الاحتلال يحول بلدة سبسطية التاريخية إلى ثكنة عسكرية: مقدمات للتهويد
استمع إلى الملخص
- تداعيات الاقتحام: تعرضت عشرات المنازل للاقتحام والتخريب، وأُجبرت المحال التجارية على الإغلاق، مع منع التحركات داخل البلدة، واقتحام مقر بلدية سبسطية.
- أهداف الاحتلال: تشير المؤشرات إلى أن العملية تهدف لتهويد الموقع الأثري في سبسطية، مع تخصيص ميزانيات ضخمة لوضعه تحت إدارة "دائرة الآثار الإسرائيلية".
لليوم الثاني على التوالي، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحام بلدة سبسطية شمال غرب نابلس، شمالي الضفة الغربية، في عملية عسكرية واسعة لم تشهدها البلدة منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى قبل 38 عاماً، في ظل تخوفات من أن يكون الاقتحام بداية لتنفيذ فعلي لسياسة ضم الضفة الغربية وتهويد الموقع الأثري في البلدة.
ويحذر رئيس بلدية سبسطية محمد عازم في حديث مع "العربي الجديد" من أن البلدة التاريخية قد تكون أمام أيام وربما أسابيع من الحصار والاقتحامات، في ظل إجراءات مشددة تعيشها البلدة منذ يوم أمس الثلاثاء. وبدأت العملية العسكرية، وفق عازم، عند الساعة الرابعة من عصر الثلاثاء، حين اقتحمت قوات الاحتلال الموقع الأثري في سبسطية وأخلته بالكامل من أصحاب المحال التجارية والأكشاك السياحية، وسرعان ما توسعت العملية العسكرية لتشمل أحياء البلدة القديمة وكل شوارعها، وانتشرت قوات الاحتلال بكثافة في قلب البلدة، حيث نشر القناصة على أسطح المباني، فيما دهم الجنود عشرات المنازل وفتشوها، مخربين محتوياتها، وحققوا ميدانياً مع الأهالي.
قوات الاحتلال تقتحم بلدة سبسطية شمال غرب نابلس وتفرض حظرا للتجوال. pic.twitter.com/BTw2S3qken
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) August 27, 2025
وبلغ عدد المنازل التي تعرضت للاقتحام والتخريب، حتى صباح اليوم الأربعاء، نحو 40 منزلاً، وعمد جنود الاحتلال إلى تكسير محتويات بعضها وتخريب أثاثها، بحسب عازم. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ سلّمت قوات الاحتلال المواطن الفلسطيني راسم الشاعر قراراً بإخلاء منزله القريب من الموقع الأثري، والمكوّن من ثلاث طبقات، لتحويله إلى ثكنة عسكرية، مع السماح له ولوالدته المسنّة فقط بالبقاء في الطابق الأرضي. وبالفعل تم طرد أفراد العائلة من المنزل وتحويل الطابقين العلويين إلى ثكنة عسكرية.
ورغم عدم إعلان فرض حظر التجوال رسمياً، يؤكد رئيس بلدية سبسطية أن قوات الاحتلال تمنع عملياً أي تحركات داخل البلدة، فكل من يُعثر عليه في الشوارع يتعرض للاعتداء المباشر أو المنع من الحركة، كما أجبرت قوات الاحتلال جميع المحال التجارية على الإغلاق، بينما تعرضت بعض المحال المغلقة لخلع أبوابها وتحطيم محتوياتها، وترافق ذلك مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع المسيرة، التي تراقب تحركات الأهالي خصوصاً في المنطقة الأثرية، بينما اقتحمت قوات الاحتلال مقر بلدية سبسطية وطردت الموظفين وأخلت المبنى بالقوة.
وبحسب عازم، واصلت قوات الاحتلال إدخال تعزيزات عسكرية وآليات جديدة إلى البلدة منذ ساعات ظهر اليوم الأربعاء وحتى الآن، لم يُسجل وقوع إصابات أو اعتقالات في صفوف المواطنين، بينما تهدد قوات الاحتلال باقتحام المنازل في البلدة خلال ساعات مساء اليوم. وقال عازم إن "ما يجري اليوم لم تشهده البلدة منذ أيام الانتفاضة الأولى عام 1987، من عدوان واسع، وتحويل منازل إلى مواقع عسكرية، وانتشار جنود وقناصة في كل مكان".
ورغم أن الهدف المباشر للعملية العسكرية الإسرائيلية لم يُعلن رسمياً، يرى رئيس بلدية سبسطية أن كل المؤشرات تدل على ارتباطها المباشر بالقرارات الإسرائيلية الأخيرة المتعلقة بالموقع الأثري في البلدة، والذي يشكّل نحو 40% من مساحة سبسطية. ويشير عازم إلى أنه في الأشهر الخمسة الأخيرة، تكثفت أعمال التنقيب والحفر في الموقع الأثري بشكل يومي وسرقة الآثار.
وكانت سلطات الاحتلال أعلنت في وقت سابق تخصيص ميزانيات ضخمة لتهويد الموقع الأثري، ووضعه تحت إدارة "دائرة الآثار الإسرائيلية"، بل إقامة برج عسكري دائم داخله، بما يعني عملياً سلب ملكيته الفلسطينية وتعريفه موقعاً أثرياً إسرائيلياً. ويقضي القرار بقضم ما يقارب 1800 دونم من أراضي بلدة سبسطية وهي قرابة 40% من مساحة أراضي البلدة، وهو ما يعني أنها ستصبح أراضيَ تابعة لدائرة الآثار الإسرائيلية، تحت إشراف ضباط الإدارة المدنية الإسرائيلية، وضباط الآثار في هذه الإدارة التابعة لجيش الاحتلال.
ويرجع تاريخ سبسطية إلى العصر البرونزي عندما سكنها أقوام بدائيون، ويعتقد أنهم من قبائل الكنعانيين وفي أوائل القرن التاسع ق.م، وفيها العديد من الأماكن الأثرية التي لا تزال قائمة منها؛ البوابة الغربية، وشارع الأعمدة، والساحة المركزية، والمدرج الروماني، والبرج اليوناني، ومعبد أغسطس، وقصر الملك عمري، وكنيسة يوحنا المعمدان، والاستاد اليوناني ومعبد كوري.