البرلمان الإيراني ينعى فخري زادة ويهاجم الحكومة

البرلمان الإيراني ينعى فخري زادة مهاجماً الحكومة: مشروع لـ"إحياء الصناعة النووية"

29 نوفمبر 2020
البرلمان الإيراني يتوعد بالرد على اغتيال فخري زادة(فرانس برس)
+ الخط -

نعى البرلمانيون الإيرانيون، اليوم الأحد، في بيان، العالم الإيراني محسن فخري زادة مهابادي، الذي اغتيل، أول من أمس الجمعة، بالقرب من طهران، معربين فيه عن الأسف لـ"عدم رد متوازن" على الاغتيالات السابقة، ومهاجمين الحكومة الإيرانية لاتباعها مسار التفاوض مع "أسياد المجرمين"، مع الدعوة إلى "إحياء الصناعة النووية" و"وقف العمل بالبروتوكول الإضافي"، فضلاً عن الموافقة على مناقشة مشروع لاتخاذ خطوات نووية لإجبار الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية على إلغاء العقوبات على إيران. 
وندد البرلمان الإيراني، الذي يسيطر عليه التيار المحافظ في بيانه بحادث اغتيال فخري زادة، معتبراً أن اغتيال "هذا العالم النووي والدفاعي كارثة مريرة"، مؤكداً أن "ضلوع الكيان الصهيوني القاتل في هذه الجريمة الكبيرة واضح جداً"، ومتوعداً في الوقت ذاته إياه بـ"دفع ثمن هذه الوقاحة". 
وهاجم البيان الحكومة الإيرانية المدعومة من الإصلاحيين والتيار "الاعتدالي"، قائلاً إن "ما جرّأ المجرمين في هذه المرحلة هو سيطرة التفكير المكلف جدا بين بعض رجال الحكومة، الذين يرون أن التفاوض والتعامل مع أسياد هؤلاء المجرمين، يصور الجمهورية الإسلامية على أنها مهذبة وجيدة، وعليه يجب تجنب أي فعل يزعجهم". 
وأكد البرلمانيون الإيرانيون أن "تجارة الاغتيالات والعمليات التخريبية خلال السنوات الأخيرة من قبل أميركا وإسرائيل وأياديهما في بلادنا، والتي للأسف بقيت غالباً دون رد متوازن، أظهرت مدى خطورة هذا التفكير وخطأه"، معتبرين أن ذلك "منح العدو جرأة أكثر من ذي قبل وأدخل البلاد في توترات غير مسبوقة منذ الحرب المفروضة عليها"، في إشارة إلى الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي. 

وأضاف البيان أن "هذا السلوك المنفعل المتكرر لن يجلب لإيران الإسلامية غير المزيد من الحوادث والتوترات الأكثر عمقاً والضربات الأكثر إيلاماً"، داعياً إلى "ضرورة الرد السريع الباعث على الندم على هذه الجريمة". 

عن طبيعة الرد قال البرلمان إن أفضل رد هو إحياء الصناعة النووية المشرقة للبلاد عبر إنهاء التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي ومنع مواصلة نظام التفتيش غير المسبوق (الأممي)


وعن طبيعة هذا الرد، قال إن "أفضل رد هو إحياء الصناعة النووية المشرقة للبلاد عبر إنهاء التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي ومنع مواصلة نظام التفتيش غير المسبوق (الأممي)" للمنشآت الإيرانية. 
وبحسب موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنّ "البروتوكول الإضافي ليس اتفاقاً قائماً بذاته، بل هو بروتوكول لاتفاقِ ضماناتٍ يوفر أدوات إضافية للتحقُّق من البرنامج النووي للدول". ويزيد البروتوكول الإضافي بدرجةٍ كبيرةٍ من قدرة الوكالة على التحقُّق من الاستخدام السلمي لجميع المواد النووية في الدول المرتبطة باتفاقات ضمانات شاملة. 
وكانت إيران قد قبلت بموجب الاتفاق النووي بتنفيذ البروتوكول "طوعاً"، لكنه عملياً تحول إلى تعهد، ليس سهلاً التخلي عن تنفيذه، لحساسية الأمر بالنسبة لبقية أطراف الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والمجموعة الدولية، والذي انسحبت منه واشنطن عام 2018، وأعادت بعده فرض العقوبات المرفوعة بموجب الاتفاق، لكن بشكل أشد مما كانت عليه قبله. 

