البرلمان اللبناني يستكمل محاولات خرق سرية تحقيقات انفجار مرفأ بيروت

البرلمان اللبناني يستكمل محاولات خرق سرية تحقيقات انفجار مرفأ بيروت

22 يوليو 2021
يتعرض القاضي طارق البيطار لهجومٍ كبيرٍ موصول باتهامات مركَّزة (حسين بيضون)
+ الخط -

استفاق مجلس النواب اللبناني اليوم الخميس قبل أسبوعَيْن على الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، الذي وقع في الرابع من أغسطس/آب 2020، لمهمته الأولى بتأليف لجنة تحقيق محوّلاً نفسه إلى "ضحية حملة استهداف" وذلك في بيانٍ لم يخلُ من التهديد المُبطَّن للمحقق العدلي بعد محاولته الالتفاف على قراراته بـ"عريضة العار" و"الإفلات من العقاب".
ويتعرَّض القاضي طارق البيطار لهجومٍ كبيرٍ موصول باتهامات مركَّزة خصوصاً من محور "حزب الله – حركة أمل"، من جهة، ومن تيار المردة من جهة أخرى، حيث يعد التيار الأخير صاحب الحصّة الكبرى من استدعاءات المحقق العدلي التي طاولت كبار القادة الأمنيين إلى جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء الثلاثة السابقين علي حسن خليل، غازي زعيتر، ويوسف فنيانوس.
وأصدرت مديرية الإعلام في مجلس النواب، اليوم الخميس، بياناً أشارت فيه إلى "مواصلة بعض الجهات المعروفة الهوى والانتماء، التصويب على المجلس النيابي والنواب"، مبينة أن حملة الاستهداف بلغت ذروتها أمس مطلقةً النعوت والصفات التي ترقى إلى حدّ إصدار الاتهامات والأحكام.

وأهابت المديرية بـ"القضاء وخصوصاً المحقق العدلي بوجوب التحرك لوضع حدٍّ لهذه الإساءة الموصوفة لمهمته ولمنطق القانون والعدالة، وكذلك الإساءة للشهداء وحق ذويهم بمعرفة حقيقة ما حصل في الرابع من أغسطس/آب ومعرفة حقيقة من أدخل النيترات إلى المرفأ وكيفية حصول الانفجار".
وجدد المجلس النيابي بحسب البيان، التأكيد على تعاونه مع القضاء، مشيرًا إلى أنّ مهمته الأولى الآن هي تأليف لجنة تحقيق وفقاً لما نص عليه القانون رقم 13 والسير بالتحقيق من البداية إلى النهاية بعيداً من أي استثمار سياسي أو شعبوي يطيح بالنتيجة التي تؤدي إلى العدالة.

وفي وقتٍ يتريث البرلمان في رفع الحصانات تبعاً لاستدعاءات القاضي طارق البيطار، بالتزامن مع طلبه من الأخير تزويده بمستنداتٍ وأدلة، وقع عددٌ من النواب على طلب اتهام الوزراء السابقين (نواب حاليون) علي حسن خليل، غازي زعيتر ونهاد المشنوق، فضلاً عن دياب وفنيانوس، وإعطاء الإذن بملاحقتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء "المُعطَّل" في محاولة جديدة لعرقلة مسار التحقيق، ما أثار ردود فعلٍ شعبية غاضبة أطلقت على أصحاب التواقيع لقب "نواب النيترات"، الأمر الذي دفع عددًا منهم إلى الإعلان لاحقاً عن سحب تواقيعهم على العريضة.

إنشاء لجنة تحقيق برلمانية يستلزم وقتاً وقد يكون الهدف منها محاولة المماطلة لتمييع القضية

 

ويقول عضو "المرصد الشعبي لمحاربة الفساد" المحامي جاد طعمة لـ"العربي الجديد"، إن تحرك مجلس النواب سواء على صعيد توقيع العريضة للمطالبة بانعقاد المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وكذا الدعوات للتصدي للجنة تحقيق برلمانية للتدقيق في المعطيات المتوافرة حول جريمة انفجار مرفأ بيروت، "يؤكد المؤكد بأن هناك جدّية في متابعة التحقيقات من قبل المحقق العدلي". 

وأشار إلى أن المعطيات الموجودة عند المحقق العدلي التي لها طابع السرية تخيفهم وتقلقهم في الصميم، موضحًا أنهم يعلمون سلفاً أنهم متورطون، ما "يقود المنظومة إلى نسج الاختراعات لوأد العدالة والتعمية على معرفة المجرمين الحقيقيين من الصف الأول سواء بجرائمهم القصدية أو غير القصدية"، بحسب قوله.
ويلفت طعمة إلى أن "هناك فئة من جرائم القتل يتوافر فيها (القصد الاحتمالي)، أي أن المجرم كان يمكنه أن يتوقع النتيجة فتغاضى عنها، وهذا لا يعني أنه مهمل أو مقصّر فقط، بل قاتل مع قصدٍ احتمالي"، مشيرًا إلى أن "تلك هي الخطورة التي يواجهها الآن الأشخاص الذين يستدعيهم البيطار أو قد يستدعيهم لاحقاً".
ويشير طعمة إلى أن "إنشاء لجنة تحقيق برلمانية يستلزم وقتاً، وقد يكون الهدف منها محاولة المماطلة لتمييع القضية ومن ثم خرق سرية التحقيقات لمعرفة المعطيات التي توافرت بيد المحقق العدلي، علما أن استنتاجات القاضي البيطار تأتي استكمالاً للتوجه نفسه الذي سار عليه سلفه القاضي فادي صوان الذي للمفارقة تمّ تقديم طلب بردّه للارتياب المشروع بعد اتهامه بعدم حياديته بناء للطلب الذي تقدّم به زعيتر وعلي حسن خليل".
وشدد على أن كل هذه التطورات والتحركات المريبة تؤكد أن هناك أمراً كبيرًا وبالغ الخطورة في الملف، مؤكدًا أن بيان مجلس النواب اليوم ما هو إلا محاولة جديدة للالتفاف على قرارٍ يؤكد القرار السابق الصادر عن صوان باستدعاء دياب ووزراء سابقين.
وأوضح  أن "مجلس النواب الذي استفاق اليوم دفاعاً عن نفسه بوجه ما سماه حملة الاستهداف، هو فاقد للشرعية الشعبية منذ انطلاق ثورة 17 اكتوبر، كما أنه فاقد للهيبة التي انهارت تماماً يوم انفجار مرفأ بيروت الذي كان على السلطات اللبنانية بمختلف أجهزتها أن تتدارك وقوعه في ظلّ علمها بوجود نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12".
ويرى عضو "المرصد الشعبي لمحاربة الفساد"، أن السلطة دائماً تستغل القوانين الموجودة من أجل الهروب من المسؤولية، ومن أجل تكريس مبدأ الإفلات من العقاب.
وحرص رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية أمس الأربعاء، على الدفاع عن مستشاره ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، قائلا: "الوزير مش شغلتو يعرف إذا النيترات بتنفجر"، نائياً بفريقه عن المسؤولية، في حين تحدّى فرنجية أيضاً القاضي البيطار بالكشف عمن أحضر النيترات، لافتاً في المقابل إلى أن المحقق العدلي لا يعرف شيئا، بحسب تعبيره.

المساهمون