الانتخابات العراقية: نتائج جديدة قريباً وأزمة إضافية

الانتخابات العراقية: نتائج جديدة قريباً وأزمة إضافية

25 نوفمبر 2021
تنهي المفوضية عملية العد والفرز اليدوي اليوم (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تُنهي المفوضية العليا للانتخابات في العراق، اليوم الخميس، عملية العد والفرز اليدوي للمحطات الانتخابية التي قررت الإثنين الماضي إعادة فتحها وتدقيقها بعد قبول الطعون التي قدمتها القوى الخاسرة، وعددها 870 محطة موزعة على محافظات عدة تشهد تنافساً حاداً بين القوى المعترضة الحليفة لإيران من جهة، وبين التيار الصدري من جهة أخرى. ومع نهاية عملية العد والفرز الجديدة للمحطات المطعون بصحتها، يكون إجمالي عدد المحطات الانتخابية التي جرى استقدام صناديقها من المخازن لمراكز العد داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، وفتحها بحضور مراقبين محليين وممثلين عن الكتل والكيانات السياسية المعترضة، قرابة 16 ألف محطة انتخابية، غالبيتها عن دوائر بغداد وبابل والبصرة وذي قار والنجف وميسان. ويمثل ذلك أكثر من ربع عدد المحطات الإجمالي بعموم مدن البلاد والبالغة 55 ألف محطة موزعة على 83 دائرة انتخابية.

قرابة 16 ألف محطة انتخابية أعيد عد وفرز أصواتها

وأنهت المفوضية أمس الأربعاء عملية تدقيق المحطات التابعة لدوائر بغداد والنجف والمثنى، بعد يوم من إعادة فتح أكثر من 300 محطة انتخابية في ذي قار. ويفترض أن تختتم اليوم المرحلة الحالية بفتح محطات انتخابية عن محافظة نينوى شمالي البلاد.

في السياق، شرح قاض عراقي منتدب في مفوضية الانتخابات الخطوات التالية لما بعد انتهاء عملية العد والفرز. وقال في حديث مع "العربي الجديد"، إن المفوضية "ستتجه بمحاضر رسمية إلى الهيئة القضائية التابعة لها للنظر بنتائج عد وفرز أصوات المحطات الـ870 الجديدة وإصدار قرار بشأن سلامة الإجراءات". وأضاف أن "هذه المرحلة يفترض أن تكون الأخيرة، وفي حال سارت الأمور كما يجب، يمكن القول إن الأحد المقبل سترسل النتائج للمحكمة الاتحادية التي لم تبت لغاية الآن بقبول أو رفض شكوى تقدمت بها القوى الخاسرة تطعن بصحة الانتخابات، وسيأخذ النظر فترة 10 أيام، ونأمل ألا تستخدم كل هذه الفترة الدستورية لإصدار القرار".

وكشف القاضي الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "التغييرات المرتقبة في النتائج ستكون بنسبة 90 في المائة منها بسبب إلغاء آلاف المحطات ومراكز الاقتراع بشكل كامل، بسبب ثبوت إغلاقها بعد الساعة السادسة (الوقت المحدد لإغلاق مراكز الاقتراع) أو لوجود تكرار في البصمات للناخبين بأجهزة التحقق، أو تأخر إرسال النتائج عبر الإنترنت لحظة الإغلاق". ورأى أن ذلك "قد يدخلنا في أزمة أخرى إذا ما اعترض المتضررون من هذا الإجراء، إذ إنهم قد يتجهون لاستئناف القرار بشكوى قضائية أيضاً، خاصة وأنهم يمتلكون مبرراً في مسألة إلغاء محطات ومراكز كاملة، في وقت يمكن فيه إلغاء أصوات من اقترع بعد الساعة السادسة، وكذلك إلغاء أصوات من تكررت بصمته مرتين وليس حذف الأصوات السليمة".

وبشأن المقاعد التي ستتغيّر، قال المتحدث نفسه إنها "في المجمل ستكون لصالح قوى الإطار التنسيقي الطاعنة بصحة الانتخابات، وقد تبلغ 10 مقاعد أو حتى أكثر"، مضيفاً أن "التغييرات الأكيدة حتى الآن ستكون في كركوك وبابل ونينوى والبصرة وبغداد وأربيل".

وفي آخر موقف لها، اعتبرت مفوضية الانتخابات، الإحاطة التي قدمتها المبعوثة الأممية للعراق، جنين هينيس بلاسخارت، في كلمة لها أمام مجلس الأمن الدولي، أول من أمس الثلاثاء، بشأن الانتخابات العراقية التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي "تأكيداً جديداً على نزاهة الانتخابات"، وذلك بحسب ما نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) عن بيان للمفوضية.