 إقرار مناقشة مشروع 
وبموازاة إصدار البيان، أقر النواب الإيرانيون، اليوم الأحد، تقديم موعد مناقشة مشروع قانون بعنوان "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات" الأميركية، كان البرلمان الإيراني قد وافق على مناقشته قبل إجراء الانتخابات الأميركية بيوم. 

أقر النواب الإيرانيون، اليوم الأحد، تقديم موعد مناقشة مشروع قانون بعنوان "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات" الأميركية


وأفادت وكالة أنباء "خانه ملت" التابعة للبرلمان الإيراني، بأن البرلمانيين وافقوا على مناقشة المشروع بأولوية بعد تصويت 232 نائباً لصالح ذلك، من أصل 246 مشرعاً حضروا الجلسة. 
ومن المقرر أن يخضع مشروع "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات" لنقاش برلماني هذا الأسبوع، لطرحه للتصويت بعد ذلك، وإقراره نهائياً إن وافقت عليه الأغلبية، ليتحول إلى قانون يُرفع إلى مجلس صيانة الدستور للمصادقة النهائية عليه. 
وبعد إقرار مناقشة هذا المشروع بأولوية، أعرب رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، وفق التلفزيون الإيراني، عن أمله أن "يمنع إقرار المشروع الأعداء من تصرفاتهم الإرهابية". 
وأضاف أن مشروع "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات" سيوضع على جدول أعمال البرلمان الإيراني، هذا الأسبوع، قائلاً إن ذلك "يعزز قدرات الصناعة النووية الإيرانية". 
وأضاف أن البرلمان كان قد وافق سابقاً على مناقشة هذا المشروع، لكنه قدم الموعد وأعطاه الأولوية "بعد اغتيال العالم فخري زادة للرد على هذا التصرف الإرهابي". 
في مقدمته، يتحدث المشروع الذي أعد قبل شهر نوفمبر/تشرين الثاني، عن أنه يأتي استكمالاً للخطوات النووية الخمس التي اتخذتها طهران خلال العامين الأخيرين لتقليص تعهداتها النووية، مشيراً إلى أنه يأتي رداً على "التصرفات العدائية الأميركية ضد الجمهورية الإسلامية وتماشي الدول الأوروبية". 

يتحدث المشروع الذي أعد قبل شهر نوفمبر/تشرين الثاني، عن أنه يأتي استكمالاً للخطوات النووية الخمسة التي اتخذتها طهران خلال العامين الأخيرين لتقليص تعهداتها النووية


وعن هذه التصرفات، أشار إلى "تشديد العقوبات الظالمة والمستمرة ضد الشعب الإيراني، والإجراء الإرهابي ضد اللواء الحاج قاسم سليماني والعملية التخريبية في منشأة نطنز والمحاولة الأميركية غير الشرعية لتفعيل القرارات الأممية"، في إشارة إلى إعلان واشنطن تفعيل آلية "فض النزاع" اعتباراً من العشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، لإلغاء القرار الـ2231 وإعادة فرض العقوبات الأممية ضد إيران وإدراجها تحت الفصل الأممي السابع وتمديد الحظر التسليحي عليها. 
ويضاف إلى القائمة اغتيال العالم الإيراني، محسن فخري زادة، الذي قال رئيس البرلمان الإيراني إن الحادث دفع البرلمانيين إلى تقديم موعد مناقشة المشروع، غير أنه لا يبدو ذلك بعيداً عن محاولة إيرانية للضغط على الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، لدفعه باتجاه تقديم تنازلات لإيران في موضوع العقوبات. 
كما أن الخطوة تأتي بهدف الضغط أيضاً على أوروبا بغية دفعها إلى تنفيذ تعهداتها، وفقاً لتصريحات النائب الإيراني علي خضريان لوكالة "إيسنا" الإيرانية، اليوم الإثنين، تعليقاً على الإقرار الأولي للمشروع. 

