استمع إلى الملخص
- يعتقد السكان أن المهاجمين مستوطنون متنكرون بلباس جنود، ويهدفون للضغط على الأهالي لتهجيرهم، خاصة بعد الحرب على غزة.
- أكد عدنان كعابنة أن الأرض ملك لعائلته وتقع في منطقتي (ب) و(ج)، ويسعى الاحتلال للسيطرة على المنطقة لفصل الضفة وتعزيز الاستيطان.
اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الأربعاء، عدداً من المنازل في أطراف بلدة الطيبة شرقي رام الله، واعتدت على أصحابها، بما في ذلك منزل الزميل الصحافي فارس كعابنة الذي تعرض هو وعائلته للضرب المبرح خلال عملية الاقتحام.
وبحسب ما يقول فارس خلال حديث مع "العربي الجديد"، فإنهم فوجئوا في الثامنة من صباح اليوم باقتحام قوة كبيرة من جيش الاحتلال يرافقها سيارات مدنية إسرائيلية، قبل احتجاز كل سكان المنطقة في أحد الأماكن، واقتحام المنازل والشروع في تدمير كل مقتنياتها، حتى وصل الأمر إلى تدمير السيارات الموجودة في المنطقة. ويضيف "بلغ حجم التدمير حد تكسير كل ما نملك بما في ذلك السيارات التي تعمد الجنود على وضع تراب في محركاتها بعد تحطيم نوافذها".
تحدث الزميل فارس عن تعرض عائلته لعملية تنكيل قاسية خاصة عند معرفة طبيعة عمله، قبل أن تستولي القوة الإسرائيلية على مبلغ مالي وتدمر نوافذ المنزل ومحتوياته في الهجوم الذي استمر لنحو 4 ساعات.
وبعد عمليات التدمير والاعتداء بالضرب على السكان، يقول فارس إن سكان المنطقة يرجحون أن تكون القوة التي اقتحمت المنطقة مكونة من مستوطنين متنكرين بلباس جنود إسرائيليين إلى جانب جنود فعلًا، مشيرًا إلى أن عمليات التدمير والترهيب التي جرت تشير إلى أن الهدف من وراء ذلك هو الضغط على الأهالي لغرض تهجيرهم، حيث كانت تنتشر تجمعات بدوية بالقرب من المنطقة قبل تهجيرها والقضاء على وجودها خلال حملة هجمات ممنهجة استمرت سنوات وبلغت ذروتها خلال العامين الأخيرين.
ويروي عدنان كعابنة، أحد سكان التجمع، وشقيق الصحافي فارس، لـ"العربي الجديد"، جزءاً من الاعتداء، مؤكداً أن ما تعرض له شقيقه من ضرب واعتداء جاء بعد سؤال الجنود عن أدوات صحافية وكاميرا وحاسوب، عندما دخلوا إلى غرفة فارس التي يتخذ منها مكتباً للعمل. ويقول عدنان إن الجنود كانوا قبل ذلك قد أخرجوا كل من في المنزل وأبعدوهم عنه، وشرعوا في التفتيش والتخريب داخله، قبل أن يقتادوا ابن عمه معهم إلى المنزل، ويسألوه عن مالك أدوات الصحافة، وحين أجاب بأنها لابن عمه، استدعى الجنود فارس، واعتدوا عليه.
وتركّز الضرب، بحسب عدنان، على رأس الزميل فارس، ما أدى إلى تورم في رأسه ووجهه، وازرقاق، ونزول الدم من أنفه، ما استدعى نقله إلى المستشفى، ورغم أن الجميع تقريباً تعرضوا للضرب، إلا أن فارس الوحيد الذي نقل إلى المستشفى، لأنه الأكثر تضرراً كما قال شقيقه.
مستوطن يريد تهجير التجمع
وتعرّض التجمع، كما يروي ساكنوه، لاعتداءات عديدة، لكن ما حصل اليوم الهجوم الأكبر، ويقطن في التجمع قرابة سبع عائلات كما يقول عدنان، هم عائلة والده وعمه وأبناؤهما، وقد فقدوا بعد شن الاحتلال الحرب على غزة مساكن الشتاء الخاصة بهم، في منطقة المعرجات شمال غرب أريحا، إذ لم يستطع سكان التجمع العودة إليه بسبب اعتداءات المستوطنين الذين قاموا بتفكيك "بركسات" التجمع والاستيلاء عليها ومصادرتها، ليضطر الأهالي للبقاء في مساكن الصيف في بلدة الطيبة.
وحرم الأهالي من نمط حياة يراعي فصول السنة، من حيث الانتقال بين مكاني مساكن الشتاء والصيف، لكن ذلك لم يوقف الأطماع الاستيطانية. ويقول نايف كعابنة إن مستوطناً أقام بؤرة رعوية قبل ثلاث سنوات تقريباً قرب التجمع، وهو مصدر الاعتداءات، سواء بمنعه الرعي، أو منع قطاف الزيتون كما حصل خلال الموسم الماضي، أو استدعاء جيش الاحتلال للاعتداء على التجمع.
يؤكد عدنان أن الأرض التي يقيم بها مع أقاربه هي ملك لعائلته، وتنقسم لقسمين، أحدهما في المنطقة (ب) التي تتبع إدارياً للسلطة الفلسطينية وفق اتفاق أوسلو، والقسم الآخر المنطقة (ج) التي تتبع إدارياً وأمنياً للاحتلال وفق الاتفاق، كما أن المستوطنين يحاولون إخراج سكان التجمع منه، في ظل أنه بعيد نسبياً عن المنطقة السكنية في بلدة الطيبة.
وتنشط في المنطقة شبيبة التلال الإرهابية التي تعتبر أن هذه المنطقة أبرز معاقلها، إذ عملت طيلة السنوات الماضية على مهاجمة العائلات البدوية المنتشرة في المناطق الشرقية لمدينة رام الله، بغرض تهجيرها، وهو ما حصل بالفعل، إذ أجبرت العائلات على الرحيل لتجنب التنكيل رغم أنها تعيش هناك منذ عشرات السنين.
وأكد المشرف على منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، حسن مليحات في تصريحات سابقة، أن الضغوط الشديدة على التجمعات البدوية شرق رام الله، أدت إلى تهجير 12 منها عام 2023، تسعة فقط بعد الحرب، مشيرًا إلى أن الاحتلال يعتزم السيطرة على هذه المنطقة لموقعها وإطلالها على الأغوار الفلسطينية، عدا عن أن السيطرة عليها يعني فصلًا لوسط وشمال الضفة عن جنوبها.
يأتي ذلك فيما يواصل وزير المالية الإسرائيلي، والوزير في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش، جهوده لتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، والبناء في المستوطنات من خلال "مسار سريع"، بالتوازي مع توعده بهدم مباني أكثر مما يبنيه الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة خلال العام الحالي.