التحايل على القضية السورية

التحايل على القضية السورية

19 يونيو 2021
لا تُختصر أزمة الشعب السوري بمسألة إدخال المساعدات (الأناضول)
+ الخط -

يتركز الحديث اليوم، بما يخص القضية السورية، على تجديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية، وأنها العقدة الأكبر التي تواجه المجتمع الدولي لإنجاز تمريرها في مجلس الأمن يوم العاشر من الشهر المقبل. الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تستنفر جهودها الدبلوماسية من أجل دعم قرار في مجلس الأمن لتمديد إدخال المساعدات الأممية من معبر باب الهوى الحدودي، المعبر الوحيد الذي بات ممراً لها، مقابل تلويح روسيا باستخدام حق النقض لمنع التمديد، كما فعلت من قبل، حين تمكّنت من إيقاف إدخال المساعدات من ثلاثة معابر واختصارها بمعبر واحد.

لا يمكن التقليل من أهمية المساعدات الأممية بالنسبة لملايين السوريين في الشمال السوري، في ظل الظروف المأساوية التي يعيشونها، بالتزامن مع القصف اليومي، على الرغم من سريان وقف إطلاق النار، على الأقل شكلياً، وقبلها عمليات التهجير التي أبعدت حوالي مليوني سوري عن مدنهم وقراهم في الشمال الغربي، نحو الحدود مع تركيا. لكن اختصار أزمة الشعب السوري بمسألة إدخال المساعدات، يعتبر تحايلاً دولياً جديداً على الأزمة المأساوية التي يعيشها السوريون.

لم تكن جهود المجتمع الدولي ذات فاعلية في محاسبة النظام على الرغم من مقدرته على ذلك، فكان النظام وحلفاؤه يراوغون في التملص من مسارات الحل السياسي، بل ويزيدون حدة العنف باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً من دون رادع دولي حقيقي، وكانت تجري الكثير من تلك العمليات على وقع صمت معيب من المجتمع الدولي. وعلى ذلك، فإن السوريين لا يحتاجون من المجتمع الدولي لمساعدات غذائية بقدر ما ينتظرون موقفاً حقيقياً رادعاً للنظام وحلفائه عن الانتهاكات المستمرة بحقهم، فيما يقف العالم مكتوف الأيدي.

إعادة السوريين الذين شردهم النظام إلى مدنهم وقراهم، لا سيما في إدلب ومحيطها، يعتبر بالنسبة للسوريين القضية الأهم حالياً. ويجدر بالمجتمع الدولي، أن يدعم الخيارات التركية لإبعاد النظام إلى ما وراء الحدود المتفق عليها باتفاق سوتشي عام 2019، في طريق يؤدي لحل نصف المشكلة، ومن ثم فإن السوريين هناك يتكفلون بتدبر أمورهم المعيشية بالاعتماد على مواردهم الذاتية في الزراعة والأعمال المتوسطة والتجارة. ذلك لن يفضي لحل الأزمة السورية، وإنما يخفف منها، بانتظار تحمّل العالم مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية والدفع باتجاه حل جذري وكامل، التي لا تختصرها مسألة المساعدات الإنسانية ولا التفاصيل الأخرى، إنما معضلة كبرى عنوانها نظام بشار الأسد.