- البرلمان يواجه صعوبة في عقد جلساته بسبب مقاطعة القوى السياسية وانشغالها بالانتخابات، مما يعطل الدور الرقابي للبرلمان.
- بعض النواب يرون أن المطالبة بالاستجوابات هي دعاية انتخابية، والحكومة تُتهم بتعطيل الملفات بسبب التدخلات السياسية، مع فرض غرامات على النواب المتغيبين لتحسين الأداء.
أثار تصاعد حدة المطالبات في البرلمان العراقي باستجواب مسؤولين عراقيين بشأن ملفات فساد مالي وإداري، حرج رئاسة البرلمان، الذي دخل بعطلة تشريعية لشهر واحد منذ 9 مايو/أيار الجاري، وسط حديث عن إمكانية استئناف الجلسات بسبب تلك الضغوط، فيما تبقى المكاسب الانتخابية هي الأهم وراء المطالبة بالاستجوابات مجدّداً وسط تأكيدات بأنها ستكون شكلية.
وعانى البرلمان العراقي من صعوبة بالتئام الجلسات خلال الفترة الماضية بسبب اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، المقرّرة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وانشغال القوى السياسية بحملاتهم الانتخابية، وبلغ عدد الجلسات التي عقدها البرلمان خلال الشهور الستة الماضية أقل من 10 جلسات بسبب مقاطعة القوى السياسية، قبل أن يجري تعطيل الجلسات نهائياً.
ويعتبر ملف الاستجوابات للوزراء والمسؤولين الحكوميين أمام البرلمان العراقي من الملفات المعقدة، إذ تُعد الكتلة السياسية التي ينتمي لها المسؤول حائط صدّ بالنسبة له أمام المطالبات باستجوابه، الأمر الذي تسبب بتعطيل الاستجوابات، ولم يستجوب البرلمان في دورته الحالية أي وزير أو مَن هو بدرجته، وهو ما عُد إخفاقاً في الدور الرقابي للبرلمان.
ويرى عضو في اللجنة القانونية البرلمانية أنّ تصاعد المطالبات بالاستجوابات تأتي لإحراج رئاسة البرلمان وتحقيق مكاسب انتخابية، وقال النائب، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد" إنّ "البرلمان اليوم بحكم المعطّل حتى نهاية دورته الحالية، وإنّ فرص عودة الجلسات بعد انتهاء عطلة الفصل التشريعي الحالية صعبة للغاية، خاصة مع انشغال النواب وقواهم السياسية بحملاتهم الانتخابية".
وأكد النائب أن "معظم اللجان البرلمانية لديها ملفات كثيرة لاستجواب المسؤولين الحكوميين عن ملفات فساد مالي وإداري، إلّا أنها بحكم الميتة لعدم وجود فرصة للاستجواب"، مشدّداً على أنه "حتى في حال دعت رئاسة البرلمان لعقد جلسات للاستجواب، وأدرجت ملفات الاستجواب ضمن جدول أعمالها، فإن القوى التي تطالب بالاستجواب لن تحضر، وستمنع انعقاد الجلسات، حتى لا يُستَجوَب الوزراء والمسؤولون المنتمون لها"، معتبراً أن "المطالبة بالاستجواب اليوم لا تعدو كونها دعاية انتخابية".
ومن جهته، قال النائب ضرغام المالكي، عن ائتلاف "دولة القانون" المنضوي في "الإطار التنسيقي"، إن خمسة ملفات استجواب أُنجزت وتنتظر عودة انعقاد جلسات البرلمان من أجل المضي بإجرائها، وقال في تصريح صحافي، أمس الخميس، إن "الاستجواب داخل البرلمان هو من الواجبات المهمة المناطة بأعضائه والكتل السياسية، وذلك ضمن سلطة المجلس الرقابية"، وأكد أن "هناك 5 استجوابات لوزراء ومدراء هيئات، جرى التوقيع عليها داخل البرلمان، ووصلت إلى رئيس البرلمان بعد اكتمال شروطها مع الأسئلة التي تقدم للمستجوَب"، مشيراً الى أن "هناك تعطيلاً سياسياً للبرلمان، وهذا الأمر يتعارض مع دوره وما حمّله الدستور وكَلَّف به أعضاءَ المجلس وممثلي الشعب".
أما النائب مختار الموسوي، عن "تحالف الفتح" بزعامة هادي العامري وهو أيضاً ضمن "الإطار التنسيقي"، فقد حمّل الحكومة جزءاً من المسؤولية بتعطيل ملفات الاستجوابات، وقال في تصريح صحافي، الخميس، إن "التدخلات السياسية وراء عدم استجواب المسؤولين والوزراء المقصّرين"، مضيفاً: "هناك الكثير من ملفات الفساد التي لم تفتح أو تناقش أو يُستَجوبَ الوزراء والمسؤولون المقصرون بأداء الواجبات في حكومة السوداني"، واتهم الحكومة بـ"تجاهل الكثير من الملفات التي يلزمُها أجوبة منها، خصوصاً ما يتعلق بملفات الفساد والاستجوابات".
ومما يُلاحظ أن القوى التي تطالب اليوم بإجراء الاستجوابات البرلمانية هي ذاتها التي عطلت الملف ذاته، كما عطلت انعقاد جلسات البرلمان في الأشهر الماضية مشترطة إضافة القوانين التي تريد تمريرها مقابل حضور الجلسات. وكانت قوى سياسية عراقية ضمن تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم وضعت، قبل العطلة التشريعية للبرلمان، شروطاً لحضور جلسات معتبرة أن عدم إدراج القوانين التي تريدها سيمنع حضورها الجلسات، الأمر الذي دفع باتجاه تعطيل الدور التشريعي والرقابي للبرلمان.
وسبق أن اعترف رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، بأن قيادات الصف الأول هي من تقف وراء تعطيل جلسات البرلمان وليس النواب، وكان المشهداني فرض مطلع العام الجاري غرامة مالية قدرها مليون دينار عراقي على النائب المتغيّب عن جلسة برلمانية، ونشر أسماء النواب المتغيّبين في الموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس معتبراً أن الدورة البرلمانية الحالية "بائسة".