البابا فرنسيس ممازحاً ماكرون: "ما زلت على قيد الحياة"

البابا فرنسيس ممازحاً ماكرون: "ما زلت على قيد الحياة"

26 نوفمبر 2021
زيارة ماكرون للبابا هي للمرة الثانية خلال ولايته الرئاسية (الفاتيكان/تويتر)
+ الخط -

تضمنت محادثات خاصة استمرت ساعة تقريباً في الفاتيكان بين البابا والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الجمعة، مزحة من البابا فرنسيس (84 عاماً) عندما رد على سؤال ماكرون عن أحواله بالقول "ما زلت على قيد الحياة".

وأظهر تسجيل فيديو نشره الفاتيكان للاثنين قبل وبعد المحادثات التي جرت في المكتبة البابوية أجواء ودية للغاية تسود اللقاء بينهما وهما يضحكان.

وعندما جلس الرئيس الفرنسي إلى مكتب البابا وسأله عن أحواله، ردّ فرنسيس بالقول بالإيطالية "ما زلت على قيد الحياة". وقال بعدها بفترة وجيزة "بأفضل حال" لكن لم يتضح إن كان ذلك جزءاً من الرد على السؤال.

ودخل البابا للمستشفى ومكث فيه 11 يوماً في يوليو/تموز إثر خضوعه لجراحة لاستئصال جزء من القولون، وكانت تلك أول مرة يدخل فيها المستشفى منذ انتخابه للمنصب في 2013.

ولم يذكر بيان صادر عن الفاتيكان فحوى ما ناقشه البابا مع ماكرون في المحادثات الخاصة لكن محادثات الرئيس الفرنسي مع كبار الدبلوماسيين في الفاتيكان بعدها تطرقت للتغير المناخي ولبنان والشرق الأوسط وأفريقيا والرئاسة الفرنسية المقبلة للاتحاد الأوروبي.

وقبيل اللقاء مع فرنسيس، قال ماكرون للصحافيين إنه يريد التحدث مع البابا عن التوزيع العادل للقاحات الوقاية من كوفيد-19 والأزمة اللبنانية وأزمة المهاجرين إلى جانب ملفات أخرى.

وزيارة ماكرون للبابا هي للمرة الثانية خلال ولايته الرئاسية التي تستمر خمس سنوات، في بادرة تجاه الكاثوليك قبل خمسة أشهر من الانتخابات وفي أعقاب فضيحة الاعتداء الجنسي التي هزت الكنيسة الفرنسية.

وقال الفاتيكان إنّ ماكرون وصل الساعة الحادية عشرة صباحاً (العاشرة توقيت غرينتش) إلى المقر البابوي وتحدث مع البابا لمدة ساعة. ثم استقبله المسؤول الثاني في الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، ووزير العلاقات مع الدول الأسقف بول ريتشارد غالاغر.

وبحسب مصادر دبلوماسية، مثلت المحادثات فرصة لتناول أزمات الهجرة على أبواب أوروبا بعد وفاة 27 مهاجراً في غرق قارب في المانش الأربعاء، وتقرير "ساوفي" عن الاعتداء الجنسي في الكنيسة في فرنسا الذي سبق للبابا أن أعرب عن "حزنه الشديد" وشعور "بالخزي" تجاه ما جاء فيه.

لكن ذلك لم يرد في البيان الصحافي الرسمي للفاتيكان الذي قال إنّ "النقاش ركز على عدد من القضايا الدولية، بينها حماية البيئة في ضوء نتائج مؤتمر الأطراف كوب26" و"إمكانيات الرئاسة الفرنسية المقبلة للاتحاد الأوروبي" وكذلك "التزام فرنسا تجاه لبنان والشرق الأوسط وأفريقيا".

اختلافات بين ماكرون والبابا فرنسيس حول الهجرة

في الصور التي نشرها الفاتيكان، يظهر رئيسا الدولتين مبتسمين ويتحدثان لبعضهما البعض في جو ودي. أهدى الرئيس إلى الحبر الأعظم كتاباً حول سيرة إينياس دي لويولا مؤسس الرهبانية اليسوعية التي يتحدر منها البابا الأرجنتيني، وكتاباً ثانياً بعنوان "إنيغو" لعضو الأكاديمية الفرنسية فرانسوا سورو.

في المقابل، أهداه البابا لوحة خزفية تصور كاتدرائية القديس بطرس ونصوصاً بابوية.

وقال إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحافي إنّ "التحدث مع البابا والحضور لمناقشة العديد من القضايا الدولية كان في غاية الأهمية". وتحدث الرئيس الفرنسي عن إدارة أزمة الهجرة، واصفاً رؤيته بأنها "إنسانية لكن بقواعد" مشدداً على ضرورة "وجود سياسات تعاون مع دول الموطن والعبور لتلافي هذه الخسائر".

وكان قد أوضح الخميس خلافاته مع البابا بشأن موضوع المهاجرين، وصرح لصحيفة "لا كروا" الفرنسية قائلاً "يجب أن نستقبل (مهاجرين) فحق اللجوء دستوري (...) لكن من ناحية أخرى، الترحيب بالجميع غير قابل للاستدامة لناحية الموازين في بلادنا".

علاقة متقلبة

من خلال هذه الزيارة إلى الفاتيكان التي جاءت بعد شهر من زيارة رئيس وزرائه جان كاستيكس، يتودد إيمانويل ماكرون إلى الناخبين الكاثوليك المتدينين بعد تضرر صورته لديهم جراء اعتماد قانون المساعدة على الإنجاب (يسمح بالإنجاب بمساعدة طبية بما في ذلك للعازبات والزوجات المثليات) وكذلك القيود التي فرضت على المآتم وإقامة القداس خلال الأزمة الصحية. يضاف إلى ذلك الجدل حول قانون سرية الاعتراف الكنسي.

ويمكن أن يتفاقم غضب الناخبين الكاثوليك المتدينين في حال أدرج ماكرون في برنامج ولايته الثانية، الحق في الموت كما يرغب بعض المقربين منه.

زيارة إيمانويل ماكرون للفاتيكان علامة احترام في العلاقة المتقلبة. ففي إبريل/نيسان 2018، قبل اجتماع الأساقفة في باريس، قال الرئيس الفرنسي إنه يريد "إصلاح الرابط بين الكنيسة والدولة" الذي "تضرر"، كما كان أول رئيس يزور محجّ لورد في جنوب غرب فرنسا في يونيو/حزيران. لكنه قال أيضاً بشأن قانون المساعدة على الإنجاب، إنّ صوت الكنيسة في القضايا الاجتماعية "لا يمكن أن يكون زجرياً".

وهناك هدف آخر من زيارته، هو توقيع معاهدة كويرينال مع إيطاليا التي تتناول تعزيز التعاون بين البلدين في قطاع الدفاع والأمن. وأوضحت الحكومة الإيطالية أن المعاهدة تشمل مواضيع مشتركة أخرى مثل الثقافة والتعليم والعمل المشترك في البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا، فضلاً عن التعاون في مجال الفضاء. وهذه فرصة لتعزيز العلاقات مع الحليف قبل شهر واحد من بدء الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي.

(رويترز، فرانس برس)