الانتخابات البرلمانية المصرية: مزيد من تفتّت أحزاب المعارضة

15 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 04:09 (توقيت القدس)
خلال انتخابات مجلس الشيوخ في القاهرة، 4 أغسطس 2025 (محمد الشاهد/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه تحالف "الحركة المدنية الديمقراطية" تحديات كبيرة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المصرية، حيث شهد انقسامات بين الأحزاب، مثل إعلان حزبي الدستور والمحافظين عن تحالف منفرد، مما يثير تساؤلات حول قدرة المعارضة على تقديم بديل قوي لتحالف "القائمة الوطنية" الموالي للحكومة.

- في مواجهة هذه التحديات، أعلنت ستة أحزاب يسارية وقومية تشكيل تحالف "حق الناس"، يركز على الدفاع عن حقوق المواطنين والعدالة الاجتماعية، ويطالب بإصلاحات انتخابية وضمان حرية التنظيم النقابي، مع التركيز على المنافسة في المقاعد الفردية.

- تواجه الحركة المدنية ضغوطاً أمنية وسياسية منذ تأسيسها في 2017، حيث تسعى الأجهزة الأمنية لتفتيتها. ومع ذلك، يرى بعض قياديي الحركة فرصة للمعارضة للحصول على نسبة تصل إلى 10% من مقاعد البرلمان الجديد، رغم التحديات المستمرة.

مع تسارع استعدادات الانتخابات البرلمانية المصرية المرتقبة نهاية العام الحالي، يواجه تحالف "الحركة المدنية الديمقراطية" تحديات متزايدة تهدد بتفتيت التحالف، الذي يُنظر إليه على أنه مظلة لأحزاب المعارضة، حيث يضم 12 حزباً سياسياً تتباين أيديولوجياتها بين الليبرالية واليسارية.

وفي الأسابيع الأخيرة، زادت حدة الانقسامات بين صفوف الأحزاب المنضوية تحت لواء التحالف، تجلت بإعلان حزبي الدستور والمحافظين عقد تحالف انتخابي باسم "الطريق الحر"، بشكل منفرد ومفاجئ، ما أثار تساؤلات عن مدى قدرة أحزاب المعارضة على تقديم بديل سياسي منافس لتحالف "القائمة الوطنية"، الذي يضم مجموعة من الأحزاب الموالية، واستطاع حصد جميع المقاعد المخصصة للانتخاب في مجلس الشيوخ التي جرت في أغسطس/آب الماضي.

تحالف 6 أحزاب لخوض الانتخابات البرلمانية المصرية

وأعلنت ستة أحزاب هي: الكرامة، والتحالف الشعبي، والاشتراكي، والشيوعي المصري، والعيش والحرية، والوفاق القومي، تشكيل تحالف لخوض الانتخابات البرلمانية المصرية باسم "حق الناس"، وهي مجموعة من الأحزاب اليسارية والقومية بتحالف الحركة المدنية، وسبق أن دشنت ما يعرف بـ"الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية".


زهدي الشامي: خوض تحالف "حق الناس" للانتخابات سيكون قاصراً على المقاعد الفردية


وسرعان ما انضم إلى التحالف الجديد كل من حزبي الجبهة الديمقراطية، وتيار الأمل (تحت التأسيس)، بالإضافة إلى حركة الاشتراكيين الثوريين، الذي أكد -في بيانه التأسيسي- أن برنامجه يتسق مع برنامج الحركة المدنية، ويستند إلى الدفاع عن حقوق المواطنين في حياة كريمة تشمل أجوراً عادلة، ومعاشات مناسبة، وخدمات جيدة. ودعا التحالف، في بيان، إلى "ضمان عدالة التمثيل بين الدوائر، وإجراء الانتخابات النيابية في يوم واحد بدلاً من يومين، وإعلان النتائج الرسمية من اللجان الفرعية، وتسليم نسخ مختومة منها لمندوبي المرشحين، وممثلي وسائل الإعلام".

وعزا التحالف قراره المشاركة في الانتخابات البرلمانية المصرية إلى "إرساء معركة ديمقراطية نزيهة تفضي إلى برلمان يعبّر عن الشعب، ويشكل خطوة نحو بناء مجتمع ديمقراطي يحافظ على مصالح الوطن، ويواجه التحديات الداخلية والخارجية"، مشدداً على أهمية "ربط الحد الأدنى للأجور بمعدل التضخم السنوي، وتحديد سقف للحد الأقصى لا يتجاوز 15 ضعفاً". كذلك جدد مطالب الحركة المدنية بشأن "إطلاق سراح سجناء الرأي، وإلغاء الحبس الاحتياطي المطول، وضمان حرية التنظيم النقابي، وتأسيس الأحزاب والجمعيات بالإخطار، فضلاً عن إجراء انتخابات المحليات المعطلة منذ عام 2008، والتحول إلى نظام الحكم المحلي بانتخاب المحافظين ورؤساء المراكز والمدن".

