الاحتلال يغلق الأقصى والحرم الإبراهيمي ويمنع صلاة الجمعة بذريعة "الطوارئ" وسط خشية من فرض وقائع جديدة

13 يونيو 2025
إغلاق بوابات إسرائيلية على حاجز دير شرف غرب نابلس، 13 يونيو 2025 (نضال اشتية/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بطرد المصلين من المسجد الأقصى وإغلاق الحرم الإبراهيمي، مانعة إقامة الصلوات، بذريعة "حالة الطوارئ الأمنية" بعد العدوان على إيران، مع تعزيز الانتشار الأمني في القدس والضفة الغربية.
- وصف عدنان الحسيني إغلاق المسجد الأقصى بأنه سابقة خطيرة تهدف لتفكيك السيطرة الفلسطينية على المقدسات، مشيراً إلى تشابه الإجراءات مع ما حدث تاريخياً في الحرم الإبراهيمي.
- شهد الحرم الإبراهيمي إغلاقاً مماثلاً، مما دفع المصلين لأداء الصلاة على الحواجز، واعتبر جمال أبو عرام هذه الإجراءات انتهاكاً لحرية العبادة، مطالباً بتحرك دولي لوقف الانتهاكات.

طردت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، المصلّين من المسجد الأقصى في القدس المحتلة، ومنعت إقامة صلاة الجمعة فيه، كما أغلقت الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، مانعة المصلين من أداء صلاتي الفجر والجمعة، تحت ذريعة "حالة الطوارئ الأمنية" عقب العدوان الجوي الإسرائيلي الذي استهدف إيران، فجراً، وإعلان الاحتلال فرض حالة طوارئ في الجبهة الداخلية، وهو ما تبعته سلسلة من القرارات التي شملت إغلاق محافظات الضفة الغربية، وقطع الطرق المؤدية إلى القدس، وتعزيز الانتشار الأمني والعسكري في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة، والأحياء المجاورة للحرم الإبراهيمي المعروفة بـ "المناطق المغلقة" في الخليل.

وطردت قوات الاحتلال المصلين من المسجد الأقصى فور انتهاء صلاة الفجر، وأبلغت دائرة الأوقاف الإسلامية بمنع دخول المصلين لأداء صلاة الجمعة، متذرعة بـ"الحفاظ على أمن المواطنين". وأغلقت قوات الاحتلال جميع أبواب المسجد الأقصى، ومنعت وصول المصلين إليه، فيما اضطر عشرات المقدسيين إلى أداء صلاة الجمعة قرب باب الأسباط، المؤدي إلى المسجد الأقصى، وسط إجراءات عسكرية مشددة وانتشار قوات الاحتلال.

وفي السياق، قال عضو مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس، ورئيس دائرة شؤون القدس في منظمة التحرير الفلسطينية، عدنان الحسيني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "إغلاق الأقصى بهذه الطريقة هو سابقة خطيرة، ويترافق مع ذريعة أمنية لا علاقة لها بالميدان، ولأن المسجد الأقصى لا ينبغي أن يُغلق في وجه المصلين، كما لن نسمح بإغلاق أيّ من المقدسات الإسلامية لأنها من أعمدة العقيدة، والأقصى في قلبها". وأوضح الحسيني أنّ "إجراءات الاحتلال تجري من جانب واحد دون استشارة لأي طرف، ودون إبلاغ مسبق، لأن لا أحد في المنطقة المحيطة يستطيع ردعهم، والجميع يلتزم الصمت".

وقال الحسيني: "نحن لا نرى أي صواريخ تتساقط على القدس أو محيطها.. بل ما يحدث هو فرض عضلات وواقع جديد". وحذر من أنه "قد يكون ما جرى اليوم مقدمة لخطوات أكثر خطورة تهدف إلى السيطرة على الأقصى، فهؤلاء لا يتصرفون بشكل عبثي، بل يتحركون ضمن برامج معلنة، ولذلك فإن مجلس الأوقاف يتابع ما يجري، ليقرر كيفية الرد، خاصة أن ما يجري ليس فقط قراراً أمنياً، بل جزء من سياسة متكاملة تهدف إلى تفكيك السيطرة الفلسطينية على المقدسات وفق حجج واهية، ومخططات وأهداف خفية".

وبحسب الحسيني، فإنّ "ما يجري اليوم في الأقصى، يحاكي ما جرى تاريخياً في العقود الثلاثة الأخيرة مع الحرم الإبراهيمي في الخليل، حيث بدأ الاحتلال بتمرير سيّاح إلى داخله قبل السيطرة عليه عام 1994، ثم بدأت مراحل التضييق على المسلمين في الدخول إليه، وصولاً إلى السيطرة شبه الكاملة، ومنع المسلمين من دخوله اليوم، والآن يُطبق النموذج ذاته على المسجد الأقصى".

وشهد الحرم الإبراهيمي في الخليل إغلاقاً مماثلاً، حيث مُنع المصلون من أداء صلاتي الفجر والجمعة. وقال مصلون لـ"العربي الجديد"، إنهم اضطروا لأداء الصلاة على الحواجز العسكرية المحيطة بالحرم، وتحديداً قرب التكية الإبراهيمية، وسط استنفار عسكري لقوات الاحتلال الإسرائيلي. وأكد مدير مديرية الأوقاف والشؤون الدينية في الخليل، جمال أبو عرام، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ما جرى اليوم يُعد انتهاكاً سافراً لحرية العبادة التي كفلتها كل القوانين الدولية والشرائع السماوية، لقد تم إبلاغ موظفي الحرم بقرار الإغلاق من قبل قوات الاحتلال فجراً، دون أي إبلاغ للجهات الفلسطينية الرسمية".

وأضاف أبو عرام: "هذه هي المرة الأولى التي يُغلق فيها الحرم بهذه الطريقة وبهذه الذريعة، الاحتلال يتحجج بأي مناسبة أو تطور لإغلاق الحرم الذي بات مستهدفاً في كل ظرف، وكأن وجوده الإسلامي يجب أن يُغيّب، هذه الإجراءات ليست معزولة، بل تأتي ضمن سياسة ممنهجة لتغيير الوضع القانوني والتاريخي للحرم". وأشار إلى أن "كل ما يجري اليوم من إغلاق الأبواب الداخلية، ووضع الأقفال على محطات الكهرباء والغرف الفنية داخل الحرم، يجعل الواقع كارثياً في حال وقوع أي طارئ، لأن موظفي الأوقاف باتوا عاجزين عن القيام بدورهم في حماية المكان، بعدما حُصر دورهم فقط في فتح الأبواب عند كل صلاة".

ولفت أبو عرام إلى أن "صلاحيات موظفي الأوقاف لا تتجاوز صلاحيات المواطنين العاديين، في وقت يزداد فيه التغوّل الإسرائيلي على الحرم والمقدسات بشكل علني"، مضيفاً "ننتظر إبلاغنا رسمياً عبر الارتباط الفلسطيني حول تطورات الوضع في الحرم والساعات القادمة ستكون فيها الصورة أوضح حول ما سيكون عليه واقع الحرم ووجود المسلمين فيه". وفي بيان رسمي، أعربت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية عن استهجانها الشديد لهذا القرار، واعتبرته "جزءًا من التصعيد المستمر ضد المقدسات الإسلامية، وتحديداً المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، في وقت يُفترض أن تُحترم فيه الحريات الدينية وليس أن تُقمع". وطالبت الوزارة المؤسسات الدولية المعنية بـ"التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات الممنهجة، التي تُنذر بعواقب خطيرة، وتضع العالم أمام مسؤولياته تجاه حماية الأماكن المقدسة في فلسطين".