الاستشارة الوطنية تثير موجة انتقادات واسعة في تونس

تونس: انتقادات لعدم جاهزية البوابة الإلكترونية للاستشارة الوطنية

02 يناير 2022
تهدف الاستشارة إلى معرفة توجهات الرأي العام في تونس(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

انتقدت منظمات حقوقية وناشطون في تونس، اليوم الأحد، تأخر إطلاق الاستشارة الوطنية في موعدها المقرر في الأول من يناير/كانون الثاني الحالي، بحسب ما أعلنه الرئيس قيس سعيد، داعين في الوقت ذاته إلى التعامل بشفافية وتشاركية بخصوص الفترة التّجريبية للاستطلاع الشعبي الإلكتروني.

و"الاستطلاع الشّعبي الالكتروني"، إجراء دعا إليه الرئيس قيس سعيّد، بدأ تجريبياً السبت، وينطلق رسمياً منتصف شهر يناير/كانون الثاني الحالي، لجمع آراء المواطنين حول مواضيع مختلفة كالشأن السّياسي والاجتماعي والاقتصادي.

وأوضح عضو منظمة "أنا يقظ" (مستقلة)، مهاب القروي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "سعيد لم يلتزم بالموعد الذي حدده بنفسه حول عمل المنصة الإلكترونية، حيث فوجئوا بإطلاق المنصة ولكن لا يمكن التسجيل فيها إلا في 15 يناير، وتعتبر هذه الفترة تجريبية مغلقة وتهم مجموعة من الأشخاص فقط".

وقال إن "هذا الأمر يعتبر استهتاراً بالآجال، خاصة أن رئيس الجمهورية كان أمامه الوقت الكافي واللازم لإطلاق المنصة، وكان ذلك من يوليو/تموز الماضي".

ونوه إلى أن "سعيد تحدّث عن حوار إلكتروني وشعبي، وإطلاق منصة لم تكن معقدة ولا تطلب كل هذا الوقت"، لافتاً إلى أن "هذا استهتار أيضاً من قبل وزارة تكنولوجيات الاتصال التي لم تحترم آجال إطلاق الاستشارة الوطنية في موعدها المحدد".

ورأى القروي أن "هناك ضبابية وغيابا للشفافية حول من أعد المنصة واشتغل عليها، وحول حماية المعطيات الشخصية للراغبين في المشاركة، خاصة أن التسجيل يكون عبر بطاقة الهوية التي تتضمن جميع المعطيات عن المشارك".

وبين أن "المعطيات الأولية تشير إلى أن شركة خاصة عملت على الموضوع"، متسائلاً "لكن كيف تم اختيارها؟ وما هي صيغة التعاقد في ظل غياب طلب عروض؟".

وعبّر عضو منظمة "أنا يقظ" عن مخاوفه "من مضمون الاستشارة، خاصة أنه لا يعرف طبيعة الأسئلة التي تتضمنها، والتي قد تكون موجهة، ومن اختارها؟".

ولفت إلى أن "اختيار الأسئلة التي قد لا تخلو من توجيه، لم تكن وفق تشاركية وحوار مع المجتمع المدني والمنظمات والأطراف السياسية، رغم أنها ستحدد الحاضر والمستقبل، وهذا التحديد سيكون من دون فتح المجال أمام المشاركة في صياغة الأسئلة والتصورات للخروج بما يجمع ويؤلف وليس لفكر واحد، لأن الشخص الواحد موجه".

وذكر أن "وزارة تكنولوجيا الاتصال تحدثت عن مشاركة مجتمع مدني في العملية البيضاء، ولكن لا يعرف من المجتمع المدني؟ وهل فعلاً كانت هناك مشاركة، وبأي طريقة تمت دعوتهم؟ أم أن الأمر مجرد محاولة للتغطية على عدم جاهزية المنصة والاستشارة عموماً؟".

وقال القروي إنهم "كانوا يأملون المشاركة للوقوف على جاهزية المنصة واحترام هذه المنظومة للشروط اللازمة والشفافية والحماية، وبالتالي لا يمكن الوثوق بالمسار ككل من دون شفافية".