قاض عراقي: التغييرات المرتقبة في النتائج ستكون بنسبة 90 في المائة بسبب إلغاء آلاف المحطات

وكانت بلاسخارت قد أكدت في إحاطة قدمتها لمجلس الأمن الدولي أن الانتخابات البرلمانية العراقية "تم تقييمها على أنها سليمة بشكل عام"، محذرة مما وصفته بـ"محاولات لنزع مصداقيتها". وأضافت أن "أي محاولات غير مشروعة تهدف إلى إطالة أو نزع مصداقية عملية إعلان نتائج الانتخابات، أو ما هو أسوأ، كالقيام بتغيير نتائجها عبر الترهيب وممارسة الضغوط مثلاً، لن تسفر إلا عن نتائج عكسية"، داعية الأطراف المعنية كافة إلى "عدم الدخول في هذا المنزلق".

وأوضحت أنه "حتى الآن، وكما صرحت بذلك السلطة القضائية العراقية، لا دليل على وجود تزوير ممنهج، ويتوجب التعامل مع أي من المخاوف الانتخابية التي لا تزال قائمة من خلال القنوات القانونية القائمة حصراً ووفقاً للقانون"، مشددةً على أنه "كان تقييم الانتخابات أنها كانت بصورة عامة سليمة، والإدارة أظهرت تحسناً فنياً وإجرائياً واضحاً، ومثلت بصفة عامة إنجازاً كبيراً يَحسُن بالسلطات والأطراف العراقية الإقرار به علناً". وهاجمت قوى سياسية وفصائل مسلحة موقف المبعوثة الأممية، متهمة إياها بأنها "أحد أطراف مؤامرة تزوير الانتخابات".

وهاجم القيادي في تحالف "الفتح" مختار الموسوي، بلاسخارت، قائلاً إن "الإحاطة التي قدمتها تؤكد لنا أنها أحد أطراف المؤامرة للتلاعب بالانتخابات، وبالتالي ما طرحته سيدفع باتجاه التصعيد"، مضيفاً في بيان له أول من أمس أنه "في حال كان موقف السلطة القضائية مشابها لموقف بلاسخارت، أي عدم تعديل نتائج الانتخابات وفقاً للطعون، سيكون لنا تصعيد كبير قد يحرك الشارع وبما يهدد السلم الأهلي".

بدوره، اتهم عضو المكتب السياسي لمليشيا "عصائب أهل الحق" سعد السعدي، المبعوثة الأممية بأنها "أحد الشركاء الخارجيين في التلاعب بنتائج الانتخابات"، معتبراً في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أن ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، "أوصلت رسالة إلى مفوضية الانتخابات العراقية مفادها بأنها لن تعترف بالنتائج إذا تغيّرت بعد النظر في الطعون".

وتابع أن "ما طرحته بلاسخارت في إحاطتها لمجلس الأمن الدولي يعدّ انقلاباً على ما طرحته أمامنا"، موضحاً أنها "سبق أن وعدت بدراسة أدلة التزوير التي قدمها الإطار التنسيقي، وتقديمها إلى مجلس الأمن، لكنها نقضت ما وعدت به".

اتهمت قوى سياسية وفصائل مسلحة بلاسخارت بأنها "أحد أطراف مؤامرة تزوير الانتخابات"

في المقابل، اعتبر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، موقف المبعوثة الأممية بأنه "يبعث الأمل". وقال في بيان له إن "تصريحات أممية جديدة في ما يخص الانتخابات العراقية تبعث الأمل، وهناك توصيات أممية جيدة، ننصح باتباعها والابتعاد عن المهاترات السياسية والعنف وزعزعة الأمن". وأضاف "هي فرصة جديدة لرافضي نتائج الانتخابات لمراجعة أنفسهم والإذعان للنتائج، لا لأجل منافع سياسية فحسب، بل من أجل الشعب الذي يتطلع إلى حكومة أغلبية وطنية، تفيء على العراق والعراقيين بالأمن والسيادة والاستقرار والإعمار والخدمات التي يصبو لها شعبنا الأبي الصابر".

وتابع أنّ "من أهم ما صدر عن مبعوثة الأمم المتحدة، أن لا وجود لأدلة على تزوير الانتخابات، مضافاً إلى ما ورد في كلامها من تأكيد على عدم التسويف والتأخير في الإعلان عن النتائج، لذا فعلى المحكمة الاتحادية العمل بجد وحيادية على ذلك، والتعامل مع الطعون بمهنية، وأن لا ترضخ للضغوط السياسية كما هو أملنا بها... فالشعب يتطلع إلى ذلك بفارغ الصبر ليصل إلى بر الأمان والعيش الرغيد".

وتعليقاً على الموقف الحالي في بغداد، قال عضو تحالف "الفتح"، محمد الدراجي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "قوى الإطار التنسيقي متفقة على عدم الاعتراف بالنتائج ما لم يتم استرداد أصوات تمت سرقتها"، على حد تعبيره، ملمحاً إلى تظاهرات جديدة يوم غد الجمعة للتأكيد على موقفهم الرافض للنتائج.