التحالف الدولي في سورية يعزز قواعده بمنظومات دفاع جوي

25 يوليو 2024
جنود أميركيون شرق سورية، 25 مايو 2021 (جون مور/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تعزيز القوات الأميركية في سورية**: الولايات المتحدة عززت إجراءاتها الأمنية في قواعدها بشرقي سورية بإدخال منظومات دفاع جوي قصيرة المدى "أفينجر" من كردستان العراق إلى الحسكة ودير الزور.
- **إجراءات أمنية إضافية**: القوات الأميركية أنشأت 140 برج مراقبة على الضفة الشرقية لنهر الفرات لمراقبة المليشيات الإيرانية، وأدخلت قافلة عسكرية تشمل مساكن مسبقة الصنع ومنظومات دفاع جوي إلى قاعدة الشدادي.
- **أسباب وتعقيدات الوضع**: الإجراءات تأتي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، بما في ذلك العدوان الإسرائيلي على غزة والعمليات التركية في شمال العراق، ومخاوف من امتدادها إلى سورية، بالإضافة إلى اعتبارات سياسية داخلية أميركية.

يبدو أن الولايات المتحدة التي تقود التحالف الدولي في سورية تتحسب لمزيد من التطورات في المنطقة، سواء المرتبطة بالعدوان على غزة، أو في حال التصعيد في سورية من قبل طرف ضد آخر، مع كثرة الأطراف المنتشرة على الأرض. وبدا ذلك في تعزيز القوات الأميركية إجراءاتها الأمنية في القواعد المنتشرة شرقي سورية، ومنها تزويد تلك القواعد بمنظومات دفاع جوي متوسطة المدى. فقد أدخلت قوات التحالف الدولي في سورية، يوم الاثنين الماضي، منظومات دفاع جوي قصيرة المدى من قواعدها العسكرية المنتشرة في إقليم كردستان العراق إلى قواعدها العسكرية في ريف محافظة الحسكة وريف محافظة دير الزور، شمال وشرق سورية.

وقال الناشط خالد الحسكاوي، وهو من أبناء ريف محافظة الحسكة، لـ"العربي الجديد"، إن قوات التحالف الدولي في سورية أدخلت قافلة أسلحة عبر معبر الوليد الحدودي من قواعدها المنتشرة في إقليم كردستان، إلى قاعدة خراب الجير في منطقة الرميلان بريف محافظة الحسكة الشرقي، شمال شرقي سورية. وأوضح أن القافلة تحتوي على 4 منظومات من نوع "أفينجر"، وهي أنظمة إطلاق صواريخ أميركية قصيرة المدى تصل حتى 25 كيلومتراً في نسخها المتطورة، مشيراً إلى أنها متنقلة وتستخدم صواريخ "ستينغر". ونوه الحسكاوي إلى أن واحدة من المنظومات بقيت في قاعدة مطار خراب الجير، وأخرى جرى نقلها إلى قاعدة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، وواحدة نُقلت إلى قاعدة حقل العمر (النفطي) بريف دير الزور الشرقي، وأخرى إلى قاعدة حقل كونيكو (للغاز) بريف محافظة دير الزور الشمالي، شرقي سورية.

منظومات "أفينجر"

وتُحمّل منظومات "أفينجر" على مركبات "هامفي" الأميركية، وتوفر حماية دفاعية جوية قصيرة المدى للوحدات البرية ضد الصواريخ الجوية والطائرات بدون طيار والطائرات ذات الأجنحة الثابتة منخفضة الارتفاع والمروحيات.

مصطفى بكور: إدخال منظومات الدفاع الجوي لحماية القواعد الأميركية من هجمات الطيران المسيّر

وكانت قوات التحالف الدولي في سورية قد أدخلت، الأسبوع الماضي، قافلة عسكرية مؤلفة من 40 آلية عسكرية، تتضمن مساكن مسبقة الصنع وشاحنة تحمل منظومة دفاع جوي من نوع "أفينجر"، من قواعدها العسكرية المنتشرة في إقليم كردستان، عبر معبر الوليد الحدودي، إلى قاعدة الشدادي بريف محافظة الحسكة الجنوبي.

يأتي ذلك في ظل قيام القوات الأميركية، الأسبوع الماضي، كذلك بإنشاء أبراج مراقبة يبلغ تعدادها قرابة الـ140 برجاً في كل من بلدات جديد عكيدات وجديد بكارة والصبحة وابريهة والبصيرة والزر والشحيل وذيبان والطيانة وهجين، وامتداداً إلى الباغوز القريبة من الحدود السورية - العراقية، والواقعة جميعها على الضفة الشرقية لنهر الفرات (بادية الجزيرة) المقابلة للضفة الأخرى من نهر الفرات (بادية الشامية) التي تنتشر فيها المليشيات الإيرانية بريف دير الزور الشرقي، شرقي سورية.

