الاحتلال يفرض واقعاً جديداً في الحرم الإبراهيمي: رفض تسليمه للفلسطينيين في رمضان
استمع إلى الملخص
- يُقسم الحرم الإبراهيمي منذ عام 1994، حيث تسيطر إسرائيل على 63% منه، وتُخصص أيام خاصة لكل طرف لاستخدام المرافق. رفضت مديرية الأوقاف استلام الحرم منقوصاً.
- تصاعدت الإجراءات الإسرائيلية بحق الحرم، بمنع دخول مركبات الإسعاف والصحافيين، وتحديد الفئات العمرية، في سياق خدمة المستوطنين والتمهيد للاستيلاء على الجهة الشرقية.
رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، تسليم الحرم الإبراهيمي بالكامل، إذ ما زالت تغلق الطريق الشرقي من الحرم المعروف بـ"مصلّى الجاولية"، ما يعني مخالفة القرارات الإسرائيلية المعمول بها منذ 31 عاماً، بأن تُسلَّم جميع مرافق الحرم للمسلمين في أيام الجمعة من شهر رمضان، وذلك ضمن إجراءات الاحتلال المستمرّة في سبيل فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليه.
وأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، في بيانٍ لها أمس، رفضها استلام الحرم منقوصاً بمرافقه وساحاته وأبوابه "لما في هذا من اعتراف بهذا الانتقاص، وهو أمر كانت الوزارة قد حددت موقفها منه منذ بداية شهر رمضان المبارك، وستبقى عليه حتى يتراجع الاحتلال عن مواقفه المنتهكة لحقوق المسلمين في الصلاة، في حرمهم بساحاته ومصلياته وأروقته كافة"، كما طالب وزير الأوقاف والشؤون الدينية محمد مصطفى نجم أبناء الشعب الفلسطيني بضرورة حماية الحرم الإبراهيمي من خلال وجودهم فيه.
وقال مدير مديرية الأوقاف والشؤون الدينية في الخليل، جمال أبو عرام، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "رفض استلام الحرم يأتي رداً على إصرار الاحتلال تسليمَه مجتزءاً، وبالتالي وضع الاحتلال أمام مسؤولياته، لأن ذلك يعني عدم تحمّل وزارة الأوقاف مسؤولية أي شيء يحدث في الشق المستولى عليه من الحرم".
ويُقسم الحرم الابراهيمي إلى شق مستولى عليه إسرائيلياً بمساحة 63%، وشق للمسلمين 37%، وذلك منذ عام 1994 بعد وقوع مجزرة الحرم الإبراهيمي، وما تبعها من قرارات صادرة مما عرف حينها بـ"لجنة شمغار" التي نصّت على هذا التقسيم، وتحديد أيام خاصة من كل عام للمسلمين يستخدمون فيها جميع مرافق الحرم، وأيام أخرى لليهود يستبيحون فيها جميع مرافق الحرم، وذلك في عشرة أيام لكل طرف.
ويعني رفض تسلُّم مديرية الأوقاف للحرم عملياً مخالفة للبروتوكول المعمول به في استلام وتسليم الحرم، وأوضح أبو عرام البروتوكول قائلاً: "البروتوكول المعمول به هو أن يُسلَّم الحرم مساء الخميس عند الساعة العاشرة، بحضور أفراد من الشؤون المدنية الفلسطينية والشؤون المدنية الإسرائيلية، وذلك بعد إجراء جولة تفقدية في جميع مرافق الحرم، وفحصه أمنياً لضمان عدم وجود أي شيء قد يؤدي إلى حدوث أي خلل، كما يجري تفقد الساحات والباحات، ليصبح الحرم مفتوحاً أمام المصلين والوافدين المسلمين منذ مساء الخميس، إلى ما بعد انتهاء صلاة الجمعة. ويُتّبع الإجراء ذاته خلال الأعياد اليهودية".
ورغم أن سلطات الاحتلال هي من وضعت هذا البروتوكول، إلا أنها مَن تخالفه، فيما أشار أبو عرام إلى أن سلطات الاحتلال من تلقاء نفسها تفتح جميع أبواب الحرم على الباحات والساحات باستثناء الجانب الشرقي، إلا أن مديرية الأوقاف ترفض استلامه بالشكل الحالي، كي لا يكون الاستلام إقراراً بالوضع الجديد القائم الذي يحاول الاحتلال فرضه على الحرم، ولكي تخلي وزارة الأوقاف مسؤوليتها من أي تبعات تحدث في المكان.
وأوصلت وزارة الأوقاف اعتراضها على التصعيد الإسرائيلي بحقّ الحرم، وجاء الردّ الإسرائيلي "أن هذا الباب يشكل خطراً أمنياً على المنطقة في الحرم ومحيطه"، إلا أن هذا الادعاء، بحسب أبو عرام، باطل لأن الباب لا يشكل خطورة، خاصّة أنه لا أحد يدخل إلى الحرم إلا بعد مروره عبر بوابات كهربائية للتفتيش، وفحص أمني متكرر على جميع المداخل والأبواب التي يتمركز عليها جنود مدججون بالأسلحة، الذين يعتلون أسطح المنازل المجاورة للحرم، وأسطح الحرم ذاته أحياناً، ما يعني أن التصعيد الإسرائيلي يأتي في سياق خدمة المستوطنين، والتمهيد لمخططات الاستيلاء على الجهة الشرقية للحرم التي تُعتبر مخرج طوارئ الحرم، وفتح الباب أمام خطوات استيلاء أخرى.
وتُعتبر أيام عيد الفطر المفترض قدومه خلال اليومين القادمين، من الأيام التي يجب فيها فتح جميع مرافق الحرم للوافدين المسلمين، وتخشى وزارة الأوقاف، بحسب أبو عرام، من استمرار ذات النهج الإسرائيلي في أيام العيد برفض تسليم الحرم بالكامل للمسلمين. وأكّد أبو عرام أن الوزارة تعمل بالتواصل مع الجهات المعنية الرسمية في مجلس الوزراء ووزارة الخارجية، على متابعة القضية ووضع حدٍ للتصعيد الإسرائيلي، كما سيُعقد اجتماع في الأيام المقبلة لجميع الجهات المعنية بالقضية، لوضع جميع الأطراف أمام مسؤولياتهم.
وباتت إجراءات الاحتلال وقيوده على الحرم الابراهيمي أمراً واقعاً، إذ ما زالت ترفض منذ بداية شهر رمضان السماح لدخول مركبات الإسعاف قرب أبواب الحرم للتعامل مع أي طارئ يحصل، كما تمنع طواقم الصحافيين من دخوله، فضلاً عن تحديد الفئات العمرية التي يُسمح لها بالدخول، إذ يمنع الاحتلال دخول الشبان دون سنّ الـ25.