الانتهاء من صياغة قانونَي الحكم المحلي في الجزائر: انتخابات مسبقة؟

18 ديسمبر 2024
خلال الانتخابات المحلية المبكرة في الجزائر، 27 نوفمبر 2021 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أنهت لجنة صياغة قانوني مؤسسات الحكم المحلي في الجزائر عملها، وسلمت المسودات النهائية للرئاسة، مما يمهد الطريق لتنظيم انتخابات محلية مسبقة في الربيع المقبل، مع تغييرات جوهرية في صلاحيات البلديات والولايات.

- يمنح القانون الجديد صلاحيات موسعة للمجالس الولائية في التخطيط والتنمية، بما في ذلك إنشاء مؤسسات اقتصادية واكتتاب قروض، مع إلغاء مركزية البرامج الخدمية لتلبية احتياجات السكان.

- تأتي هذه الإصلاحات كجزء من تغييرات سياسية يعتزم الرئيس تبون تنفيذها، وتشمل مراجعة قوانين أخرى مثل القانون الانتخابي، مع احتمالات تنظيم انتخابات محلية جديدة.

أنهت لجنة صياغة قانوني مؤسسات الحكم المحلي (البلدية والولاية) في الجزائر عملها، وسلّمت، اليوم الأربعاء، الصيغة النهائية لمسودات هذه القوانين إلى الرئاسة قبل عرضها لاحقاً على مجلس الوزراء ثم البرلمان، في خطوة تعزز احتمالات تنظيم انتخابات محلية مسبقة خلال الربيع المقبل، بعد شهر رمضان القادم، لإعادة تنظيم مؤسسات الحكم المحلي على أساس قواعد جديدة.

وسلمت اللجنة الاستشارية، التي شكلها الرئيس عبد المجيد تبون برئاسة وزير الداخلية الأسبق دحو ولد قابلية، مسودتي قانوني البلدية والولاية، تتضمن تغييرات في صلاحيات وسلطة البلدية، وفي إدارة الخدمات والموازنة المحلية وطرق صرفها، وكيفيات الاستفادة من الجباية المحلية وغيرها. وللمرة الأولى سيتم تصنيف البلديات في الجزائر (1541 بلدية)، إلى ثلاث مستويات، حضرية وشبه حضرية وريفية.

واعتبرت مسودة القانون الجديد للبلدية أن القانون الساري المفعول كشف عن محدوديته، ولم يعد يستجيب لاحتياجات المواطنين، فضلا عن عدم تماشيه ومقتضيات الحوكمة الجيدة للإقليم والتي من شأنها تجسيد مبادئ التوازن والإنصاف في التنمية، ما يفرض إجراء تغييرات تضمن حسن التدبير والتسيير العصري للمرفق العام بشكل ضرورة ملحة وذلك بهدف وضع المواطن في صميم وأولويات جل السياسات العمومية.

ويسمح القانون الجديد للولاية للبرلمان الولائي (المجلس الشعبي الولائي)، صلاحية المشاركة المباشرة في التخطيط لمشاريع التنمية، وبإنشاء هيئات ومؤسسات عمومية اقتصادية، وتمكين الولاية من اكتتاب قروض لإنجاز مشاريع منتجة للمداخيل، كما ألغى مركزية البرامج الخدمية والمشاريع، حيث بات ضمن سلطة المجلس الولائي تسجيل مشاريع تنموية جديدة مثل المدارس الابتدائية ومنشآت الصحة المدرسية والمساهمة في التكفل بالمهام المرتبطة بالنقل والإطعام المدرسي، وفقا لاحتياجات السكان. وأفادت مسودة القانون الجديد بأن "البلاد عرفت خلال العشريتين الأخيرتين نموا ديموغرافيا مطردا وتوسعا عمرانيا اتسم أحيانا بنقص التنظيم، فضلا عن تزايد حاجيات السكان وتشعب انشغالاتهم وعوامل اقتصادية وسياسية أخرى، ما تطلب إدراج أنماط حوكمة جديدة ووضع تصنيف للتجمعات السكنية والمدن والحواضر الكبرى".