بنود المشروع 
ويتكون المشروع البرلماني من تسعة بنود، تلزم الحكومة الإيرانية على اتخاذ إجراءات نووية، من شأنها أن تلغي التعهدات الإيرانية المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم بين طهران والمجموعة الدولية عام 2015، ليعيد ذلك البرنامج النووي الإيراني إلى مرحلة ما قبل التوصل إلى هذا الاتفاق. ويتجاوز المشروع الخطوات الخمس التي اتخذتها طهران لوقف تعهدات نووية، خلال العامين الماضيين رداً على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وما تبعه من العقوبات الأميركية "التاريخية" و"مماطلات" الأطراف الأوروبية في تنفيذ "تعهداتها الـ11" لتمكين إيران من جني ثمار الاتفاق النووي الاقتصادية. 
وفي بنده الأول، يلزم المشروع، هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، "إنتاج على الأقل 120 كيلوغراما من اليورانيوم بنسبة تخصيب 20 في المائة" في منشأة "فردو، وذلك بعد شهرين من إقرار القانون". ولم يكتف البرلمان الإيراني "المحافظ" بهذه النسبة، إذ طالب الهيئة أيضاً "برفع الحاجات السلمية لصناعات البلاد لليورانيوم بنسبة تخصيب أعلى من 20 في المائة بشكل كامل". 
علماً بأن إيران قبل التوصل إلى الاتفاق النووي كانت تنتج اليورانيوم بنسبة التخصيب 20%، لكنها تعهدت بموجب الاتفاق بتخفيضها إلى 3.67%، قبل أن تقرر رفع النسبة إلى 4.5% خلال العام الماضي في إطار الخطوة الثانية من الخطوات الخمس التي قلصت بموجبها تعهداتها النووية.  
أما البند الثاني فيلزم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية برفع عدد وحدات "سو" لتخصيب اليورانيوم إلى 190 ألف وحدة، فضلاً عن إلزامها بإنتاج 500 كيلوغرام من اليورانيوم شهرياً. 
والبند الثالث، يؤكد على تركيب ألف جهاز جديد للطرد المركزي في منشأة "نطنز" وسط إيران، والقيام بعمليات التخصيب وضخ الغاز إلى هذه الأجهزة، خلال ثلاثة أشهر بعد إقرار القانون، ملزماً هيئة الطاقة الذرية الإيرانية بنقل عمليات التخصيب والبحث التطويري من خلال الجيل السادس لأجهزة الطرد المركزي إلى منشاة "فردو" على بعد 110 كيلومترات من العاصمة طهران، وبدء التخصيب فيها من خلال استخدام 164 جهازاً وصولاً إلى ألف جهاز حتى نهاية العام الإيراني الحالي الذي ينتهي في العشرين من مارس/آذار المقبل. 
والبند الرابع أيضاً يشمل إلزام الحكومة بـ"تدشين مصنع إنتاج اليورانيوم المعدني في أصفهان في غضون 5 أشهر من إقرار القانون". 
أما البند الخامس فيركز على إحياء قلب مفاعل أراك للماء الثقيل، والذي تم تعطيله بالإسمنت بموجب الاتفاق النووي، داعياً أيضاً إلى بناء مفاعل جديد للماء الثقيل بـ40 ميغاواتاً لإنتاج نظائر إشعاعية (Synthetic radioisotope).
أما البند السادس وهو من البنود المهمة، فيلزم الحكومة الإيرانية بإيقاف أنشطة التفتيش للوكالة الدولية للطاقة الذرية خارج البروتوكول الإضافي. 
والبند السابع يطالب الحكومة الإيرانية برفع تقارير حول إجراءات أطراف الاتفاق النووي للعودة إلى تعهداتها ورفع كامل للعقوبات الأميركية، مؤكداً أنه في حال عدم اتخاذ هذه الإجراءات، يُلزم الحكومة بوقف "التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي". 
والبند الثامن يدعو الحكومة الإيرانية إلى رفع مقترحاتها لعودة إيران إلى تعهداتها النووية "في حال أقدمت المجموعة 1+4 على تنفيذ تعهداتها وإلغاء كافة العقوبات النووية والعسكرية وتلك المرتبطة بحقوق الإنسان". 
لكن البند التاسع من المشروع البرلماني الإيراني بعنوان "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات" يحدد عقوبات بموجب قانون العقوبات الإسلامية ضد من يخالف القانون وتنفيذه، تتراوح بين عقوبات بالسجن وغرامات مالية".