التراجع التركي في إدلب

التراجع التركي في إدلب

01 نوفمبر 2020
قامت تركيا بسحب نقاط مراقبة كانت أنشأتها في عمق إدلب (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال الوضع الميداني في شمال غرب سورية ينذر بتجدد معارك تقود فيها روسيا قوات النظام لتحقيق مزيد من التقدم في محافظة إدلب، والسيطرة على ما تبقى من مناطق جنوب الطريق الدولي "أم 4" الذي يربط الساحل السوري بحلب. أمّا فصائل المعارضة الموجودة في إدلب، والقوات التركية التي يفوق تعدادها هناك تعداد قوات النظام، فلم تبد أي ردة فعل جدية تجاه الاستفزازات التي تقوم بها كل من طائرات روسيا والنظام في عمق المحافظة، متجاوزةً اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرمته أنقرة وموسكو في مارس/آذار الماضي. ولعل أحدث الجرائم كانت باستهداف طائرات النظام المدنيين في مدينة أريحا جنوب إدلب يوم الخميس الماضي، وسبقها استهداف الطائرات الروسية معسكر تدريب للفصيل الأقرب لتركيا "فيلق الشام"، وارتكاب مجزرة بحق عناصره بالقرب من الحدود التركية، الأمر الذي فسره المراقبون على أنه الرسالة الأقوى على الإطلاق من قبل روسيا لتركيا، منذ بداية اتفاق وقف إطلاق النار.

وجاء ردّ فصائل المعارضة على هذا الاستهداف دون مستوى الضربة التي تلقتها، فيما لم يقم الجانب التركي بأي ردة فعل تتناسب مع هذا الاستفزاز، وإنما قامت القوات التركية بسحب نقاط المراقبة التي كانت أنشأتها في عمق محافظة إدلب، وحوصرت من قبل قوات النظام.

ولكن على الرغم من كل التحليلات التي تقول إنّ سحب نقاط المراقبة التركية المحاصرة هو جزء من استعدادات أنقرة للرد بشكل حاسم على أي محاولة تقدم جدية للنظام بشكل مريح، من دون الوقوع تحت عبء نقاط محاصرة يمكن استهدافها بسهولة، إلا أنّ توقيت سحب تلك النقاط، التي أصرت تركيا على إبقائها طوال الفترة السابقة، كونها ترسم خط الاشتباك الذي تطالب قوات النظام بالتراجع إليه، والقيام بسحب تلك النقاط عقب تلقّي أهم الفصائل التي تدعمها ضربة موجعة، يمكن قراءته على أنه تراجع من قبل تركيا. كما أنه استجابة للرسالة التي وجهتها لها موسكو، خصوصاً أنّ روسية كانت طالبت تركيا بتقليص نقاطها العسكرية في إدلب، ولا سيما تلك التي تقع جنوب طريق "أم 4".

ويبقى تراجع تركيا في محافظة إدلب، على الرغم من كل التعزيزات التي أرسلتها إلى المنطقة، وعلى الرغم من امتلاكها حاضنا شعبيا يدعمها وموقعا جغرافيا يساعدها، غير مبرر ما لم تكن هناك توافقات مع الدول الفاعلة بالشأن السوري، لها أفضلية ضمن حسابات تركيا لأمنها القومي. 

المساهمون