وسيتم في غضون الشهر الجاري عرض المسودتين الجديدتين على مجلس الوزراء ثم البرلمان. وتهدف القوانين الجديدة التي تدخل ضمن سلسلة إصلاحات سياسية يعتزم الرئيس تبون إقرارها في غضون ولايته الرئاسية الثانية، إلى تطوير التشريعات التي تحكم مؤسسات الحكم المحلي، وتكييفها مع التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وسد الثغرات التي تسود القوانين السارية المفعول، ووضع تصور نظم العمل والهندسة السياسية والإدارية في مؤسسات الحكم المحلي، يحيد جملة المصاعب القائمة في إدارة الشأن العام المحلي، وينهي التداخل الحاصل في الصلاحيات بين حكام الولايات ورؤساء الدوائر (المقاطعات)، والمجالس المحلية والولائية المنتخبة شعبيا، والتي تعاني من هيمنة حكام الولايات والإدارة على سلطاتهم.

وفي الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد كلف فريقا من الخبراء بقيادة وزير الداخلية الأسبق دحو ولد قابلية، ويضم الأمين العام لرئاسة الجمھوریة عبد الله منجي، وعدد من المسؤولين ونواب يمثلون الكتل النيابية الخمس المشكلة للبرلمان، وخمسة رؤساء مجالس ولائية وخمسة رؤساء بلديات، بمراجعة قانوني البلدية والولاية، وتحضير مسودة جديدة لهذين القانونين.

وكانت عدة أحزاب سياسية فاعلة في البلاد، منها حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية وجبهة التحرير الوطني وحركة البناء الوطني وقوى أخرى، قد طالبت الرئيس تبون ببدء خطوات عاجلة لإصلاح سياسي وقانوني عميق لقانوني البلدية والولاية، وإجراء مراجعة شاملة لقانوني البلدية والولاية، وإعادة تعديل الصلاحيات بين مؤسسات الحكم المحلي، بشكل يمنح للمنتخبين المحليين والمجالس البلدية الصلاحيات الكاملة التي تتيح لهم القيام بمسؤولياتهم.

وتمهد خطوة تعديل قانوني البلدية والولاية لتعديل مسودات قوانين أخرى ذات صلة بمؤسسات الحكم المحلي، على غرار القانون الانتخابي، بهدف مراجعة شروط الترشح للانتخابات المحلية، وإلزام الأحزاب السياسية والقوائم المستقلة باحترام شروط محددة بالنسبة للمستوى العلمي والمؤهلات الخاصة بالمرشحين للمجالس البلدية والولائية، لتلافي الأخطاء السابقة، حيث كان يتم ترشيح أشخاص بمستوى تعليمي متدن ودون خبرة كافية لإدارة الشأن العام.

ويرجح أن يقر الرئيس تبون على أساس المسودتين الجديدتين إلغاء الدائرة (المقاطعة) من نظام مؤسسات الحكم المحلي، وخاصة أن الدائرة هيئة غير منصوص عليها في الدستور، وتم استحداثها بصفة هيئة وسيطة مسؤولة عن مجموعة من البلديات، وتمت المطالبة منذ فترة طويلة بإلغائها كونها هيئة حكم محلي ليست لها أي ضرورة وتستهلك ميزانية فقط.

ويعزز ذلك احتمالات إقرار الرئيس عبد المجيد تبون تنظيم انتخابات محلية مسبقة مباشرة بعد إقرار مسودة القانون الجديد من قبل البرلمان، وفقا لما نقله مسؤولون سياسيون عن الرئاسة الجزائرية، خاصة بسبب وجود مشكلات وانسداد في أكثر من 500 مجلس بلدي، نتيجة الخلافات بين أعضائها، ما يتسبب في تعطل تسيير شؤون المواطنين وإنجاز المشاريع الخدمية وإقرار الموازنات للبلديات.