ والسيطرة على موارد مائية حيوية.

تشهد المناطق الحدودية المحاذية للجولان المحتل جنوبي سورية تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً، في الأيام الأخيرة، تمثّل في سلسلة من التوغلات البرية وتحليق للطائرات الإسرائيلية في أجواء القنيطرة وريف درعا الغربي الجنوبي. وتُظهر الوقائع الميدانية، وفقاً لشهادات مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن الجيش الإسرائيلي يعمل على تعزيز وجوده في المنطقة، وسط صمت دولي مريب.  

من التحركات العسكرية إلى التفتيش التعسفي

توغلت دورية إسرائيلية مكونة من نحو 13 آلية عسكرية، أمس الخميس، إلى قرية صيدا الحانوت في ريف محافظة القنيطرة الجنوبي، حيث تجوّل الجنود داخل المناطق السكنية قبل أن ينسحبوا عائدين إلى موقع تل الجلغ في الجولان المحتل. وتزامن ذلك مع توغل قوة أخرى مؤلفة من 10 آليات في تل الدرعيات القريب من قرية المعلقة بريف القنيطرة الجنوبي، قبل أن تنسحب بعد فترة قصيرة دون اشتباك. ورافق هذه التوغلات البرية تحليق مكثف لطائرات استطلاع إسرائيلية على ارتفاعات منخفضة فوق سماء المنطقة، في إشارة إلى حالة التأهب العسكري التي تعيشها القوات الإسرائيلية.

وفي سياق متصل، نصبت دورية إسرائيلية حاجزاً على طريق عين البيضة – جباتا الخشب في ريف القنيطرة الشمالي، وأوقفت عدداً من المدنيين وعمدت إلى تفتيش هوياتهم وأغراضهم الشخصية دون إبداء الأسباب الموجبة لذلك، ما أثار حالة من القلق بين السكان، خاصة في ظل تكرار مثل هذه الإجراءات التي تُعتبر خرقاً للتفاهمات الدولية الموقعة بين الجانبين السوري والإسرائيلي منذ عام 1974.  

توغلات يومية وتوسع في النقاط العسكرية جنوبي سورية

وباتت التوغلات الإسرائيلية في المناطق الحدودية السورية، وخاصة في محافظة القنيطرة، حدثاً يومياً، بحسب مصادر أهلية من القنيطرة جنوبي سورية تحدثت لـ"العربي الجديد". وتشمل هذه التوغلات المتكررة، وفق الناشط محمد البكر من القنيطرة، قرى مثل كودنة وصيدا الحانوت والرفيد والطريق الرابط بين سدي المنطرة ورويحينة والمناطق السكنية المجاورة. كما يمتد توغل الاحتلال إلى بعض قرى جبل الشيخ التابعة إدارياً لريف دمشق، حيث تنشئ القوات الإسرائيلية حواجز تفتيش مؤقتة، على الطرق المؤدية إلى قرى عرنة وحضر وقلعة جندل والريمة وبقعسم.

وفي تطور يعكس استراتيجية طويلة المدى، يشير البكر في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن إسرائيل أحكمت سيطرتها النهائية على عدد من المرتفعات الاستراتيجية كمرصد حربون (الحرمون) العسكري الذي أنشأت مرصداً عسكرياً متطوراً على قمته، كانت قد سيطرت عليه في ديسمبر/ كانون الأول 2024 بعد سقوط نظام الأسد. وأشار البكر إلى أن هذه النقطة تعتبر الأعلى في المنطقة ما يمكّن إسرائيل من مراقبة تحركات القوات السورية في ريف دمشق والقنيطرة جنوبي سورية وحتى القوات في الأراضي اللبنانية، مضيفاً أن القوات الإسرائيلية قامت ببناء بنية تحتية لوجستية شملت حاويات تحتوي على مرافق خدمات ومكاتب للضباط وبنية اتصالات، موضحاً أن عدد النقاط الرئيسية في القنيطرة وحدها وصل إلى 12 نقطة، وتضم كل نقطة حاجزاً عسكرياً.  

وتؤدي هذه التوغلات، بحسب ما قال الناشط عمر المسالمة لـ"العربي الجديد"، إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للسكان المدنيين، حيث تُعطل التحركات اليومية بسبب الحواجز العسكرية والتفتيش التعسفي. وتزيد القلق على الأمن الشخصي، كما ترهب النساء والأطفال جراء سماع أصوات الطائرات العسكرية المنخفضة والتحركات المفاجئة للقوات.

ورأى المسالمة أنّ "القوات الإسرائيلية تتصرف كما لو أن المنطقة أصبحت جزءاً من أراضيها، دون أي اعتبار للقانون الدولي أو لحياة الناس"، موضحاً أنّ هذه الإجراءات تنتهك الاتفاقيات الدولية، كاتفاقية فصل القوات بين سورية وإسرائيل، الموقعة في عام 1974، والتي تحظر التوسع العسكري في المنطقة منزوعة السلاح. كما تنتهك القانون الدولي الإنساني الذي يُجرم التعسف ضد المدنيين في المناطق الخاضعة وغير الخاضعة للاحتلال الرسمي.  

وأضاف المسالمة: "مع ذلك، ورغم المناشدات الدائمة من المواطنين، لم تصدر أي ردود فعل دولية قوية، وتكتفي حكومة دمشق كسابقتها بإصدار بيانات شجب في أحسن الأحوال، لأنها ببساطة تفتقر إلى السلطة الفعلية على الأرض". ولفت إلى أنّ التوغلات الإسرائيلية المستمرة تشكّل جزءاً من استراتيجية واسعة لتعزيز النفوذ في المناطق الحدودية السورية، مستفيدةً من الفراغ الأمني الناجم عن ضعف السلطة السورية، مع تحويل المواقع العسكرية إلى قواعد دائمة والسيطرة على موارد مائية حيوية، مرجحاً أن إسرائيل تسعى لإعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة.

المساهمون