البرلمان الفرنسي يصادق على مشروع قانون "مكافحة النزعات الانفصالية"

فرنسا: البرلمان يصادق على مشروع قانون "مكافحة النزعات الانفصالية" المثير للجدل

16 فبراير 2021
يواجه القانون اعتراضات باعتباره معدّاً لـ"وصم المسلمين" (Getty)
+ الخط -

تبنّى نواب البرلمان الفرنسي، بعد ظهر الثلاثاء، مشروع قانون "تعزيز مبادئ الجمهورية"، المعروف باسم "مكافحة النزعات الانفصالية"، بأغلبية كبيرة، حيث صوّت 347 نائباً لصالح القانون، مقابل 151 ضده، بعد نقاشات طويلة جرت على مدى أسبوعين بين النواب.

وشهد القانون جدلاً واسعاً قبل وصوله إلى مجلس النواب، و اعتبرت أحزاب الاشتراكيين واليسار الراديكالي أنه قانون لوصم المسلمين ومقيد للحريات، بعكس الهدف المرجو منه، والذي أعلنه الرئيس إيمانويل ماكرون ووزير داخليته جيرالد درامانان لـ"محاربة أعداء الجمهورية".

وجاء التصويت بعد نقاشات مطولة، استمرت 15 يوماً، سبقتها نقاشات جرت داخل اللجنة القانونية في مجلس النواب الفرنسي، جرى خلالها تبني 313 تعديلاً من أصل أكثر من 1700 تعديل قبل وصول النص النهائي إلى البرلمان الفرنسي.

والقانون الذي استغرق إعداده نحو 3 سنوات، سيعرض على مجلس الشيوخ في إبريل/نيسان المقبل، ليتخذ القرار النهائي بشأن إقراره ودخوله حبز التنفيذ. كما أنه حصل على الضوء الأخضر قبل وصوله إلى البرلمان من قبل مجلس الدولة مع إبدائه عدداً من التحفظات.

وكان من بين أبرز التحفظات التي أبداها مجلس الدولة، بشكل خاص، مسألة التعليم المنزلي، إذ خضعت الحكومة إلى رأي المجلس، الذي اعتبر أن حظر التعليم المنزلي هو ممارسة رقابية ليست مبررة، حيث كان النص الأولي يشير إلى أن التعليم سيصبح "إلزامياً من سن 3 سنوات لكل طفل، وفقاً لمبادئ الجمهورية"، إذ يخضع 62 ألف طفل في فرنسا للتعليم المنزلي وفق أرقام رسمية، لكن الحكومة تراجعت عن هذا البند الذي أثار جدلاً كبيراً في صفوف المجتمع الفرنسي، ما يعني أن الأهل سيتمكنون من الاستمرار في إرسال أطفالهم إلى المدارس الدينية على سبيل المثال، أو إخضاعهم إلى التعليم في المنزل، شرط أن يتقدموا بطلب إلى السلطات الفرنسية لأخذ الإذن.

ويهدف القانون إلى تشديد مراقبة التمويلات الخارجية للجمعيات الدينية وأنشطتها، ومكافحة الكراهية على الإنترنت، ويشدد على "تعزيز الحياد (في ما يتعلق بالدين) لموظفي الخدمة العامة"، بحيث سيصبح التمييز القائم على الدين أو العرق "جريمة يعاقب عليها القانون"، و"تعزيز السيطرة على أماكن العبادة وتمويلها"، وسيصبح أي تبرع يتجاوز 10 آلاف يورو لجمعية دينية خاضعاً للمساءلة والضرائب، بالإضافة إلى "أحكام جديدة لمحاربة الكراهية عبر الإنترنت وعلى الشبكات الاجتماعية"، إذ سيجيز القانون "اعتقال الأشخاص الذين ينشرون الكراهية على الشبكات الاجتماعية ومحاكمتهم على الفور"، كما يحارب "ظاهرة شهادات البكارة، وتعدد الزوجات أو الزواج القسري".

ويوسع القانون صلاحيات رؤساء البلديات باتخاذ قرارات حل الجمعيات أو المنظمات التي تنشر خطاب كراهية، كما ستكون من صلاحيات البلديات أيضاً مسألة إغلاق أي مكان عبادة يثبت أنه يثير الكراهية وينشر خطاباً تحريضياً؛ وكانت هذه الصلاحيات مناطة بوزارة الداخلية ورئاسة الحكومة.

وكان وزير الداخلية قد قال في بداية النقاشات حول القانون في البرلمان، إن "بلدنا يعاني من (نزعات) انفصالية، أولها التطرف الإسلامي الذي ينخر وحدتنا الوطنية". واعتبر أن مشروع القانون "يطرح استجابات ملموسة للانعزال المرتكز على الهوية ولانتشار الإسلام المتطرف (الذي يمثل) أيديولوجيا معادية للمبادئ والقيم المؤسسة للجمهورية".

يشار إلى أن هذا القانون يعد اختبار قوة لما تبقى من عهد الرئيس الفرنسي، وخصوصاً أنه مارس ضغوطاً شديدة لإنجازه قبل انتهاء ولايته، وتحول إلى ركن رئيسي من خطته الرئاسية أخيراً، خصوصاً بعد سلسلة الاعتداءات التي ضربت فرنسا، وكان آخرها مقتل مدرس التاريخ صمويل باتي والهجوم على كنيسة في نيس، أواخر العام الماضي.

وعمل على نص القانون 3 وزراء داخلية: جيرار كولومب أول وزير داخلية في عهد ماكرون، الذي أجرى تعديلات على نص القانون 1905 القاضي بفصل الدين عن الدولة، ثم واصل خلفه كريستوف كاستانير المهمة، قبل أن تستقر أخيراً على عاتق وزير الداخلية الحالي المثير للجدل جيرالد درامانان.

والأحد الماضي، تظاهر قرابة 200 شخص في باريس ضد القانون، متهمين الحكومة بالسعي لتغذية "زيادة التمييز ضد المسلمين"، مؤكدين حقهم في "أن يكونوا مواطنين مثل الآخرين". وجاءت التظاهرات بناء على دعوة للتنسيق بين العديد من نشطاء حقوق الإنسان والجمعيات، مثل "اتحاد الديمقراطيين المسلمين الفرنسيين"، و"الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام".