الاحتلال يمهّد لهدم واسع في مخيمي طولكرم ونور شمس: إخطار أكثر من 100 بناية بالهدم
استمع إلى الملخص
- أكد محافظ طولكرم أن الاحتلال يستهدف المخيمات بمهل قصيرة للاعتراض، مما يعكس نية تمرير القرارات دون اعتراض حقيقي، ويعمل على تغيير البنية التحتية وطمس ملامحها التاريخية.
- تستمر الجهود الدبلوماسية لوقف الهدم بالتنسيق مع الجهات الدولية، لكن الاحتلال يرفض الانصياع للمواثيق الدولية، مما يثير قلق السكان بسبب عدم نشر أسماء أصحاب المنازل المخطرة.
أخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الخميس، بهدم نحو 106 بنايات في مخيم نور شمس وطولكرم شمالي الضفة الغربية والطريق الواصل بينهما. ويستمر تصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقّ أهالي مخيّمي طولكرم ونور شمس، ضمن محاولات الاحتلال لتهجير السكّان عبر أوامر الإخلاء وتفريغ المخيمين، وتنفيذ أعمال تجريف وهدم، كان آخرها هذا القرار الصادر عن قائد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ونشرت سلطات الاحتلال صورة جوّية للبنايات المخطرة، عليها علامات باللون الأحمر، مرفق معها قرار من قائد جيش الاحتلال في الضفة، اعتبر فيه أن قرار الهدم يأتي "بموجب صلاحياته بكونه قائداً عسكرياً، وبما أنه يعتقد أن الأمر ضروري لأغراض عسكرية بحتة"، مشيراً إلى أن عملية الهدم ستبدأ خلال 24 ساعة من حين توقيعه.
وأكّد محافظ محافظة طولكرم، عبد الله كميل، في حديث مع "العربي الجديد"، أن قرار الهدم سيطاول قرابة 106 بنايات داخل المخيمين، وكل بناية تضم في الحد الأدنى منزلين، وبعضها يصل إلى ست منازل، وكل منزل فيه أسرة، وبالتالي فإن مئات الأسر الفلسطينية في المخيمين ستصبح بلا منازل. وبحسب كميل، فإن هذه المنازل كانت تؤوي 2000 مواطن هم الآن بلا مأوى بعد تهجيرهم قسريًا منها سابقًا.
واعتبر المحافظ أن الاحتلال يواصل استهداف مخيمي طولكرم تحت غطاء قانوني زائف، قائلاً: "الاحتلال منح مهلة 24 ساعة للاعتراض على قرارات الهدم، وهذا يؤكد أن القرارات سارية ولن يُتراجَع عنها، كما اختيارهم لهذا التوقيت – يوم الخميس، تزامنًا مع عطلتهم في ما يسمّى عيد الاستقلال – يكشف نيّتهم تمرير القرارات في غياب أي إمكانية حقيقية للاعتراض، لذا هم يمارسون الخداع باسم القانون، ويُظهرون الأمر وكأنه إجراء قانوني، بينما هو في جوهره جريمة مستمرة بحق أبناء شعبنا".
وتابع المسؤول الفلسطيني: "الاحتلال لا يكتفي بالهدم، بل يعمل على تغيير البنية التحتية للمخيمات، عبر شق الشوارع والطرقات داخلها في مواقع المنازل المخطرة بالهدم، ما يؤدي إلى طمس ملامحها القديمة وتفكيك أحيائها الضيقة، في محاولة لإعادة تصميم المخيم بطريقة تخرج عن رمزيته التاريخية، إنهم يعيدون رسم وهندسة خريطة المخيم".
وأضاف كميل: "حتى اللحظة، لا يمكننا التكهن بمستقبل الإعمار في مناطق الهدم، لأننا نتعامل مع احتلال لا يؤمن بالاستقرار. قد نعيد بناء ما هُدم، لكنه يعاود الهدم كما فعل سابقًا".
وعن محاولات وقف تنفيذ القرار الذي يشكّل مجزرة هدم للمنازل، أوضح كميل أنهم يمارسون جهودًا دبلوماسية بالتواصل مع الجهات الدولية كافة بالتنسيق مع ممثل فلسطين في الأمم المتحدة، كذلك يعملون على التواصل مع الارتباط العسكري الفلسطيني، والارتباط المدني الفلسطيني في محاولة لوقف عمليات الهدم. واستدرك بالقول: "لكن ما يبدو من ردود الفعل أن الاحتلال يضرب عرض الحائط بكل المواثيق الدولية، ويرفض الانصياع لأي مطالبات لكونه متمرّداً على الأنظمة والقوانين الدولية"، وفق تعبيره.
ولفت محافظ طولكرم إلى أن عدد المنازل التي تعرّضت للهدم الكلي أو الجزئي في مخيمي طولكرم ونور شمس يقدّر بنحو 2500 منزل، ما يؤشر على حجم الكارثة التي يعيشها السكّان.
في ذات السياق، أكّد مسؤول الإعلام في بلدية طولكرم، مهند مطر لـ"العربي الجديد" أن الاحتلال لم يسلّم الارتباط المدني الفلسطيني أسماء أصحاب المنازل والبنايات المخطرة؛ بذريعة أن المتوفر من الأسماء هو 80 بالمائة، والأسماء الأخرى غير جاهزة حتى اللحظة، رغم إلحاح الارتباط الفلسطيني للحصول على الأسماء، حتى لو كانت منقوصة، لكن سلطات الاحتلال تتهرب من ذلك.
وأوضح مطر أن عدم نشر أسماء أصحاب المنازل وإرسالها للارتباط الفلسطيني يجعل السكّان في حالة قلق شديد، لكون بعض أصحاب المنازل استطاعوا معرفة منازلهم إن كانت ضمن الإخطار، والبعض الآخر لم يتأكد من ذلك.
وقال في السياق: "إن التقديرات توحي بأن مسار البنايات المخطرة في المخيمين يوحي بنيات إسرائيلية لفتح شوارع معبّدة مكانها، وربطها مع شوارع المدينة، وتغيير معالم المخيمين بالكامل". ووصف مطر ما يجري بـ"مجزرة هدم غير مسبوقة، لأن مسار مواقع الهدم يأتي في المناطق التي يقول الاحتلال إنه لن يسمح بإعادة البناء فيها حتى بعد انتهاء العدوان".
وتواصل قوات الاحتلال عدوانها على مدينة ومخيم طولكرم لليوم الخامس والتسعين على التوالي، وكذلك مخيم نور شمس لليوم الثاني والثمانين على التوالي، بعد أن أجبرت مئات العائلات على النزوح من المخيمين، وسط عمليات تدمير واسعة للمنازل والبنية التحتية. وبحسب اللجنة الإعلامية في طولكرم، فإن العدوان على مخيمي طولكرم ونور شمس أدى إلى استشهاد 13 مواطنًا، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما حامل في الشهر الثامن، إضافة إلى إصابة واعتقال العشرات.
كذلك طاول العدوان المنازل والمحال التجارية والمركبات بشكل كلي أو جزئي أو الحرق والتخريب والنهب والسرقة، حيث دمرت 396 منزلًا بشكل كامل و2573 بشكل جزئي في مخيمي طولكرم ونور شمس، إضافة إلى إغلاق مداخلهما وأزقتهما بالسواتر الترابية.