الاحتلال يخطط لتسليم الخليل إلى حكم عشائري... والعائلات تتبرأ
استمع إلى الملخص
- عقد نتنياهو اجتماعًا لمناقشة خطط فصل الخليل عن السلطة الفلسطينية، رغم معارضة "الشاباك"، معتمدة على تسهيلات اقتصادية، لكن العشائر تؤكد أن هذه المحاولات لن تنجح.
- تؤكد العشائر الفلسطينية رفضها لأي محاولات إسرائيلية لاستغلال الخلافات العشائرية، داعية للوحدة والتصدي للمؤامرات، مشددة على أن الخليل ستظل جزءًا من المشروع الوطني الفلسطيني.
نتنياهو عقد أول اجتماع لمناقشة خطط فصل مدينة الخليل عن السلطة
الزغارنة: الوجوه العشائرية الحقيقية لا تتوافق مع هذا الطرح
تعتمد هذه المقترحات على خطط اقتصادية تعاونية وتسهيلات
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي الدفع بمقترحات تستهدف إيجاد كيان بديل يحكم محافظة الخليل كبرى محافظات الضفة الغربية المحتلة، من حيث "المساحة والسكان والاقتصاد"، عبر تشكيل "جسم عشائري" موازٍ للسلطة الفلسطينية، لكن العشائر ترفض ذلك وتؤكّد أنها ستحارب كل المتعاونين. وتعيد هذه الخطوات إلى الأذهان تجربة "روابط القرى" التي أسّسها الاحتلال عام 1978 في الضفة الغربية، حين أنشأ مجالس محلية تابعة مباشرة للإدارة المدنية الإسرائيلية، في محاولة آنذاك لطرح بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنّ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو
عقد، أول أمس الجمعة، أول اجتماع لمناقشة خطط فصل مدينة الخليل عن السلطة الفلسطينية، وذلك بمشاركة وزير الاقتصاد نير بركات، الذي طرح الخطة في وقت سابق، كما حضر وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الاجتماع وسط معارضة جهاز الأمن الإسرائيلي العام "الشاباك" الذي اعتبر "أن السلطة شريكة في ملاحقة الإرهاب"، وفق تعبيرهم.وتعتمد هذه المقترحات على خطط اقتصادية تعاونية وتسهيلات حول منح تصاريح عمل في الداخل الفلسطيني المحتلّ عام 1948. ويوضح عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، إياد العملة، في حديث مع "العربي الجديد" أنه جرت في السابق محاولات من بعض الشخصيات العشائرية للتواصل مع قادة الاحتلال وطرح قضايا ذات صلة، إلّا أن ذلك لا يمثل العشائر الفلسطينية.
وقال العملة: "نحن كرجال عشائر دورنا مساند للسلطة الشرعية، ونعمل على تقريب وجهات النظر في القضايا المجتمعية الداخلية، ونسعى دائماً إلى استتباب الأمن والسلم الأهلي، أما متابعة هذه القضايا وملاحقة من يمارسها، فمرجعيتها هي القضاء الفلسطيني والأجهزة الأمنية". وأوضح العملة، وهو منسق الهيئة الرئاسية العليا لشؤون العشائر (هيئة تابعة للرئاسة الفلسطينية)، أن هناك متابعة رسمية لهذه الملفات، وأنه في كل مرحلة من مراحل النضال الوطني كان يظهر أشخاص يخرجون عن الصف الوطني، لكنهم ليسوا العناوين: "عناوين العشائر معروفة ووطنيون، ولهم جهود حقيقية في الحفاظ على الأمن".
وأضاف العملة: "لن تكون هناك إمارة هنا أو هناك، فكل محاولات الاحتلال ستتحطم أمام صخرة صمود شعبنا المناضل ضد الاحتلال"، مشيراً إلى أنّ موقف العشائر واضح وحُسم في عدة اجتماعات ولقاءات عقدتها العشائر في مختلف مناطق الوطن، وفي مقرّات منظمة التحرير، إذ شدّدت على ثلاث نقاط رئيسية، وهي: "الشرعية الفلسطينية عنوانها الرئيس محمود عباس، ومنظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والعشائر تقف إلى جانب الأجهزة الأمنية في الحفاظ على استقرار البلد وملاحقة الخارجين عن القانون".
ويؤكد العملة أن "هذا الموقف ثابت ولن يتغير"، موضحاً أن المجتمع الفلسطيني بطبيعته مجتمع عشائري، وقد تظهر بين فترة وأخرى أسماء تحاول إسرائيل استغلالها، لكن لم يثبت أمام القضاء الفلسطيني أي من المزاعم التي يروجها الاحتلال، معتبراً أن "هذه المؤامرات ستذهب إلى مزابل التاريخ ولن تعيق جهود شعبنا في التحرّر". وفي إجابته عن كيفية مواجهة أيّ محاولات تتجاوب مع مخططات الاحتلال، يجيب العملة: "أي إثبات يقدَّم على بعض الشخصيات سيُعالج من خلال الأجهزة الأمنية والقضاء الفلسطيني، فيما سيكون الموقف العشائري بإصدار بيانات مندّدة، فيما الفصل النهائي في هذه القضايا يعود حصرياً إلى القضاء الفلسطيني".