وأكد أنه "في غياب ذلك، لا يمكن دعوة المواطنين إلى المشاركة في الاستشارة، خاصة أن الحكومة ووزارة الاتصال المعنيتين عاجزتان عن احترام أبسط التعهدات، وهي موعد الاستشارة، فكيف سيتم احترام آجال الاستفتاء والانتخابات لاحقاً؟ فهما أهم وأكثر تعقيداً من منصة إلكترونية".

وأفاد بأن "هناك تخبطاً واضحاً حتى في التصريحات، فرئاسة الحكومة تتحدث في بيان لها أمس عن استفتاء والأمر لا يتعلق باستفتاء، وبالتالي التخبط لم يشمل المواعيد، بل حتى المفاهيم". 

يذكر أن الاستشارة التي تهدف إلى معرفة توجهات الرأي العام حول عدد من الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تتواصل إلى غاية 20 مارس/آذار المقبل، فيما تتمثل آليتها في الإجابة عن عشرات الأسئلة.

وكان الرئيس قيس سعيّد قد أعلن، يوم 13 ديسمبر/كانون الأول، عن رزنامة مواعيد للخروج من المرحلة الاستثنائية، تبدأ بالاستشارة الشعبية الإلكترونية وتنتهي يوم 17 ديسمبر 2022 بانتخابات مبكرة، وتنظيم استفتاء يوم 25 يوليو/تموز 2022.

"أنا يقظ": هناك تعتيم تام

ويوم أمس السبت، عبرت منظمة "أنا يقظ"، في بيان، عن رفضها لمسار إعداد المنصّة الإلكترونية للاستشارة الوطنية، داعية كافّة الأطراف المتداخلة إلى احترام حق المواطنين في المعلومة والتحلي بأكثر شفافيّة وتشاركيّة.

وأشارت إلى وجود "تعتيم تام في العلاقة بالأطراف المتداخلة في إعداد المنصّة، خاصة بخصوص مشاركة شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا"، مطالبة رئاسة الحكومة بتوضيح العلاقة مع هذه الشركة وكيف تم التعامل معها من دون طلب عروض واحترام الأمر المنظم للصفقات العمومية.

كما طالبت وزارة تكنولوجيات الاتصال بتمكينها من القيام بعمليّة تفقد مستقلة، للتثبت من السلامة المعلوماتيّة للمنصّة ومدى احترام المعطيات الشخصية للمشاركين فيها.

دعوات متعددة لمقاطعة الاستشارة

وتهكّم رئيس حزب المجد، عبد الوهاب الهاني، في تدوينة نشرها على صفحته في فيسبوك، على الاستشارة قائلاً "مسار الفاتح ينطلق بتأخير.. بعد عيد ثورة الحرية والكرامة 14 يناير، وبتحذير أمن الإنترنت من عملية تحايل تهدف إلى سرقة المعطيات الشخصية والمالية لمستعملي موقع استشارة".

وأضاف عبد الوهاب الهاني هذا "الموقع تحايلت به شركة ويزلابز على الدولة التونسية بتواطؤ من صديقه وزير تكنولوجيا الاتصال في حكومة التدابير الاستثنائية.. يتحمل رئيس الجمهورية شخصيا ووزيره تكنولوجيا اتصالات التدابير الاستثنائية مسؤولية أي تحايل أو تلاعب أو سرقة لمعطيات التونسيين".

يذكر أن دعوات متعددة لمقاطعة هذه الاستشارة صادرة عن أحزاب وشخصيات وحركات مدنية.

المرزوقي: تمثيليات بائسة

وكان الرئيس الأسبق منصف المرزوقي قال، في تدوينة على صفحته في "الفيسبوك"، إن "الاستشارة الشعبية هي عملية تحيل جديدة سيذهب ضحيتها كمشة (بعض) من السذّج لا يعلمون أن المطلوب بياناتهم لاستخدامها في إعادة انتخاب الأخ القائد".

واعتبر المرزوقي أن "الدستور الجديد، الذي يستشارون فيه، مكتوب وجاهز وهو نسخة ببعض البلاغة الجوفاء من المرسوم 117، وأنه ليس بحاجة لأفكار أحد باستثناء القائد الملهم، وأن حتى نسبة نجاح ''الاستفتاء'' قد تحددت (ربما بين ستين وسبعين في المائة)".

واختتم المرزوقي قائلاً "يا لها من تمثيليات بائسة ويا لهم من ممثلين تعساء".

المساهمون