البعثة الأممية: تقدم بشأن الحوار والترتيبات الأمنية في طرابلس رغم التحشيدات العسكرية
استمع إلى الملخص
- عبّر سكان تاجوراء وسوق الجمعة عن رفضهم لتحويل مناطقهم لممرات سلاح، محذرين من مواجهات مسلحة، ودعا آمر المنطقة العسكرية إلى الحوار.
- لم تصدر بيانات رسمية توضح التطورات، مما زاد الضبابية، وأكد آمر الكتيبة 166 التزام وحداته بالسلام ونفى انسحابها أو اقتحام مقرها.
أعلنت البعثة الأممية في ليبيا، مساء اليوم السبت، عن إحراز "تقدّم" في المحادثات المتعلقة بالترتيبات الأمنية في طرابلس التي تشهد توتراً أمنياً منذ الخميس الماضي، مؤكدة أنّ الحوار بين الأطراف لا يزال متواصلاً تحت رعاية المجلس الرئاسي وبدعم مباشر منها، وذلك على خلفية تحركات عسكرية داخل العاصمة الليبية، بالتزامن مع وصول أرتال عسكرية من مصراتة في الشرق وغريان في الغرب.
وقالت البعثة الأممية في بيان إنّ "هناك تقدم في المحادثات بشأن الترتيبات الأمنية في طرابلس مستمرة منذ شهر يونيو (حزيران)، تحت رعاية المجلس الرئاسي، وفي إطار لجنة الهدنة ولجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية وبدعم من بعثة الأمم المتحدة. كما أن تقدماً قد أُحرز في عدد من القضايا التي تهم حكومة الوحدة الوطنية".
وفي الوقت نفسه، عبّرت البعثة عن قلقها العميق إزاء التطورات الميدانية الأخيرة، موضحة أنها "تتابع بقلق عميق استمرار حشد القوات والأسلحة الثقيلة حول العاصمة طرابلس، وتعتبر هذا الأمر تطوراً خطيراً". وحذرت من أنّ "أي عمل ينطوي على استخدام القوة، سواء كان عن قصد أو غير قصد، قد يؤدي إلى حدوث مواجهات عنيفة"، مشيرة إلى أنّ التحشيد الأخير للقوات يمثل مصدر قلق كبيراً بين سكان العاصمة.
ودعت البعثة جميع الأطراف إلى "مواصلة الحوار لحل المسائل محل الخلاف في أقرب وقت ممكن، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب تصعيد التوترات أو تعريض المدنيين للخطر". كما حثت السلطات في طرابلس على ضمان منع اندلاع أي اشتباكات محتملة، منبهة إلى أن أي مواجهة ستكون كلفتها عالية على المدنيين في العاصمة التي تعد "أكثر مدن البلاد اكتظاظاً بالسكان".
وأكدت البعثة أنها ستواصل دعم جهود الوساطة وستعمل مع الأطراف الرئيسية المعنية لمعالجة التحديات الناشئة وضمان استدامة الهدنة، مذكرة "جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان"، ومشددة على أنّ "الهجمات ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية هي أعمال خارجة عن القانون". كما ذكّرت بقرارات مجلس الأمن حول "ضرورة محاسبة المسؤولين عن الهجمات ضد المدنيين".
وأعاد التوتر الأمني الذي تعيشه طرابلس هذه الأيام المخاوف من اندلاع مواجهة جديدة، بعد أشهر قليلة من مواجهات دامية شهدتها منتصف مايو/ أيار الماضي بين قوات وزراتي الدفاع والداخلية في حكومة الوحدة الوطنية وبين قوة الردع التابعة للمجلس الرئاسي. وخلال اليومين الماضيين تداولت منصات التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية مقاطع فيديو تظهر أرتالاً عسكرية قادمة من خارج العاصمة، بالتوازي مع انتشار سيارات مسلحة في عدد من الأحياء السكنية داخلها.
وبالتوازي، أعلن سكان بلدية تاجوراء، شرقي المدينة، رفضهم أن تكون منطقتهم ممراً للسلاح، محذرين من أن دخول أي رتل عسكري عبر منطقتهم يعد "تعدياً على أهلها"، كما طالبوا السلطات في طرابلس بتحمّل مسؤولياتها كاملة تجاه حماية المدنيين ومنع اندلاع أي مواجهة مسلحة. كما أصدر أهالي سوق الجمعة، وسط طرابلس، بياناً أعلنوا فيه تضامنهم مع سكان تاجوراء في رفضهم "إشعال فتيل الحرب في العاصمة"، مطالبين البعثة الأممية بإدانة "أي دعوات للتصعيد العسكري والعمل على إيجاد حلول عاجلة تحول دون انزلاق الأوضاع إلى مواجهة جديدة قد تكون أكثر خطورة من سابقاتها".
وفي السياق، حذر آمر المنطقة العسكرية في الجبل الغربي التابعة للمجلس الرئاسي أسامة جويلي، أول من أمس الخميس، من "أي عمل مسلح داخل العاصمة، مهما كانت مبرراته"، معتبراً أنه يستهدف "إفشال العملية السياسية التي تيسرها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا". وحذر جويلي، في تصريح صحافي، من أنّ نتائج أي مواجهة ستكون "كارثية على الجميع"، داعياً إلى تغليب لغة الحوار والبحث عن حلول سياسية للأزمة التي لا تزال تراوح مكانها منذ سنوات.
ضمن المنحى نفسه، أعرب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا نيكولا أورلاندو، أمس الجمعة، عن قلقه إزاء التصعيد الأمني في طرابلس، محذراً من تهديد الاستقرار في البلاد. ودعا، في تدوينة عبر منصة إكس، جميع الأطراف إلى حل خلافاتها بالحوار السلمي بالتنسيق مع البعثة الأممية، وضرورة سحب التشكيلات المسلحة من المناطق السكنية لحماية المدنيين.
هناك تطورات مثيرةٌ للقلق الشديد في طرابلس. ندعو الأطراف إلى حلِّ الخلافات سلميًا من خلال الحوار، بدعمٍ من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا @UNSMILibya، وتجنب أيِّ عملٍ يُهدِّد الاستقرار. يجب على جميع القوات الأمنية الانسحاب فورًا من المناطق العمرانية.
— Nicola Orlando (@nicolaorlando) August 29, 2025
تقف بعث الاتحاد الأوروبي… pic.twitter.com/fL7a8tPqag
ورغم تصاعد هذه التوترات، لم تصدر حتى الآن أي جهة رسمية، بما في ذلك وزارة الدفاع أو حكومة الوحدة الوطنية أو المجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للجيش، بياناً يوضح حقيقة التطورات على الأرض، ما زاد من حالة الضبابية في المشهد العام، خاصة في ظل انتشار الأخبار المتضاربة عبر المنصات المحلية حول استعدادات تقوم بها قوات الحكومة لشن عملية عسكرية ضد المجموعات المسلحة الخارجة عن سيطرتها، لا سيما جهاز الردع التابع للمجلس الرئاسي.
وليل الخميس، نشر آمر الكتيبة 166 للحراسة والحماية التابعة لرئاسة الأركان محمد الحصان منشوراً على حسابه في "فيسبوك"، أكد فيه أن وحداته لا تزال متمركزة في مواقعها المخصصة لأداء مهامها المنوطة بها في فض أي اشتباكات محتملة، ونفى صحة الأخبار التي تحدثت عن انسحاب قواته أو اقتحام مقر الكتيبة وسرقة آلياتها. وأكد الحصان أنّ الكتيبة "ستبقى في صفوف السلام الأولى".