بدوره، يعتبر أحد رجال عشائر جبل الخليل، نوّاف الزغارنة، أن "الوجوه العشائرية الحقيقية لا تتوافق مع هذا الطرح، وإنما هناك نفوس مريضة تحب الظهور وتسعى لتقديم نفسها بوصفها وجهاً عشائرياً، وهي ليست كذلك". وذكر الزغارنة أن العشائر عقدت اجتماعاً أمس السبت، قبيل بدء مراسم "عطوة عشائرية" (أحد أشكال القضاء العشائري لحل الخلافات والمشاكل)، بحضور ممثلي العشائر من مختلف مناطق الخليل، واستُبق موعد العطوة لعقد اللقاء من أجل تأكيد رفض ما ورد في هذا الموضوع من الاحتلال، وقال الزغارنة، وهو عضو في اللجنة الرئاسية العليا لشؤون العشائر: "ما نطرحه هو رفض قاطع لهذه الفكرة أينما كانت".
وفي سياق إجابته على سؤال حول الشخصيات التي يجري تداول اسمها أو صورتها، قال الزغارنة: "هناك أسماء منذ سنوات مرتبطة بالاحتلال وتحاول الظهور، لكن الأسماء التي يجري تداولها الإعلام لا تمثل سوى أنفسها. رد العشائر واضح: هؤلاء لا يمثلون سوى أنفسهم"، مضيفاً: "ما خفي أعظم. نسمع عن محاولات، لكن لا توجد لدينا أدلة تثبت صحة هذا الموضوع. هناك نفوس مريضة تحاول التواصل، لكن لا أحد من الرموز العشائرية المعروفة تتواصل مع الاحتلال أو تحاول ذلك، ولدينا قناعة تامة وإصرار على إفشال هذا المشروع".
وحول كيفية إفشال المشروع الإسرائيلي أوضح الزغارنة: "سنقاطعهم مهما كان الثمن. إذا أرادوا تقديم تصاريح عبر هذه الزعامات فلن نقبلها، وإذا أرادوا تسهيلات اقتصادية فلن نقبلها، ولن نتعاون معهم. وإذا أرادوا التعاون معنا، فلن ينجحوا، لأننا نمثل الغالبية العظمى والساحقة في المجتمع"، مضيفاً: "جميع مكونات المجتمع ستقاطعهم، بما فيها التيارات والأحزاب السياسية والفعاليات الوطنية. نحن جميعاً سند لبعضنا البعض، ولو اختلفنا في الرأي فلن نختلف على رفض هدف الاحتلال هنا".
وفي سياق حديثه عن الأشخاص الذين نُشرت أسماؤهم وصورهم على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الإسرائيلي، يوضح الزغارنة أن "معظمهم يحملون هوية إسرائيلية، وتقوم السلطة بمحاولات لملاحقتهم وتضييق الخناق عليهم، لكن خلفهم الاحتلال يدعمهم. الوضع واضح، والسلطة تتعرض لمحاولات إضعاف بكل أشكالها، ونحن نلتمس العذر للأجهزة الأمنية كون هؤلاء يعيشون في مناطق القدس أو مناطق مصنفة (ج) وفق اتفاق أوسلو أي أنّها غير خاضعة للسيطرة الفلسطينية".
ويشير الزغارنة إلى أنّ هؤلاء الأشخاص لم يظهروا علناً في القدس أو الاجتماعات أو الشوارع، كما أنهم يختفون ويبتعدون عن أنظار الناس، مؤكداً: "هؤلاء لا وزن لهم ولا حضور في المجتمع، ويستغلون أسماء العائلات لا الأشخاص، لأن من يتداول أسماءهم لا قيمة له". ويجيب الزغارنة على سؤال حول سبب استغلال الاحتلال للخليل في هذا الموضوع، بالقول: "الخليل تحكمها العادات العشائرية أكثر من الأحزاب والفصائل، وقرار العشيرة ملزم لأفرادها. التقاليد في الخليل مختلفة عن المحافظات الأخرى، والاحتلال يسعى لخلق فتنة داخل العشيرة الواحدة. وتجربة سابقة من عائلة الجعبري مطلع الشهر الماضي، أظهرت أنه حين جرى تداول اسم شخصية من العائلة في القدس، بادرت العائلة إلى التبرؤ منها".
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نشرت، في السادس من الشهر الماضي، تقريراً مفصلاً عن لقاء جمع شخصيات من عائلات كبيرة في الخليل، عُرف منهم "وديع الجعبري - أبو سند" كما عرّف عن نفسه، مع وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات، وتحدثوا عن تفاصيل خطة تشكيل إمارة في الخليل، وذلك بالتعاون مع 21 شيخاً عشائرياً يقودون بحسب التقرير أكثر من 550 ألف مواطناً في الخليل، بحسب التقرير.
وأصدر محافظ الخليل بياناً اعتبره "رداً على ما يجري من مداولات في حكومة الاحتلال حول فصل الخليل عن الجغرافيا الوطنية وتسليمها لحكم العشائر"، وجاء في البيان: "من يراهن على عشائر الخليل لتكون مطيّة أو أداة لإعادة تكريس الاحتلال فهو واهم، ولا يستطيع أحد سلخها أو فصلها عن حاضنتها الوطنية فقد كانت الخليل دوماً عنواناً للمشروع الوطني وستبقى كذلك". ودعا البيان العائلات والعشائر كافّة من خلال مجالسها وشخصياتها الاعتبارية إلى التصدي لهذه المؤامرة، وعدم تلطيخ تاريخها الناصع بتضحيات شهدائها وجرحاها وأسراها".