الانتخابات تضع علاقة النظام بالسويداء على المحك

الانتخابات تضع علاقة النظام بالسويداء على المحك

25 مايو 2021
كتابات على الجدران في السويداء ترفض ترشح الأسد (Getty)
+ الخط -

تتجه الأنظار عشية الانتخابات الرئاسية في سورية إلى محافظة السويداء، التي كان لها مواقف غير مؤيدة لإعادة انتخاب رئيس النظام بشار الأسد عبر عملية انتخابية وصفت بـ"المسرحية"، وبالرغم من أن النتيجة موضوعة قبل البدء بالعملية، فإن حدوث أي أعمال مناهضة للنظام بالسويداء سوف يعكر المشهد الذي يحاول النظام نقله للعالم، وخاصة أن هناك الكثير من التهديدات التي تلقاها النظام خلال الأيام الماضية تؤكد عدم استفزاز الناس وإلا فقد يتم إغلاق مراكز الانتخاب. 

وفشل النظام، طوال الفترة الماضية، في انتزاع تأييد صريح من السويداء لإعادة انتخاب الأسد، واقتصرت الأحاديث على الانتخابات وأهميتها كحق للمواطنين، وكانت العديد من المؤشرات تنبه النظام من احتمال ظهور موقف عام سلبي من انتخاب الأسد، فراح يعمل على استرضاء القيادات في المنطقة، فاتصل الأسد بشيخ العقل الأول حكمت الهجري بعد أن طالب باعتذار من أعلى مستوى من النظام لما اعتبره إهانة من رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء ودرعا لؤي العلي قبل أسابيع، لرفض الأخير إطلاق سراح معتقل بشكل فوري. 

يعمد النظام اليوم إلى محاولة خداع للمجتمع عبر تقديم الوجهاء والمشايخ على أنهم مؤيدون للأسد

وأفادت مصادر مطلعة من السويداء بأن الهجري لم يشارك أو يوجد في أي مكان من الأماكن التي تؤيد انتخاب الأسد، بل نقلت عن لسانه العديد من الوفود الأهلية أن الوضع في سورية ليس بجيد وأن النظام فشل في إنقاذ السوريين، حتى إن البعض قال إن الشيخ أصبح معارضًا، وخاصة أنه طوال السنوات الماضية كان يعرف بولائه الشديد للنظام. 

ويعمد النظام اليوم إلى محاولة خداع المجتمع عبر تقديم الوجهاء والمشايخ على أنهم مؤيدون للأسد، وبالتالي يشعر المجتمع بعدم الجدوى، وخاصة أن الحياة السياسية معدومة في سورية منذ عقود طويلة، إذ أصر على شيخ العقل الثاني يوسف جربوع، والثالث حمود الحناوي، من أجل الحضور إلى خيمة شعبة الحزب في المدينة بذريعة استقبال وفد رفيع من دمشق، ليتم التقاط عدة صور لهما وهما في الخيمة، وتتم طباعة صور باسم دار عرى التي يتوارث أهلها لقب أمير منذ حقبة الاستعمار الفرنسي، لكونهم كانوا يحكمون الجبل، ويتم تعليقها في وسط مدينة السويداء، وصورة باسم أحد أبناء شيخ العقل الأول الراحل أحمد الهجري، والذين يوجهون أصابع اتهام إلى النظام حول ظروف مقتله بحادث سير في العام 2012.  

وعلى إيقاع الظروف المحيطة في الانتخابات، حاول الوجهاء والمشايخ التزام الحياد الإيجابي وعدم الظهور بمظهر المؤيد أو المعارض لإعادة انتخاب الأسد، في وقت كان النظام يحاول دائما الضغط عليهم لأخذ موقف مؤيد، فأرسل أزلامه الذين يقدمهم على أنهم رؤساء أحزاب أو سياسيون أو مثقفون، وتارة أخرى أرسل موظفيه في المؤسسات الإعلامية لأخذ تصريحات قد تشير إلى التأييد، لكن من دون جدوى. 

كما سبقت الانتخابات وعود من قبل الأمن الوطني ورئيس شعبة أمن الدولة اللواء حسام لوقا بإيجاد حل للأزمة الأمنية التي تعاني منها السويداء، وخاصة المجموعات المسلحة المرتبطة مع الأجهزة الأمنية والتي ترتكب جرائم القتل والخطف والسلب، إلى جانب الأزمة الاقتصادية والخدمية، وجرت العديد من اللقاءات الخاصة بهذه الوعود، لكن لم يحصد منها أهالي السويداء سوى الريح، حيث كانت غالبية تلك المجموعات هي أبرز المشاركين في ما يطلق عليه النظام "العرس الوطني" تأييدا للأسد. 

من جانبه، قال الناشط "أبو جمال معروف" (اسم مستعار لأسباب أمنية)، لـ"العربي الجديد"، "الوضع لا يطاق، ليس في السويداء وحدها، بل في سورية كلها، ولم يعد هناك من يؤيد النظام أو الأسد، لأن الحياة في سورية وصلت إلى أبشع صورها، لكن بالمقابل، وسأتحدث عن السويداء، ما البديل؟ وأهل السويداء يعلمون أن الأسد لن يسقط من السويداء، التي لم يتوجه إليها أحد لا من أصدقاء سورية ولا من المعارضة، لا خيار أمام أهالي السويداء سوى الحياد الإيجابي، إلى أن يتم إنجاز حل دولي للأزمة السورية". 

وأضاف "النظام حاول، وما زال إلى اليوم، الابتعاد عن الصدام مع أهالي السويداء، حتى عندما خرجت مظاهرات طالبت بإسقاط النظام منتصف العام الماضي، دفع النظام بشبيحته من الحزبيين، ويتزعمهم عضو قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي حسن عبد الله الأطرش، لقمعهم"، لافتا إلى أن "العديد من المشايخ والوجهاء يحاولون عدم قطع شعرة معاوية، لأن العملية ستكون فقط دفع ضريبة دون جدوى، وخاصة أن أهالي السويداء متمسكون بالحفاظ على مؤسسات الدولة، وعدم الوصول إلى المواجهة واستخدام العنف".