من جهته، قال مصدر عسكري من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، شريك التحالف الدولي في سورية والولايات المتحدة شمال شرق سورية، إن هذه المنظومات كان قد تم إدخال نسخ منها قبل فترة وتوزيعها في قواعد القوات الأميركية في قسروك والشدادي في محافظة الحسكة، ولاحقاً في حقل العمر بريف دير الزور. وأشار المصدر، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "كانت هناك منظومات دفاع جوي للولايات المتحدة في حقل العمر على سبيل المثال، لكن بمواصفات وميزات أقل من التي تم إدخالها أخيراً".

وأرخى العدوان الإسرائيلي على غزة بظلاله على المشهد في سورية، لا سيما بتحرك المليشيات الإيرانية سابقاً ضد القواعد الأميركية. كما تنذر العمليات العسكرية التركية شمال العراق بتمدد العمليات لمعركة شاملة ضد المجموعات الكردية في كل من البلدين، بالإضافة إلى استحقاقات سياسية أميركية داخلية، جميعها توضع في الحسبان في سياق الإجراءات العسكرية الأميركية في سورية.

وأعرب المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور، عن اعتقاده بأن "إدخال منظومات الدفاع الجوي قصيرة المدى تم بهدف حماية القواعد الأميركية من هجمات الطيران المسيّر والصواريخ الإيرانية، خصوصاً أن المواقع الأميركية تعرضت في أوقات سابقة إلى العديد من الهجمات التي تبنتها المليشيات الإيرانية". ولم يستبعد بكور، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الإجراء جاء كاستجابة للضرورة الأمنية المتزايدة بعد حرب غزة والتهديدات الإيرانية بإشعال المنطقة في حال تطورت المعارك لتطاول حزب الله اللبناني أو المصالح الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، والجميع يعلم أن الولايات المتحدة لا تخفي التزامها بأمن إسرائيل، واستعدادها لتقديم كافة أنواع الدعم العسكري لها".

"هيمارس" إلى قواعد التحالف الدولي في سورية

من جهته، أشار الباحث والمحلل السياسي سعد الشارع، وهو ابن المنطقة الشرقية في سورية، إلى أن الولايات المتحدة أدخلت منظومات "هيمارس" للدفاع الجوي إلى قاعدة التحالف الرئيسية في منطقة التنف عند مثلث الحدود السورية ـ العراقية ـ الأردنية، منتصف عام 2022. وأكد الشارع، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الجديد في الإجراء الأخير هو إدخال منظومات الدفاع الجوي إلى قواعد في شمال وشرق سورية، أي مناطق نفوذ وسيطرة "قسد" في البلاد، وتعزيز القواعد في الشرق بالقرب من انتشار ونفوذ المليشيات الإيرانية، متفقاً مع بكور في أن الحرب في غزة وتهديدات المليشيات الإيرانية تركت مخاوف عند القوات الأميركية، بالإضافة إلى أهداف أخرى يمكن أن تكون وراء هذه الإجراءات.

سعد الشارع: الجديد هو إدخال منظومات الدفاع الجوي لقواعد في مناطق نفوذ "قسد"

وأوضح الشارع أن "هناك أهدافاً ردعية بالتأكيد، نظراً للوضع في المنطقة وارتباك المشهد في كل من سورية والعراق. كما أن هناك تصاعداً للعمليات التركية في كردستان العراق، وهذه العمليات تحقق تقدماً على الأرض مع صدام مباشر بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني، وبالتالي هناك مخاوف من امتداد هذه العمليات، إما بإرادة تركية أو من خلال تحركات قسد إلى جانب حزب العمال، إلى الأراضي السورية، وامتداد مثل هذه العمليات واشتعال الوضع في سورية قد يحرّض باقي الأطراف أن تستفيد من حالة الفوضى وتوجه ضرباتها إلى القواعد الأميركية".

وأشار الشارع إلى فرضية ممكنة من قبل الجيش الأميركي، في ظل السباق الرئاسي في الولايات المتحدة، ووعود كل من الجمهوريين والديمقراطيين بسحب القوات من سورية، وهذا الإجراء كان الرئيس السابق دونالد ترامب قد أقدم عليه في عام 2018 عندما أعلن سحب القوات، لكن الجيش لم يوافقه على ذلك، وأبقى على انتشار القوات الأميركية في سورية، وربما يريد الجيش تثبيت خياراته والقول بضرورة البقاء في سورية، وذلك قبل انتهاء الانتخابات وقدوم الرئيس الجديد.

وفي آخر تحديث لتوزع السيطرة في البلاد، أشار مركز جسور للدراسات في خريطة نشرها بداية الشهر الحالي، إلى أن التحالف الدولي في سورية بقيادة الولايات المتحدة زاد من عدد مواقعه بين منتصف عامي 2023 و2024، إذ ارتفع عددها من 30 إلى 32 موقعاً، وهي عبارة عن 17 قاعدة و15 نقطة عسكرية، تتوزع على محافظة الحسكة التي تحتضن 17 موقعاً، ومحافظة دير الزور التي تضم 9 مواقع، وعلى محافظة الرقة التي تضم 3 مواقع، إضافة لموقع واحد في كل من محافظات حمص وريف دمشق وحلب.