المنافسة على المقاعد الفردية

ورأى رئيس مجلس أمناء حزب التحالف الشعبي، زهدي الشامي، أن "قوانين الانتخابات لم تلبِّ الحد الأدنى من مطالب الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في جلسات الحوار الوطني، وتظل تشريعات معيبة بمنحها نصف المقاعد لنظام القائمة المغلقة"، مشيراً إلى تبني حزبه "منهجاً إصلاحياً"، من خلال قرار المشاركة في الانتخابات البرلمانية المصرية عبر تحالف أوسع، يشمل الأحزاب ذات التوجه اليساري. وقال الشامي، لـ"العربي الجديد"، إن خوض تحالف "حق الناس" للانتخابات سيكون قاصراً على المقاعد الفردية، بسبب صعوبة تشكيل قوائم منافسة للقائمة الوطنية المدعومة من الدولة وأجهزتها.

أما رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، فأكد، لـ"العربي الجديد"، أن هناك تبايناً واضحاً في رؤى مكونات الحركة المدنية وأفكارها، ولذلك "كان يجب ترك الحرية لكل حزب في اختيار ما يراه مناسباً له من تحالفات انتخابية، مع دون أن يعني ذلك تفكيك الحركة التي تضم أغلب مكونات المعارضة المصرية".

من جهته، قال مصدر قيادي في الحركة المدنية -تحفظ عن ذكر اسمه- إن "أجهزة الأمن عملت جاهدة على تفتيت الحركة منذ تدشينها في 2017، إذ استقطبت ثلاثة أحزاب بدايةً إلى تحالف السلطة، ممثلاً في القائمة الوطنية عام 2020، الذي قاده حزب مستقبل وطن، ومنحها مجتمعة 18 مقعداً بنسبة 3% من مقاعد البرلمان". وأضاف المصدر، لـ"العربي الجديد"، أن "بعض أحزاب الحركة تعلم جيداً أن التحالف مع السلطة هو السبيل الوحيد للوصول إلى مقاعد البرلمان، خصوصاً أنها لا تمتلك كوادر حقيقية تستطيع أن تحظى بثقة الناخبين، ودفعهم إلى التصويت لصالحها، في مواجهة مرشحي أحزاب، مثل مستقبل وطن والجبهة الوطنية وحماة الوطن والشعب الجمهوري، التي تستخدم المال السياسي بغزارة من أجل الفوز بالمقاعد الفردية".


استبعد قيادي في الحركة المدنية تكرار مشهد فوز "القائمة الوطنية" بجميع المقاعد في مجلس النواب


واعتبر أن "اتساع الدوائر الفردية في مجلس الشيوخ أجهض كل محاولات الفوز بأي مقعد، من الأحزاب غير المنضوية في القائمة الوطنية، غير أن الوضع يختلف في مجلس النواب الذي ينحسر فيه النطاق الجغرافي للدائرة، ومن ثم يمكن أن يفوز أصحاب الشعبية في دوائرهم ممن يتمتعون بعلاقات جيدة مع الناخبين، وسمعة طيبة، بغض النظر عن الصفة الحزبية لهم". واستبعد المصدر تكرار مشهد فوز أحزاب القائمة الوطنية بجميع المقاعد في مجلس النواب، لأن ذلك سيكون بمثابة رسالة مفادها "غلق المجال العام أمام ممارسة العمل السياسي"، مرجحاً أن "تحظى المعارضة بنسبة 10% في البرلمان الجديد، بما يعادل من 50 إلى 60 نائباً من أصل 596، نصفهم من طريق القائمة المغلقة بكونهم ممثلين عن أحزاب المصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية والعدل والتجمع، والنصف الآخر في الانتخاب الفردي بفوز بعض المستقلين وممثلي الأحزاب الأخرى".

النظام لن يسمح بانتخابات نزيهة

وقالت حركة الاشتراكيين الثوريين، في بيان أخيراً، إن النظام الحاكم "لن يسمح بإجراء انتخابات نزيهة، أو حتى شبه نزيهة بشأن البرلمان المقبل، بل إن الأجهزة الأمنية ستتولى تعيين الغالبية من الموالين، ومن المعارضة الشكلية". وأضافت: "لا توجد أوهام بشأن شرعية النظام، فهي تستند إلى السلاح. لكن الغياب أو المشاركة في الانتخابات البرلمانية المصرية لن يعزله دولياً، كذلك إن شروط المقاطعة باعتبارها تكتيكاً انتخابياً غير متوفرة، ونحن لا نحمل أوهاماً حول حدود المعركة، أو مكاسبها المباشرة، لكننا نؤمن بأن الخيار الصحيح للثوريين هو عدم ترك أي مساحة للنضال تمر من دون استغلالها".

وعن تحول شعار المعارضة من "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية" إلى "حق الناس"، قال مسؤول التنسيق السياسي في حزب العيش والحرية، أكرم إسماعيل، لـ"العربي الجديد"، إن الأول "شعار جامع" لكل أطياف المعارضة المصرية، بينما لم تنجح محاولات جمع أحزاب المعارضة في تحالف انتخابي واحد بسبب "صراع المصالح"، وقرار بعض الأحزاب التحالف مع السلطة في القائمة الوطنية، وبالتالي يحق لكل تكتل أو تحالف انتخابي اختيار الشعار الذي يتناسب مع مبادئه وأهدافه. وأضاف إسماعيل أن الحركة المدنية عانت كثيراً من الحصار والتضييق في السنوات الأخيرة، لكن لم يصدر قرار من السلطة بتصفيتها، موضحاً أن الأخيرة عملت على تفتيت الحركة بانشقاق أحزاب منها على غرار المصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية والعدل، عبر استدعائها في القائمة الموحدة للمشاركة في البرلمان الحالي.

تقارير عربية
التحديثات الحية